ارشيف من : 2005-2008

أحكام الاعتكاف

أحكام الاعتكاف

مقدمة: الاعتكاف لغة هو افتعال من العكف، وهو الحبس واللبث، وقد عرّف لغة باللبث المتطاول، واصطلاحاً باللبث في مسجد جامع ثلاثة أيام فصاعداً للعبادة كما في مجمع البحرين (ج5/ ص103/ مادة عكف).
وعرّفه الإمام الخميني (قده) في تحرير الوسيلة بأنه "اللبث في المسجد بقصد التعبّد به".
وحكم الاعتكاف هو الاستحباب، وقد يجب بنذرٍ وشبهة، وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر الأواخر منه، وكان رسول الله(ص) يفعله في حياته في خصوص العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد ورد في الصحيح عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: "كان رسول الله(ص) إذا كان العشر الأواخر اعتكف في المسجد، وضربت له قبّة من شعر، وشمّر المئزر، وطوى فراشه"(وسائل الشيعة/ج10/.
ولهذا  العمل العبادي شروط وأحكام، أما الشروط فهي أمور تتوقف صحة العمل عليها وهي:
- العقل، فلا يصح من فاقدي العقل لجنون أو سكر أو غيرهما.
- النيّة وهي قصد الفعل المأتي به (أي الاعتكاف) قربة إلى الله تعالى.
- الصوم، فلا اعتكاف بدون صوم فعن الامام الرضا (ع) عن آبائه عليهم السلام قال: "قال علي بن ابي طالب عليه السلام: لا اعتكاف إلا بالصوم". المصدر السابق/ج4.
أقل ما يكون الاعتكاف ثلاثة أيام بلياليها المتوسطة، ويجوز أزيد من ذلك، نعم إذا اعتكف يومين وجب الثالث، أي يجب لكل اثنين ثالث فاذا اعتكف خمسة أيام وجب السادس.
والمقصود باليوم من طلوع الفجر إلى الغروب الذي يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية، وعليه يكون الاعتكاف من طلوع فجر اليوم إلى غروب اليوم الثالث، ويعتبر في الأيام الثلاثة الاتصال فلا يصح مع انفصالها عن بعضها.
لا يصح الاعتكاف الا في المساجد الأربعة وهي: المسجد الحرام في مكة المكرمة ومسجد النبي(ص) في المدينة المنورة، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة، وأما المساجد الجامعة وهي المساجد العامة التي يجتمع الناس فيها للصلاة فيؤتى بالاعتكاف فيها برجاء المطلوبية لا بعنوان الاستحباب.
إِذنُ من يعتبر إذنُه كالزوج بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافياً لحقه على الأحوط وجوباً،   وكالوالدين بالنسبة إلى الولد إن كان مستلزماً لإيذائهما.
عدم جواز الخروج من المسجد مدة الاعتكاف إلا لضرورة كالخروج لقضاء الحاجة كالبول، أو للاغتسال من الجنابة مثلاً.
نعم إذا كان خروجه طويلاً في مورد الضرورة بحيث أدّى إلى محو صورة الاعتكاف بطل.
ملاحظتان:
1 - يجوز للمعتكف أن يشترط حين نية الاعتكاف الرجوع عن اعتكافه متى شاء حتى في اليوم الثالث إذا عرض له عارض ما سواء كان من الضرورات أم من الأعذار العادية كقدوم مسافر معيّن من السفر مثلاً.
2 - يصح الاعتكاف من الصبي المميّز غير البالغ.
الأحكام: لمّا كان الصوم من شروط صحة الاعتكاف فكل ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف، إلا أن هناك محرمات خاصة يحرم على المعتكف ارتكابها وهي: العلاقة بين الزوجين  ولو بمثل اللمس والتقبيل بشهوة بلا فرق بين كون المعتكف رجلاً أو امرأة، ولو وقع ذلك لبطل الاعتكاف.
ـ الاستمناء على الأحوط وجوباً والمقصود به إنزال المني ولو بطريقة محللة كأن يفعل ذلك مع زوجته دون أن يقاربها.
التلذذ بشم الطيب والريحان، وهذا لا يشمل من فقد حاسة الشمّ.
البيع والشراء، بل وغيرهما من أنواع التجارات كالاجارة على الأحوط وجوباً.
والحرمة هنا لا تؤثر في صحة المعاملة لو خالف وأوقعها، لكنه يكون مأثوماً بذلك، وترتفع الحرمة في مورد الحاجة إلى البيع والشراء كما لو احتاج اليهما لتحصيل الأكل والشرب.
الجدال بلا فرق بين كونه على أمر دنيوي كالتجارة، أو ديني اذا كان لأجل إظهار فضيلته على الآخر، أما اذا كان الجدال لإظهار الحق فيجوز. تنبيهات:
1 - لا فرق في حرمة ما تقدم على المعتكف بين الليل والنهار.
إذا أفسد الاعتكاف الواجب أو المندوب في بعض صوره بالعلاقة الزوجية التامة (الجماع) ولو في الليل وجبت الكفارة، وهي ككفارة الافطار العمدي في شهر رمضان.
إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه كفارتان: احداهما لافساده الاعتكاف، والأخرى لإفساده الصوم في شهر رمضان.
وكذلك لو كان معتكفاً ويصوم قضاءً فأفسده بالجماع بعد الزوال، فعليه كفارة إفساد الاعتكاف، وكفارة إفساد صوم القضاء بعد الزوال وهي إطعام عشرة مساكين، فإن لم يستطع صام ثلاثة أيام متتالية.
هناك تفاصيل لا يسع المقام لذكرها تراجع في مظانها من الرسائل العملية لمراجعنا الأعلام.
الشيخ اسماعيل حريري
الانتقاد / العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007

2007-09-28