ارشيف من : 2005-2008
بعد تخفيض سقف توقعاتها من مؤتمر الخريف : رايس تكرس شروط العدو خطوطاً حمراء..
استقبل قادة الكيان الصهيوني وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس بفتور أثناء زيارتها الأخيرة إلى فلسطين المحتلة، وكما أفادت صحيفة "معاريف" العبرية فإن الفتور أريد منه "تخفيف حماستها". وذكرت الأنباء الواردة من داخل الكيان، أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت وكبار وزراء حكومته عمدوا في لقاءاتهم مع رايس إلى خفض سقف توقعاتها وتوقعات الفلسطينيين من المؤتمر الدولي بمبررات مختلفة، منها أن الوقت لم يحن بعد للغوص في القضايا الشائكة، أو أن رئيس السلطة الفلسطينية ليس قادرا على تنفيذ أي اتفاق في ظل الانقسام الداخلي. ووصف المعلق السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" شمعون شيفر، القريب بمصادره من رئيس الحكومة أولمرت، أن المفاوضات التي أجرتها رايس في القدس المحتلة، بمحاولة "إسرائيلية" "لإنزال رايس والشريك الفلسطيني أبو مازن عن الشجرة العالية التي تسلقاها في الأشهر الأخيرة". وأضاف أن أولمرت "الذي وقع في مصيدة العسل المتمثلة في اللقاءات الحميمة مع عباس، يحاول الآن الهرب عبر ادعاءات كثيرة ومختلفة". وبرر أولمرت موقفه حين قال لرايس بأن الشريك الفلسطيني "غير قادر في المستقبل المنظور على السيطرة على الضفة الغربية، ما يحتم بقاء الجيش الإسرائيلي هناك لحماية المواطنين الإسرائيليين".

وقالت صحف عبرية بالإضافة إلى موقع "معاريف" الإلكتروني، أن ليفني أوضحت لرايس أنها ليست معنية بخلق توقعات مبالغ فيها من المؤتمر المزمع، حيال الفجوات في المواقف و"البون بين رغبة رئيس السلطة محمود عباس وقدرته الفعلية على الأرض". وعلى أساس هذا الافتراض، اقترحت ليفنى أن يكرس المؤتمر مداولاته للشؤون الإقتصادية وملامح مؤسسات الدولة الفلسطينية وهيكلية أجهزتها الأمنية وسبل التنسيق بينها وبين نظيرتها "الإسرائيلية". وحسب شيفر فإن ليفني رسمت عمليا "الاتجاه "الإسرائيلي" الحالي القائل بوجوب ملاءمة التوقعات بين قدرة الجانب الفلسطيني وبين استعداد الجانب "الإسرائيلي" لإعلان نياته الآن".
في هذه الأثناء أعلنت وزارة حرب العدو في بيان لها أن الوزير إيهود باراك قدم لرايس مشروعا يتم بموجبه تفكيك 24 حاجزا في الضفة الغربية (من أصل 530 حاجزا ثابتا)، لتحسين شروط حياة الفلسطينيين وتعزيز سلطة محمود عباس. وأضاف البيان أن باراك قال لرايس: "بعد الانسحاب سنقوّم الوضع ونعمل على تفكيك حواجز أو عوائق أخرى"، وفي مقابلات مع "معاريف" و"هآرتس" شكك في قدرة عباس وسلام فياض على تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه، وحتى إن رغبا بذلك"، وحذر من "تراجع "إسرائيل" عن مواقفها المعروفة منذ 40 عاما من دون مقابل، فقط من أجل إرضاء إدارة أميركية ستنتهي ولايتها بعد عام". ولم يترك وزير المواصلات الفرصة من دون الإدلاء بدلوه أثناء وجود رايس في القدس المحتلة، فقال إن قضية القدس ليست خاضعة للتفاوض "لأننا لسنا بصدد صفقة عقارات"، وإنها ستبقى عاصمة "إسرائيل" للأبد".
إن أقطاب الائتلاف الحاكم في الكيان الصهيوني، واجهوا رايس بمواقف متشددة واحدة وكل من موقعه، ولم يتوانوا في التعبير عن تشددهم باستقبالها بفتور. وحددوا شروطهم التي تشكل خطوطا حمراء ليست قابلة للنقاش، وهي:
1- إن الكيان الصهيوني غير مستعد لمناقشة القضايا الشائكة (القدس، اللاجئين، الحدود، المياه)، بمبرر أن الشريك الفلسطيني ضعيف.
2- إن الجيش "الإسرائيلي" سيبقى في الضفة الغربية لحماية المستوطنين.
3- إن الكيان الصهيوني يقترح أن يكرس المؤتمر مداولاته للشؤون الإقتصادية والأمنية فقط.
4- الاتفاق على "بيان تفاهمات" عامة قدر الإمكان وليس نحو اتفاق مفصل.
5- يستطيع الكيان الصهيوني المساعدة في تعزيز سلطة محمود عباس وتحسين شروط حياة الفلسطينيين، من خلال تخفيف الحواجز أو العوائق الأسمنتية.
إن الشروط المذكورة وجدت تفهما لدى رايس، وبدا ذلك من خلال ما قالته في المؤتمر الصحفي المشترك مع محمود عباس في رام الله، ردا على عباس حين أثار موضوع القدس واللاجئين والمستوطنات والمياه، إن "الهدف هو المضي قدما في العملية حتى التوصل إلى وثيقة تساعد على إرساء أسس مفاوضات جدية حول قيام الدولة الفلسطينية"، وحين ألح محمود عباس على أجل زمني لمعالجة القضايا الجوهرية، قالت: "ليس من الحكمة الحديث عنه (الأجل) الآن، لكن سينظر لاحقا فيما إن كان مجديا".
برغم كل الشروط "الإسرائيلية" والتفهم شبه الكامل لرايس، أعلن محمود عباس في المؤتمر الصحفي عن الاستعداد الفلسطيني الفوري لبدء اجتماع فرق اللجان الفلسطينية "الإسرائيلية"، والعمل من أجل ضمان فرص نجاح مؤتمر الخريف بأسرع وقت ممكن. وأكد أنه أطلع رايس على تشكيلة الوفد الفلسطيني.
وهكذا تكون رايس قد عادت من المنطقة محملة بالشروط "الإسرائيلية" كخطوط حمراء، وبعد أن اطمأنت إلى موافقة الطرفين لحضور المؤتمر، والعمل من أجل ضمان فرص نجاحه، وتجاوب محمود عباس مع نصائح رايس حول الإجراءات الواجب اتخاذها للتعامل مع حكومة إسماعيل هنية في غزة.
محمد دبورة
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018