ارشيف من : 2005-2008
"تكية خاصكي سلطان" : مطبخ الفقراء والغرباء في القدس
القدس ـ ميرفت صادق
منذ ساعات الصباح الأولى في أيام شهر رمضان المبارك، يتنادى العشرات من شبان وشيوخ القدس العاملين في "تكية خاصكي سلطان" الخيرية، للبدء في إعداد وجبات الطعام الساخنة لمئات العائلات المحتاجة من سكان المدينة وضيوفها... وعند الساعة الثانية ظهرا، تفتح التكية أبوابها، حيث تصطف طوابير الفقراء والغرباء وضيوف الرحمن، للحصول على نصيبها من وجبة الإفطار اليومية، التي ما زالت تعد في هذا المكان منذ عام 964 هجرية.
ويروي الشيخ عماد أبو لبدة مدير زكاة القدس حكاية تكية "خاصكي سلطان" أو "تكية القدس"، التي لازمت ذاكرة القدس ومسجدها الأقصى، وارتبطت في ذهنية الصغار والكبار، وأمّها الناس من بقاع فلسطين كافة ليأكلوا من طعامها.
يقول أبو لبدة إن هناك تكيتين فقط في أرض الإسراء والمعراج، وهما "تكية القدس" المعروفة باسم "خاصكي سلطان" والواقعة بجوار المسجد الأقصى المبارك، والثانية "تكية سيدنا إبراهيم" عليه الصلاة والسلام في مدينة الخليل، ولذلك، يعلق الشيخ أبو لبدة بالقول: "لا يبيت في مدينتي القدس والخليل جائع".
وقد أنشئت "تكية خاصكي سلطان" في عهد "روكسيلانة" زوجة السلطان سليمان القانوني عام 960 هجرية/ 1552 ميلادية، في مبنى يقع بجوار المسجد الأقصى وضمن ما يعرف اليوم بمبنى دار الأيتام الإسلامية الصناعية.
وحسب الشيخ أبو لبدة، فقد كانت تكية القدس من أكبر المؤسسات الخيرية في فلسطين طيلة العهد العثماني، واستمرت في تقديم الخدمات للفقراء والمرابطين والمسافرين لمئات السنين.
يوم أسبوعي..
وعلى الرغم من مصادرة أوقاف التكية، من عمارات وأفران وحجرات لنوم المصلين، والتي كانت تدعم مصاريفها وخدماتها، وذلك منذ الاحتلال الاسرائيلي عام 1948، إلا أن الأوقاف الإسلامية في القدس قامت بإعادة ترميم مبنى التكية الذي تهدم بفعل الاحتلال والزمن الطويل، عام 1990، واستعادت التكية منذ ذلك الحين نشاطها في خدمة العائلات المقدسية المحتاجة وكذلك من يتمكن من الوصول إلى المدينة من أهالي الضفة الغربية.
يقول الشيخ ابو لبدة إن تكية القدس تقدم وجبات ساخنة من اللبن واللحم وشوربة "الدشيشة" التي اشتهرت بها، وهي عبارة عن قمح مجروش، مع الخبز، طيلة أيام السنة، حيث يخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لتوزيع هذه الوجبات على فقراء المدينة ومحتاجيها.
ويشير الشيخ أبو لبدة، إلى أن رواد التكية يزدادون كلما عصفت المحن بالبلاد، وازداد الفقر في المدينة، لكن بفضل الله ثم هذه التكية، "لا يبيت جائع في هذه المدينة" حيث يستفيد من هذه التكية جميع فقراء المدينة الذين يزيد عددهم حاليا عن 200 ألف نسمة.
ويضيف الشيخ أبو لبدة أن الحاجة إلى تكية القدس باتت ملحة في الفترة الأخيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تفرضها سلطات الاحتلال على المقدسيين وسكان ضواحيها، في ظل سياسات تهويد المدينة وتهجير سكانها وفرض الضرائب الباهظة عليهم وغلاء المعيشة غير المسبوق، وارتفاع نسب البطالة بين المواطنين، إلى جانب فصل المدينة عن امتدادها السكاني والمعيشي من قرى وضواح بفعل جدار الفصل العنصري، الأمر الذي أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي للأسر المقدسية عامة.
وفي أيام شهر رمضان المبارك، تنتشي التكية من جديد لتبدأ بتقديم آلاف الوجبات اليومية، سواء للفقراء والمحتاجين من سكان القدس وضواحيها، أو للمصلين الذين يتمكنون من الوصول إليها عبر الحواجز والطرق الوعرة، إلى جانب تقديمها أكثر من 80 وجبة دائمة لحراس المسجد الأقصى المبارك.
بدون إيرادات...
ويشرح الشيخ عماد أبو لبدة معاناة تكية "خاصكي سلطان"، في ظل مصادرة ريع أوقافها من قبل سلطات الاحتلال منذ العام 1948، حيث منعت عنها مصادر تمويل الخدمات والوجبات التي تقدمها وتعدها، كما أن البقية الباقية من أوقافها منحت بالمجان لمؤسسات خيرية في القدس.
ويوضح أبو لبدة: "لا يوجد حاليا أية إيرادات للتكية من أوقافها التي سجلت باسمها، ويتم تشغيل التكية بواسطة التبرعات من أهل الخير والإحسان من القدس وبلاد المسلمين".
وتقدر الكلفة اليومية لوجبات الطعام الساخنة التي تقدمها التكية يوميا، بنحو 5000 شيكل (أي ما يقارب 1300 دولار في اليوم الواحد) وذلك في الأيام العادية.
أما في شهر رمضان فيرتفع عدد المستفيدين إلى حوالي 500 عائلة محتاجة، ويزيد عدد ضيوف المسجد الأقصى وخاصة في ليلة القدر، والذين يعتمدون على التكية في الحصول على وجباتهم ما بين 1000 و3000 شخص، ويقدم لهم جميعا وجبات إفطار ساخنة مع سحورهم.
وحسب الشيخ أبو لبدة، تصل تكلفة الوجبات التي تقدمها التكية، إلى أكثر من 60 ألف شيكل شهريا في حين تبلغ الكلفة السنوية 720 ألف شيكل، أي ما يعادل (200 ألف دينار أردني).
مشاريع معلقة..
ويشير أبو لبدة، إلى أن القائمين على التكية يعدون العدة لرفع عدد العائلات المحتاجة التي تستفيد من خدمات التكية إلى 300 عائلة جديدة، بالإضافة إلى تقديم كميات من الفواكه والحلويات إلى جانب الوجبة الساخنة، لكنه يشير إلى أن ذلك قد يرتبط بمدى المساعدة التي يقدمها أهل الخير والمحسنون.
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007
![]() |
ويروي الشيخ عماد أبو لبدة مدير زكاة القدس حكاية تكية "خاصكي سلطان" أو "تكية القدس"، التي لازمت ذاكرة القدس ومسجدها الأقصى، وارتبطت في ذهنية الصغار والكبار، وأمّها الناس من بقاع فلسطين كافة ليأكلوا من طعامها.
يقول أبو لبدة إن هناك تكيتين فقط في أرض الإسراء والمعراج، وهما "تكية القدس" المعروفة باسم "خاصكي سلطان" والواقعة بجوار المسجد الأقصى المبارك، والثانية "تكية سيدنا إبراهيم" عليه الصلاة والسلام في مدينة الخليل، ولذلك، يعلق الشيخ أبو لبدة بالقول: "لا يبيت في مدينتي القدس والخليل جائع".
وقد أنشئت "تكية خاصكي سلطان" في عهد "روكسيلانة" زوجة السلطان سليمان القانوني عام 960 هجرية/ 1552 ميلادية، في مبنى يقع بجوار المسجد الأقصى وضمن ما يعرف اليوم بمبنى دار الأيتام الإسلامية الصناعية.
وحسب الشيخ أبو لبدة، فقد كانت تكية القدس من أكبر المؤسسات الخيرية في فلسطين طيلة العهد العثماني، واستمرت في تقديم الخدمات للفقراء والمرابطين والمسافرين لمئات السنين.
يوم أسبوعي..
وعلى الرغم من مصادرة أوقاف التكية، من عمارات وأفران وحجرات لنوم المصلين، والتي كانت تدعم مصاريفها وخدماتها، وذلك منذ الاحتلال الاسرائيلي عام 1948، إلا أن الأوقاف الإسلامية في القدس قامت بإعادة ترميم مبنى التكية الذي تهدم بفعل الاحتلال والزمن الطويل، عام 1990، واستعادت التكية منذ ذلك الحين نشاطها في خدمة العائلات المقدسية المحتاجة وكذلك من يتمكن من الوصول إلى المدينة من أهالي الضفة الغربية.
يقول الشيخ ابو لبدة إن تكية القدس تقدم وجبات ساخنة من اللبن واللحم وشوربة "الدشيشة" التي اشتهرت بها، وهي عبارة عن قمح مجروش، مع الخبز، طيلة أيام السنة، حيث يخصص يوم الثلاثاء من كل أسبوع لتوزيع هذه الوجبات على فقراء المدينة ومحتاجيها.
ويشير الشيخ أبو لبدة، إلى أن رواد التكية يزدادون كلما عصفت المحن بالبلاد، وازداد الفقر في المدينة، لكن بفضل الله ثم هذه التكية، "لا يبيت جائع في هذه المدينة" حيث يستفيد من هذه التكية جميع فقراء المدينة الذين يزيد عددهم حاليا عن 200 ألف نسمة.
ويضيف الشيخ أبو لبدة أن الحاجة إلى تكية القدس باتت ملحة في الفترة الأخيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تفرضها سلطات الاحتلال على المقدسيين وسكان ضواحيها، في ظل سياسات تهويد المدينة وتهجير سكانها وفرض الضرائب الباهظة عليهم وغلاء المعيشة غير المسبوق، وارتفاع نسب البطالة بين المواطنين، إلى جانب فصل المدينة عن امتدادها السكاني والمعيشي من قرى وضواح بفعل جدار الفصل العنصري، الأمر الذي أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي للأسر المقدسية عامة.
وفي أيام شهر رمضان المبارك، تنتشي التكية من جديد لتبدأ بتقديم آلاف الوجبات اليومية، سواء للفقراء والمحتاجين من سكان القدس وضواحيها، أو للمصلين الذين يتمكنون من الوصول إليها عبر الحواجز والطرق الوعرة، إلى جانب تقديمها أكثر من 80 وجبة دائمة لحراس المسجد الأقصى المبارك.
بدون إيرادات...
ويشرح الشيخ عماد أبو لبدة معاناة تكية "خاصكي سلطان"، في ظل مصادرة ريع أوقافها من قبل سلطات الاحتلال منذ العام 1948، حيث منعت عنها مصادر تمويل الخدمات والوجبات التي تقدمها وتعدها، كما أن البقية الباقية من أوقافها منحت بالمجان لمؤسسات خيرية في القدس.
ويوضح أبو لبدة: "لا يوجد حاليا أية إيرادات للتكية من أوقافها التي سجلت باسمها، ويتم تشغيل التكية بواسطة التبرعات من أهل الخير والإحسان من القدس وبلاد المسلمين".
وتقدر الكلفة اليومية لوجبات الطعام الساخنة التي تقدمها التكية يوميا، بنحو 5000 شيكل (أي ما يقارب 1300 دولار في اليوم الواحد) وذلك في الأيام العادية.
أما في شهر رمضان فيرتفع عدد المستفيدين إلى حوالي 500 عائلة محتاجة، ويزيد عدد ضيوف المسجد الأقصى وخاصة في ليلة القدر، والذين يعتمدون على التكية في الحصول على وجباتهم ما بين 1000 و3000 شخص، ويقدم لهم جميعا وجبات إفطار ساخنة مع سحورهم.
وحسب الشيخ أبو لبدة، تصل تكلفة الوجبات التي تقدمها التكية، إلى أكثر من 60 ألف شيكل شهريا في حين تبلغ الكلفة السنوية 720 ألف شيكل، أي ما يعادل (200 ألف دينار أردني).
مشاريع معلقة..
ويشير أبو لبدة، إلى أن القائمين على التكية يعدون العدة لرفع عدد العائلات المحتاجة التي تستفيد من خدمات التكية إلى 300 عائلة جديدة، بالإضافة إلى تقديم كميات من الفواكه والحلويات إلى جانب الوجبة الساخنة، لكنه يشير إلى أن ذلك قد يرتبط بمدى المساعدة التي يقدمها أهل الخير والمحسنون.
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018
