ارشيف من : 2005-2008

الفرعون والنعامة

الفرعون والنعامة

مرة جديدة تثبت الولايات المتحدة فرعنتها المتغطرسة، ومرة أخرى يثبت العالم والمجتمع الدولي أنه نعامة غبية، فبعد الحملات والضغوط والتهديدات التي دأبت واشنطن على ممارستها على السودان بحجة أنه ينتهك حقوق الإنسان في دارفور ويرفض إحلال السلام هناك، وقد تماهى معها في ذلك أغلب دول العالم حتى جعلت مجلس الأمن يتدرج في قراراته بحق هذا البلد، وصولا إلى الفصل السابع، بعد كل هذا تلقى المجتمع الدولي ممثلا بقوات حفظ السلام الإفريقية ما يمكن اعتباره أقسى ضربة منذ وطئت أقدامها أرض النيل العالي راح ضحيتها أكثر من ستين جنديا بين قتيل وجريح ومفقود.
الخبر ليس هنا ولا في كون من نفذ الهجوم هم المتمردون على حكومة الخرطوم والمدعومون من واشنطن، بل في المساعي التي بذلتها واشنطن في مجلس الأمن لعرقلة هذا الأخير من اتخاذ قرار إدانة بحق الفاعلين، وقد نجحت مساعيها.
وفوق ذلك فإن الخبر سرعان ما تم سحبه من التداول وأودع في ملفات النسيان لأن لا مصلحة "للفرعون الديمقراطي" في إثارة هكذا مواضيع وقد انصاع العالم أجمع لهذه الرغبة، ويكفي أن نتخيل ماذا كان سيحصل لو أن منفذي الهجوم كانوا من الجيش السوداني أو من أي طرف تدعمه الخرطوم ليستبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الحقيقة.
إنها واشنطن المتفرعنة والمجتمع الدولي الذي قبل على نفسه دفن رأسه في التراب كلما لاح في الأفق شعاع يضع حدا لهذا الظلام الأميركي الطويل.
محمد يونس 
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007

2007-10-05