ارشيف من : 2005-2008

غزة: هل بات الاجتياح الواسع قريباً؟

غزة: هل بات الاجتياح الواسع قريباً؟

كتب يحيى دبوق

تجمعت جملة من المعطيات في الاونة الاخيرة، على صعيد المواجهة بين الفلسطينيين والكيان الإسرائيلي، تشير الى نية إسرائيلية مبيتة لتوجيه ضربة غير مسبوقة الى قطاع غزة، اخرها اعلان وزير الحرب الإسرائيلي ايهود باراك ان "إسرائيل" تقترب من شن حملة عسكرية واسعة النطاق على القطاع.
ويعتبر تصريح باراك الاخير، تكرارا لتصريحات سبق وأطلقها في الاسابيع الاخيرة، اضافة الى تصريحات لمسؤولين إسرائيليين اخرين، تشير الى مستوى الاحتقان الإسرائيلي من الوضع القائم في قطاع غزة، وتسلط حماس فيه، خاصة انه يأتي متساوقا مع اعلان الحكومة الامنية الإسرائيلية المصغرة قراراها بأن ما سمته "حماستان" هي ارض معادية، في اشارة الى القطاع بعد سيطرة حركة حماس عليه، مع اقرار لسلّم خطوات تصعيدية غير انسانية، ليس اقلها قطع الكهرباء والوقود عن ساكني غزة، وإن بشكل تدريجي ربطا بإطلاق الصواريخ تجاه مستوطنات "غلاف غزة".
من  جهتها، اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس، خلال الزيارة الاخيرة التي قامت بها الى فلسطين المحتلة للاعداد لمؤتمر واشنطن المزمع عقده في منتصف تشرين الثاني المقبل، عن تأييدها لاعلان "إسرائيل" قطاع غزة كيانا معاديا، مضيفة ان بلادها تعتبر حركة حماس منظمة ارهابية معادية للولايات المتحدة. الامر الذي يشير الى ان الادارة الاميركية على استعداد للموافقة على الخطوات الإسرائيلية المتبعة تجاه غزة واطلاق يد "إسرائيل" فيها.
من ناحية الولايات المتحدة الاميركية، يتوجب التأكيد بأن اي خطوة تتخذها او تشجع عليها في فلسطين المحتلة، وفي المنطقة بشكل عام، لا تخرج عن التوجه العام الحاكم للفعل الاميركي في المنطقة المنطلق اساسا من الاوضاع العراقية وتردي وضع الاحتلال فيه، من هنا يتوجب النظر الى مؤتمر واشنطن كخطوة يجري المراهنة عليها اميركيا، تأسيسا لخطوات لاحقة ما زالت غير مرصودة، سواء في فلسطين المحتلة نفسها، او في المنطقة بشكل عام.
من ناحية "إسرائيل"، قد تكون اجندة العمل الإسرائيلية مختلفة في التفاصيل مع الولايات المتحدة برغم انها راغبة او مضطرة الى الموافقة على السياسات العامة المتبعة اميركيا في المنطقة كون التداعيات السلبية او الايجابية لاي خطة او تحرك اميركي في المنطقة تنعكس بشكل تلقائي على "إسرائيل"، سلبيا او ايجابيا. لكن يشار ايضا الى انه وبرغم ان منسوب الرغبة والحافزية الإسرائيلية عالية جدا لتوجيه ضربة الى الفلسطينيين في قطاع غزة، في حده الادنى باتجاه تلقينهم درسا لا ينسى، او في حده الاقصى بالقيام بعملية اجتياح عسكرية واسعة النطاق، بدأت تظهر تأسيساته الحشدية من الان، الا ان القدرة الإسرائيلية على تفعيل النوايا التصعيدية تتواجه مع جملة من العقبات العملية، والعقبات السياسية المتأتية من الظروف القائمة حاليا، وتحديدا مؤتمر واشنطن ومستلزماته لجهة التهدئة وعدم الوقوع في اخطاء تحرج الجانب العربي وتؤدي الى مقاطعته، بمعنى ان الولايات المتحدة لن تسمح لإسرائيل بخطوات تعرقل مساعيها وخططها اللاحقة على مؤتمر واشنطن، لكنها ستسمح لها دون ذلك وفي مستويات اظهر العالم، وايضا العرب، وحتى الفلسطينيون ايضا، انهم لا يرونها تصعيدا يوجب عليهم تحركا ما، على شاكلة التصفيات والمجازر الموضعية المتنقلة، سواء في القطاع او الضفة الغربية.
بين هذا وذاك، يغلب التقدير ان تبقي "إسرائيل" على منسوب من التصعيد المحدود نسبيا، اذا ما جرت مقارنته بالاجتياح الكبير المزمع تفعيله في مرحلة لاحقة، على ان يجري تحديد ضوابطه وأطره:
ستسعى "إسرائيل" في المرحلة الحالية الى العمل على اعادة تفعيل سياسة الاغتيالات من الجو، وبشكل اكثر كثافة، وهو ما بدأت تظهر بداياته في الايام الاخيرة، كرد على العمليات المنطلقة من القطاع او غير القطاع.
مواصلة الحشد العسكري حول القطاع، سواء لجهة توظيفه في الردع المراد من خلاله منع العمليات الفلسطينية المنطلقة من القطاع او تخفيف منسوبها وحجمها، وسواء لجهة تحقيق الاستعداد المطلوب في حال تغير الظروف السياسية والموضوعية نحو اجتياح عسكري كبير.
في اي حال، يتوجب التأسيس على الحافزية الإسرائيلية المرتفعة والنوايا التصعيدية المبيتة تجاه قطاع غزة وحماس تحديدا، على انها مؤشر حقيقي نحو الاجتياح، قد يصل الى درجة الدليل عليه. لكن حجم الاجتياح العتيد والقوى المشاركة فيه، تحتاج الى دراسة وتحليل خاص.
الانتقاد/ العدد 1234 ـ 28 أيلول/ سبتمبر 2007    

2007-09-28