ارشيف من : 2005-2008
المحيط الاستراتيجي لإسرائيل ينطوي على أخطار محدقة
أظهرت حرب لبنان الثانية الإشكاليات وعدم الاستقرار في المحيط الاستراتيجي لإسرائيل، ومست
بصورة الردع الإسرائيلية، وكشفت نقاط ضعف أساسية وبنيوية في الجيش الإسرائيلي، وبعملية اتخاذ القرارات في إسرائيل.
في العام 2006 تفاقمت التهديدات المحدقة بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، كنتيجة لعدم التقدم باتجاه اتفاق على الساحة الفلسطينية، من الإصرار والتقدم الإيراني لاكتساب الخيار النووي العسكري، ومن عدم تحقيق إنجازات في محاربة الإرهاب العالمي والتطرف الإسلامي وفشل المساعي الأميركية لاستقرار الوضع في العراق.
في الجانب الإيجابي لموازين القوى، يجب الإشارة إلى علاقات التقارب مع الولايات المتحدة والى تحسن العلاقات مع المجتمع الدولي. السلام مع مصر والأردن مصان وقوي ووجود مؤشرات على تقاطع مصالح مع دول أخرى. ولا تزال إسرائيل تتمتع بالتفوق العسكري الكبير المرتبط أيضا بقدرة اقتصادية محسنة.
المحيط الاستراتيجي لإسرائيل برز كمحيط إشكالي في العام 2006. حيث تفاقمت التهديدات المحدقة بالأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، نتيجة لعدة عناصر مرتبط بعضها ببعض، من بينها عدم تحقيق تقدم باتجاه التوصل إلى اتفاق على الساحة الفلسطينية، السعي الإيراني إلى القدرة النووية العسكرية، فقدان إنجازات في الصراع ضد الإرهاب العالمي والتطرف الإسلامي، فشل المساعي الأميركية لاستقرار الوضع في العراق، التحدي المتزايد الذي يشكله ائتلاف غير رسمي من لاعبين من دول ومنظمات، الذي يهدف لتغيير الوضع القائم حاليا، من خلال التلويح براية معاداة الغرب. ويقف على رأس هذا الائتلاف إيران، التي شكل اقصاء صدام حسين والتورط الاميركي في العراق (وافغانستان) رافعة ايجابية لمصلحة سيطرتها الاقليمية. ومن المظاهر الدالة على الطموح الإيراني (وأيضا على الشعور بتهديدها) هو سعيها الصلب لامتلاك القدرة النووية العسكرية.
* في مقابل السعي الإيراني، يقف العالم العربي مفككاًَ ومبعثراً لان زعماءه يصارعون على بقائهم. الدولة العربية فقدت القوة لمصلحة المنظمات غير الحكومية، واللاعبون غير العرب هم عناصر القوة الأساسية في المنطقة.
* السعي الإيراني لاكتساب القدرة النووية العسكرية حصل على دعم جماهيري واسع هناك. وسيكون لنجاحها المحتمل انعكاسات بعيدة المدى على المنطقة وخارجها. على الرغم من القلق المتزايد في المجتمع الدولي، الذي عُبِّر عنه بالقرار 1736، هناك شك إن كانت العقوبات المؤثرة ستنفذ. والوقت يلعب لمصلحة إيران، ومن دون عملية عسكرية، السلاح النووي بيد إيران هو فقط مسألة وقت.
* الفشل الأميركي في العراق مس بمكانة الولايات المتحدة في المنطقة. لا يوجد لإسرائيل ما تربحه من استمرار الوجود الأميركي في العراق. ويبرز تآكل واضح في الاستعدادات الأميركية (والبريطانية) لمواصلة جهودها في العراق. وسيبقى العراق يشع حالة من عدم الاستقرار، وهو على حافة اندلاع حرب أهلية شاملة، ومصيره سيتراوح بين عدم الاستقرار والبلقنة.
* في لبنان، لم يمنع قرار مجلس الأمن 1701 إعادة تسليح حزب الله، الموجود الآن في حالة هجوم سياسي داخلي لإسقاط الحكومة اللبنانية، أو على الأقل الحصول على الفيتو في قراراتها ونشاطاتها. من المعقول على المدى القصير ان يحافظ حزب الله على الهدوء في الحدود مع إسرائيل من اجل السماح بإعادة تأهيل منظومته ومواقعه.
* الحرب التي خاضتها إسرائيل في لبنان تعتبر بنظر الخصوم والحلفاء سوية على أنها فشل إسرائيلي. على مستوى آخر، أظهرت الحرب بشكل جدي استهداف العمق الإسرائيلي وفقدان الرد الفعال على مشكلة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
* سوريا، في حالة ضعف استراتيجي، تدرس خطوات لتحسين مكانتها، وتتمحور على اقتراح البدء بمفاوضات مع إسرائيل. حتى لو كان هناك شك بخصوص قدرة الرئيس السوري بشار الأسد "للقيام بالصفقة"، من الأجدر دراسة الموقف السوري عن قرب.
* على الحلبة الفلسطينية، التي تتميز بتورط جهات خارجية فيها، تتواصل عملية التفكك. حماس تحارب على مكانتها مقابل فتح وقوات أخرى، المستعدين لتسوية العلاقات مع إسرائيل، ويتعاطفون مع الدول السنية في المنطقة. حالة عدم الرضا السائدة في الجمهور الفلسطيني ازاء حكومة حماس تشجع فتح (بتأييد دولي) للعمل بقوة كبيرة ضدها. ومن المشكوك فيه إن كانت حماس ستغير في القريب مواقفها التقليدية. ولذلك لا نتوقع أن تتنازل المنظمة عن الحكم دون صراع.
* حماس معنية بالتهدئة مع إسرائيل من اجل تركيز حكمها. لكنها تجد صعوبة في الصمود مقابل المنظمات التي تواصل العمل ضد إسرائيل التي من المحتمل أن تخلق من جديد دائرة من الردود والردود المضادة. في الإجمال الانطباع هو وجود صعوبة بارزة لإيجاد رافعة تسمح بالتقدم نحو اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين.
* محور "المقاومة"، الذي يتلقى ايحاءاته من إيران، يشكل مصدر قلق للدول في المنطقة وخارجها. الصراع السني ـ الشيعي يوجد فرصة لإسرائيل لتحسين علاقاتها مع لاعبين مهمين في العالم العربي. قدرتهم على العمل المشترك مرتبطة بالتغلب على المعارضة في الرأي العام العربي. ومن اجل تحقيق ذلك هناك حاجة لتحقيق مسعى مباشر لكسر الجمود الخاص في الموضوع الفلسطيني، وأيضا (وبنسبة اقل) في العلاقات مع سوريا.
* المدلول العملي لصورة الواقع هو وجود وضع سيال مع إمكانية حصول تغيرات سريعة. وتشير الوقائع التي تطورت في السنتين الأخيرتين إلى انه لا يوجد شيء ثابت لمعالجة المواضيع الموجودة على جدول الاعمال.
في النطاق العسكري
1. لا تزال إسرائيل تتمتع بالتفوق العسكري الكبير، من حيث النوعية والكمية وأيضا من جهة التفوق الاستراتيجي لسلاح الجو الإسرائيلي، لكن إلى جانب ذلك تندرج حقيقة القدرة على ضرب العمق الإسرائيلي. ولقد استطاع حزب الله عبر وسائل بسيطة نسبيا مثل الوسائل القتالية ذات النيران القوسية (من السهل استخدامها من قبل العصابات) خلق تأثير نفسي وفعلي، ترك اثره القوي على الجمهور الإسرائيلي. وعزَّزت الحرب في لبنان من الإصرار الفلسطيني على التزود بهذه الوسائل، وبناءً على هذه العبر طرحت برامج تجهيز بالأسلحة، وبناء القوة لدول أخرى في المنطقة.
ـــــــــــــــــــــــ
قائد المنطقة الشمالية: كنا نعرف أن الحرب على لبنان لن تعيد الجنود الأسرى ومع ذلك باشرنا الحرب
اعترف قائد المنطقة الشمالية في كيان العدو المايجر جنرال غادي أيزنكوت أن قوات حرب العدو باشرت في عملية خوض الحرب على لبنان برغم معرفتها المسبقة أنها لن توصل إلى استعادة الجنديين الاسيرين.
وقال أيزنكوت: "بعد ساعتين من عملية "الخطف" بات واضحاً لدينا انه لا مجال لاستعادة الاسيرين من خلال أي عمل عسكري".
كلام أيزنكوت جاء خلال حوار مع طلاب مدرسة في مستعمرة نهاريا.
وأكد أيزنكوت "ان الجيش الصهيوني قرر ان يكون الرد ضمن فترة تمتد من 4 إلى 6 أيام فقط، لكن الوضع تغير والحرب استمرت لأكثر من شهر".
وأضاف أيزنكوت: "ان الهدف الرئيسي للحرب كان توجيه ضربات قاصمة لحزب الله وعلى اهداف محددة، ومن ثم "إخراجهم" من منطقة عملهم وإعادتها إلى السيادة اللبنانية"، ودائماً بحسب الصحيفة.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات من جيش الاحتلال حضرت الى مكان الحوار على تلة في محيط نهاريا وأخرجت مندوبي وسائل الإعلام، وقال الناطق باسم جيش الاحتلال ان كلام أيزنكوت لم يحظَ بموافقة مسبقة من رئيس هيئة الاركان في جيش العدو غابي اشكينازي.
ماذا بعد.. وإلى اين، لمن ينتظر، الايام المقبلة ستكون كفيلة بكشف الكثير ولا سيما أن تقرير "فينوغراد" بات قريب الصدور نهاية الاسبوع او مطلع الاسبوع المقبل كحد أقصى.
الانتقاد/ العدد1212 ـ 27 نيسان/أبريل 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018