ارشيف من : 2005-2008

رسائل جنبلاط الأخيرة : تنفيذ أمر عمليات أميركي لتدويل الاستحقاق الرئاسي

رسائل جنبلاط الأخيرة : تنفيذ أمر عمليات أميركي لتدويل الاستحقاق الرئاسي

ماذا لو تُرك الأمر لوليد جنبلاط في حكم البلاد وبناء الدولة؟ سؤال بات مطروحا منذ أن شُرع لبنان لعصبة القرارات الدولية، التي اتخذ منها جنبلاط سيفا مصلتا على من يعارضه، وهو الذي كان يقول دائما: لا تنسوا هناك القرار 1559. ومنذ تاريخ إصدار هذا القرار في العام 2004 بات هذا الرجل غارقا في توسعة التدخل الأجنبي لوضع لبنان تحت رحمة التدويل، وهو ما عبر عنه صراحة في اكثر من محطة. اذ أن الأدبيات السياسية للنائب وليد جنبلاط باتت محكومة بين الأمم المتحدة وما يتفرع عنها من قرارات مجلس الأمن الدولي، وبين الولايات المتحدة الاميركية. لكن الغريب أن جنبلاط عندما يتكلم فإنه يتحدث باسم الشعب اللبناني، وليس باسمه الشخصي، لتحقيق طموحاته.
وأحدث ما طالب به جنبلاط كان بتاريخ الأول من تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2007 عندما بعث برسائل الى عدد من قادة الدول من بينهم الاميركي والروسي والصيني والفرنسي والسعودي والمصري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمنسق السياسي في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والأمين العام للأمم المتحدة عمرو موسى وأعضاء الكونغرس الاميركي، فضلا عن عدد من رؤساء الأحزاب الاشتراكية الدولية والأوروبية. واستنجد جنبلاط في رسائله بإتمام الاستحقاق الرئاسي وفق القرار 1559. وقال إن الشعب اللبناني بحاجة اكثر من أي وقت مضى الى دعم المجتمع الدولي للتأكد من تخطي مسلسل الاغتيالات السورية الهادفة الى تدمير لبنان حسب ادعائه، مؤكدا الأهمية القصوى للعمل بموجب القرار 1559 لإتمام الاستحقاق الرئاسي.
وتعليقا على رسالة جنبلاط، رأت مصادر قريبة من المعارضة أن "رسالة جنبلاط جزء من تنفيذ أمر عمليات أميركي يتعلق بتدويل الاستحقاق الرئاسي كخيار جدي يمكن أن تذهب إليه إدارة بوش في إطار إشعال الحرائق في لبنان ووضع اليد على الرئاسة الأولى خلافا للدستور عبر الإتيان بشخصية تنتمي الى تحالف الموالاة، وتلتزم بالأجندة الاميركية في المنطقة".
ورأت المصادر ان "اغتيال النائب انطوان غانم والحملة السياسية التي استثمرت هذه الجريمة هما حلقتان مترابطتان في مخطط واحد. فواقعيا اثبت الجيش اللبناني قدرته الكلية على حفظ امن الاستحقاق الرئاسي، ولكن بدأت الحملة الهادفة للتدويل بتصريحات المبعوث (الإسرائيلي) تيري رود لارسن في روما، وبالربط الاميركي بين الاستحقاق والقرار 1559. وبالتالي فإن جنبلاط حامل كلمة السر الاميركية والمنفذ الأول لأوامر العمليات الصادرة عن مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الاميركي اليوت أبرامز الذي هو منسق الاغتيالات المتتالية التي نفذها الاميركيون والإسرائيليون منذ اغتيال مؤسس حركة حماس الشيخ احمد ياسين حتى سلسلة الجرائم التي شهدها لبنان".
وفي السياق ذاته تضيف المصادر: "يمكن لنا أن نفهم كيف يتنبأ جنبلاط بالاغتيالات فتحدث ويظهر سياسيا انه المستفيد الأول من نتائجها".       
في مراجعة بسيطة لمواقف جنبلاط السابقة يتبين لنا استسهال طلب الدعم الخارجي بالنسبة إليه، ففي 15 شباط من العام 2005  طالب جنبلاط في حديث الى الــ (بي بي سي) بحماية دولية، وفي 5- 1- 2006 أمل جنبلاط في حديث الى صحيفة اميركية بمساندة ما اسماه ثورة الأرز، وزاد جنبلاط على ذلك بالطلب من الرئيس الأميركي جورج بوش مباشرة الدعم لثورته عندما قال للكاتب في الصحيفة ديفيد اغناسيوس "انه إذا كان بوش يعتبر أن لبنان احد إنجازاته الكبرى، فالآن هو الوقت لحماية لبنان". 
وعقب اغتيال النائب أنطوان غانم دعا جنبلاط في اتصال هاتفي مع  وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس الى التفكير بصيغة حماية يقدمها المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتمرير الاستحقاق الرئاسي، كما طلب في اتصال مع السفير السعودي عبد العزيز خوجة بضرورة تأمين مظلة عربية ودولية لحماية لبنان.
لكن جنبلاط المعروف بتناقض مواقفه باستمرار قال عندما قام بجولة على بعض بلدات عاليه في التاسع والعشرين من شهر نيسان 2007: عدنا الى بعضنا البعض بحماية الدولة، وفقط الدولة تحمي. فأين هي الحماية التي تغنى بها جنبلاط في ذلك الوقت ليعود ويطلب حماية دولية.
مصعب قشمر
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007
 

2007-10-05