ارشيف من : 2005-2008

هل ترممت قدرة الردع الإسرائيلية وكيف؟

هل ترممت قدرة الردع الإسرائيلية وكيف؟

إعداد : جهاد حيدر
حظي إعلان رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية اللواء عاموس يادلين، عن ان قدرة الردع الإسرائيلية ترممت في أعقاب الحرب التي شنها الجيش الإسرائيلي على لبنان العام الماضي، باهتمام شديد في الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية. وخاصة انه حدَّد أن ترميمها "يؤثر على كل المنظومة الإقليمية التي تشمل إيران وسوريا".
وعكس اهتمام المراقبين والاختصاصيين بكلام يادلين درجة الغرابة التي قوبل بها كلامه وهو ما يدفع إلى التساؤل عن الاعتبارات التي انطلق منها في اطلاق هذا التقدير الإشكالي ومدى واقعيته على ارض الواقع؟.
- برغم عدم تصريحه المباشر، الواضح ان تقدير يدلين يرتبط مباشرة بالعملية الجوية الإسرائيلية في سوريا (صباح 6 أيلول)، ويتعزز هذا الربط اكثر مع افتراض صحة التسريبات الصحافية والتقديرات بأن ما جرى ليس عملية استطلاعية وانما هجوم إسرائيلي على هدف ما على الاراضي السورية، بغض النظر عن طبيعته والنتائج التي أسفر عنها.
- ينطوي تقدير رئيس الاستخبارات على إقرار مباشر بأن قدرة الردع الإسرائيلية تصدعت خلال عدوان تموز الماضي، عندما حاولت إسرائيل القضاء على القدرات العسكرية والقتالية لحزب الله بهدف إسقاط لبنان عبر إلحاقه بالكامل في المحور الأميركي الإسرائيلي في المنطقة. والواضح أن يدلين حاول استغلال العملية الجوية الإسرائيلية في سوريا لاعادة تقديم إسرائيل على أنها استعادت صورتها كدولة صاحبة ذراع طويلة قادرة على المبادرة...
- المؤكد أن حديث يدلين بأن العملية الجوية رممت قدرة الردع الإسرائيلية، يستند إلى أن سوريا لم ترد على الاعتداء الإسرائيلي، ايا كانت طبيعته، كما أن الذهاب إلى إعطاء بعد اقليمي واسع لهذه العملية ينطلق من اعتبار ما جرى انه رسالة مدوية لايران تفيد بأن إسرائيل لن تقبل بإيران نووية وستبادر إلى أي وسيلة في مواجهة هذا الخيار.

مدى واقعية ودقة تقدير الاستخبارات
لا يمكن تجاوز حقيقة أن إسرائيل وجهت ضربة إلى سوريا ذات مردود إيجابي على صورتها بعد حرب لبنان برغم المعرفة المسبقة بطبيعة وحجم قدراتها وخياراتها، لكن إلى جانب ذلك لا بد من إيراد التوضيحات والردود التالية:
- يبدو واضحا ان يدلين تسرع في إطلاق موقف نهائي حول نتائج هذه العملية على قدرات إسرائيل الردعية وخاصة انه لم يمر سوى بضعة ايام عليها، ومن غير المؤكد ما ستكون عليه التداعيات النهائية لهذه العملية، وهو امر يقر به الاسرائيليون ويعكسه مستوى القلق والاستنفار الذي تشهده الأجهزة الأمنية والعسكرية  الإسرائيلية. وبعبارة أدق لا يمكن الجزم حتى الآن أن المسار الذي شكلت العملية الجوية نقطة انطلاق له، قد استنفد، وبالتالي لا يدعي احد من الاسرائيليين، بمن فيهم يدلين نفسه، ان إسرائيل لن تدفع ثمنا على اعتدائها على سوريا.
- ينبغي التأكيد انه من المستبعد أن تكون سوريا، قبل الضربة الإسرائيلية وبعدها، في موقع المبادرة إلى شن هجوم عسكري على أهداف إسرائيلية، لاعتبارات متعددة وواضحة من أبرزها التفوق التكنولوجي والعسكري الإسرائيلي الهائل. وعليه لم نكن أمام مشهد كانت فيه سوريا في وارد الهجوم ثم امتنعت بعد هذه الضربة. كما انه من المستبعد ان يكون لهذه الضربة اية اثار تتعلق بتوجهات ومواقف القيادة السورية تجاه قضايا المنطقة.
في هذا السياق ينبغي الالتفات إلى أن تعبير الردع المستخدم في مجال وصف العلاقات والأوضاع القائمة بين أطراف الصراع ينقسم إلى أنواع ومستويات. وفي الحالة الإسرائيلية لا تعني القدرة على الردع من استخدام اسلحة غير تقليدية، بالضرورة، قدرة على ردع الجيوش النظامية من شن حروب أو هجمات عسكرية محدودة. كما لا تعني القدرة على الردع في المجالين الانفين، بالضرورة، ردع الحركات الشعبية من شن عمليات مقاومة أو توجيه ضربات أمنية محدودة. وهي حقيقة ينطق بها الصراع الذي شهدنا، وما زلنا، في فلسطين ولبنان.
وعليه نسأل اين تعزيز قدرة الردع الإسرائيلية في مواجهة ايران، هل قررت الأخيرة التراجع عن برنامجها النووي؟ ام غيرت موقفها من وجود إسرائيل أو من دعم فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين.
هل تراجعت سوريا عن مواقفها المتعلقة بالتسوية مع إسرائيل والمطالبة بالانسحاب من الجولان؟ وهل غيرت مواقفها من المقاومة في لبنان وفلسطين؟.
اما بخصوص لبنان هل تتوقع إسرائيل انه يمكن لها بأن تستبيح لبنان عبر شن اعتداءات عسكرية دون ان تواجه بردود متناسبة؟ وهل هناك من جديد على صعيد المطالب الإسرائيلية بخصوص نزع سلاح المقاومة؟
واستنادا إلى ما تقدم يبقى السؤال الذي تبقى فيه الكلمة الأخيرة لتطورات المستقبل، هل ارادت الاستخبارات القيام بدعاية اعلامية للتخفيف من وطأة تداعيات الهزيمة في لبنان؟ ام انها فعلا ستقع مرة أخرى في فخ التصورات والتقديرات الخاطئة التي ستعود على المنطقة بمزيد من التأزم والتدهور الأمني، وعلى قدرة الردع الإسرائيلية بمزيد من التصدع.
جهاد حيدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

استعادة قدرة الردع ليست بهذه السهولة
يديعوت أحرونوت/ اللواء المتقاعد يوسي بن آري/ هو من كبار المسؤولين السابقين في الاستخبارات، ومحاضر رئيسي في كلية الامن القومي/19/9/2007
 
 
....هل فعلا يمكن استعادة التاج إلى سابق عهده؟، وفقط في غضون عام؟.
ثانيا: برغم الترميم السريع لقدرة الردع، فإن صواريخ القسام (التي هي بحسب كل الآراء، جزء من المنظومة الإقليمية)، مستمرة بالسقوط في النقب الغربي.
ثالثا: كان يمكن أن نرى قدرة الردع المرممة، تدفع بإيران الى تصرف مغاير قليلا في الموضوع النووي. وبرغم ذلك عاد أحمدي نجاد وأوضح مباشرة بعد التهديد بالحرب من قبل وزير الخارجية الفرنسي، أنه ليس بنيته وقف المشروع النووي. ويبدو كما أسلفنا ليس فقط أن قدرة الردع الإسرائيلية لا تساعد في هذه المواجهة، بل حتى قدرة ردع كل الغرب أيضا.
وفي النهاية أيضا مع وجود منظومة استخبارات ممتازة، من الصعب جدا، قياس قدرة الردع التي تخلقها الدولة: الردع ليس منتجا متكاملا أو أمرا محسوسا يمكن قياسه ماديا أو كميا. الردع هو مصطلح متفلت ومجرد، هو شكل، يخلع ويلبس غطاء وفق الظروف... الصورة الردعية لإسرائيل بعيون الرئيس الإيراني لا تشبه الصورة التي يراها الرئيس السوري، وهي بالطبع تبدو مغايرة عن تلك التي يراها (السيد) نصر الله، أو قادة حماس والجهاد الإسلامي، وكل الجهات الإرهابية الأخرى على الساحة الفلسطينية.

الردع لا يرمم في لحظة
افتتاحية  هآرتس  - أسرة التحرير/18/9/2007

سارع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، عاموس يدلين بقدر زائد لان يبلغ لجنة الخارجية والأمن في الكنيست بان "الردع الإسرائيلي رمم". الردع هو كلمة جميلة ومشجعة ولكن من الصعب قياسها. من الأسهل قياس وتشخيص الغرور والرضى المبالغ فيه. اذا كانت هناك حقا من عملية هجوم في سوريا أربكت التعاون الإيراني – السوري – الكوري الشمالي في مجال نشر السلاح النووي، وإذا كانت العملية بالفعل مخططا لها بجدية شديدة أكثر من حرب لبنان الثانية، واخذت فيها بالحسبان ما يكمن فيها من مخاطر – فثمة في ذلك ما يشجع...
رئيس شعبة الاستخبارات تحدث أمام لجنة الخارجية والامن بينما تبلور لجنة فينوغراد استنتاجات عن القصور التاريخي في قتال إسرائيل القوية ضد منظمة حرب  عصابات صغيرة نسبيا، يعد يدلين جزءا منه. قدرة الردع الإسرائيلية تقاس كل يوم أيضا في غربي النقب، حيث تسقط مئات صواريخ القسام في الشهر ولا تنجح إسرائيل في إيجاد رد رادع لها. من الصعب أن ننسى أيضا هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية عندما تبينت هذه قبل سنة فقط والقدرة الكامنة لدى الانتحاريين ممن لا يردعهم شيء.
الردع ليس علما دقيقا، وفي نهاية المطاف فإن ما يقرر هو خوف العدو المسلح جيدا من استخدام الترسانة التي في حوزته. وحتى وقت قصير مضى تعاملت حكومة ايهود أولمرت مع حرب لبنان الثانية كحرب عززت الردع، وها هو رئيس شعبة الاستخبارات بعد سنة يتحدث عن ردع تضرر في لبنان ورمم.
في كل مرة تتباهى فيها إسرائيل بقوتها العسكرية ينبغي أن نتذكر قيودها وقصوراتها. وينبغي التعلل بالأمل بأن أقوال يدلين التي أخرجت من سياقها الكامل، وانه إذا كانت هناك عملية عسكرية ناجحة في سوريا بالفعل فإنها لن تدفع أحدا للتذكير بأن الضعف الذي أظهرته إسرائيل في حرب لبنان وكأنه لم يكن.

عجرفة إسرائيلية
يديعوت  عاموس كرميل/18/9/2007

طوال هذه الفترة لم ترتدع سلطات حماس في غزة من إسرائيل قدر الحاجة للكف عن انتاج صواريخ القسام واستعمالها. وفي هذه الأثناء لم يرتدع رجال حزب الله عن تجديد منظومة صواريخهم. ويبدو ايضا ان الإيرانيين لم يرتدعوا الى حد الكف عن جهودهم التي لا تكل لانتاج القنابل الذرية. اذا كان جميع هؤلاء لم يرتدعوا فإنه يوجد أساس مشوه للقول ان الردع الإسرائيلي قد يكون تحسَّن شيئا ما منذ صيف 2006، لكنه لم يُعد بناؤه بالتأكيد.
فوق ذلك، اعلان يادلين اعادة البناء تعبير واضح عن العجرفة الاسرائيلية التي يكمن فيها دائما قدرة على إحداث الضرر. مكانها هو الى جانب تصريحات مثل "قناة السويس هي العائق الأفضل في العالم للدبابات"، أو "اذا نشبت مشكلة عسكرية في لبنان فسنرسل الى هناك الفرقة الموسيقية للجيش الاسرائيلي". إذا كان أحد قد اعتقد ان الثمن الباهظ من الدماء شفانا من هذا الانفعال الزائد، فقد جاء الآن اللواء يادلين وبرهن على انه يوجد مكان للتحسين، بل لاعادة البناء.
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007

2007-09-28