ارشيف من : 2005-2008
لقاءا بري مع صفير والحريري يبردان حماوة رأسي جعجع وجنبلاط
شكّل عدم اكتمال نصاب الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية يوم الثلاثاء الماضي حافزاً لتكثيف الاتصالات والمشاورات السياسية التي يقودها رئيس مجلس النواب نبيه بري في محاولة للوصول إلى اتفاق على رئيس توافقي قبل الموعد الجديد للجلسة المقبلة التي حددها الرئيس بري في العاشرة والنصف من صباح الثلاثاء في الثالث والعشرين من شهر تشرين الأول المقبل.

وسجلت المصادر المتابعة العديد من النتائج لما جرى يوم الثلاثاء الماضي منها:
أولاً: كان أبرز ما جرى هو اللقاء المزدوج الذي حصل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس كتلة تيار المستقبل النائب سعد الحريري حيث "شكل لقاءً تأسيسياً للسير في مشاورات التوافق بهدف الوصول إلى الجلسة المقبلة وقد جرى الاتفاق على رئيس توافقي يقبل به الجميع"، ونقل عن الرئيس بري ارتياحه لأجواء اللقاء، وأنه كان لقاءً ايجابياً، وهو ما عبّر عنه النائب سعد الحريري في تصريحه بعد اللقاء الذي عبّر فيه عن ايجابية اللقاء مع الرئيس بري وضرورة تفعيل المبادرة التوافقية عبر التواصل مع جميع الأطراف خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وقد وضع الرئيس بري أفرقاء المعارضة في أجواء لقائه مع النائب سعد الحريري وما جرى خلاله من حديث بشأن الاستحقاق الرئاسي.
ثانياً: عرف الرئيس بري كيف يبرّد الرؤوس الحامية في فريق الرابع عشر من شباط خصوصاً قطبي التعطيل النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، وذلك من خلال التوقيت المدروس لزيارته إلى بكركي عشية جلسة الثلاثاء ولقائه البطرك الماروني نصر الله بطرس صفير، والتباحث معه في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي والخوض ربما في أسماء المرشحين التوافقيين، وقد أسهم هذا اللقاء في تبريد أجواء اليوم التالي حيث جاءت أجواء ساحة النجمة هادئة وغلب عليها الطابع التشاوري الجانبي بين نواب فريقي السلطة والمعارضة "ووقف عدد من نواب فريق السلطة بالصف للقاء الرئيس بري لمعرفة ما دار بينه وبين البطرك صفير، فاستقبل بعضهم واعتذر أو تعذر استقبال البعض الآخر". وبدا واضحاً أن ضغوطات اقليمية لها مونة على فريق السلطة دفعته إلى تجنب التصعيد وإبداء الحرص على التهدئة واطلاق تصريحات تفتح الباب على التوافق والحوار. وعبر عن هذا الاتجاه في الفريق الشباطي تيار المستقبل فيما كان يرغب النائب وليد جنبلاط في التوتير والسير من الجلسة الأولى بخيار النصف زائد واحد، لكن الرياح عاكسته وهو ما دفع به إلى مغادرة مقر المجلس على عجل والإدلاء بتصريح تصعيدي رفض فيه حصول أي توافق وقوله "لو حصل هذا الخيار فلكل حادث حديث".
وفي هذا السياق قال الوزير في الحكومة اللاشرعية جان أوغاسبيان وعضو كتلة المستقبل الذي حضر إلى القاعة العامة مع نواب السلطة لـ"لانتقاد" "أنا اعتبر الجو ايجابيا، وكان هناك نوع ما من التوافق بين جميع الأطراف لإفساح المجال لمبادرة الرئيس بري لكي تأخذ مداها، واللقاء الذي تم بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري يشكل نوعاً من انطلاقة مرحلة جديدة من التشاور بين القيادات السياسية". وأضاف: "المفاوضات ليست سهلة، هي صعبة جداً للوصول إلى انجاز الاستحقاق لأن هذا الموضوع له علاقة بالمرحلة القادمة، ولكن اعتقد أن هناك نوايا صادقة للاستفادة من المناخ الهادئ لإنجاز التفاهم". وعما اذا كان فريق السلطة يرى أن ما جرى الثلاثاء هو جلسة أولى حيث لم يتأمن نصاب الثلثين، وبالتالي الانتقال إلى الجلسة الثانية لانتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، قال: أوغاسبيان: "نحن نقول دعونا ندخل على حوار وتشاور بدون وضع شروط من هنا أو هناك، ودعونا نترك للرئيس بري أن يأخذ وقته في المشاورات، ونأمل انه خلال الشهر الفاصل عن الجلسة الثانية ينجز تفاهم على الاستحقاق".
نواب المعارضة حضروا بفعالية إلى مقر المجلس النيابي وتوزعوا بين بهو المجلس الخارجي ومبنى مكاتب النواب وهو ما جرى مع نواب كتل "الوفاء للمقاومة"، "التنمية والتحرير" و"التغيير والاصلاح"، هذا وحضر داخل القاعة العامة قرابة الأربعة والسبعين نائباً بينهم ثمانية وستون نائباً من فريق السلطة وأربعة نواب من المعارضة، هم ثلاثة نواب من كتلة الرئيس بري علي حسن خليل، أيوب حميد وعلي بزي، وعضو الكتلة الشعبية عاصم عراجي والنائب المستقل بيار دكاش، عضو كتلة الوفاء للمقاومة حسين الحاج حسن قال لـ"الانتقاد": نحن ندعو الى التوافق على رئيس الجمهورية كي يتأمن النصاب في الجلسة المقبلة، وبالتالي "مسؤولية فريق الرابع عشر من شباط تأمين أجواء توافقية للوصول الى التفاهم على الرئيس المقبل". وعن إمكانية التوافق قال الحاج حسن "هناك مؤشرات متناقضة، مؤشرات ايجابية تأتي من بعض هذا الفريق، ومؤشرات سلبية تأتي من نفس هذا الفريق، أيضاً الأميركيون الذين عطلوا الحلول خلال الأشهر الماضية ما زالوا على الأرجح يعطلون المحاولات التوافقية". وعن حضور نواب المعارضة الى مقر المجلس النيابي قال الحاج حسن: "انها رسالة الى اللبنانيين والى الرأي العام المحلي والعربي والدولي أن المعارضة تريد التوافق من أجل تأمين الانتخابات الرئاسية".
على خط آخر أظهرت وقائع ما حصل يوم الثلاثاء الماضي في ساحة النجمة زيف ادعاءات فريق السلطة من أن اعتصام المعارضة في وسط العاصمة يشكل عائقاً أمام وصول النواب الى مقر المجلس النيابي حيث وصل هؤلاء بكل سلاسة من المدخلين الشمالي والغربي للمجلس دون أية عراقيل تذكر، وبدا واضحاً أن الحملة التي شنها فريق السلطة مؤخراً على الاعتصام لا علاقة لها بالعامل الأمني لا من قريب أو بعيد، انما تهدف الى نزع هذه الورقة السلمية من يد المعارضة.
بجميع الأحوال فإن الفترة الفاصلة عن الجلسة المقبلة ستشهد تفعيلاً للاتصالات والمشاورات في محاولة للوصول الى توافق على الاستحقاق الرئاسي، لكن لا أحد يمكنه التكهن بمدى امكانية تحقق هذا التوافق اذا لم يعط الأميركي اشارة لفريق السلطة بتسهيل الوصول الى رئيس توافقي.
هلال السلمان
الانتقاد/ العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018