ارشيف من : 2005-2008
الريّان لكمال العبادات
إذا كان الفقهاء قد اكتفوا بتعريف الصوم بمعنى "الإمساك" فإن اللغويين والعرفاء والمتصوفة يضيفون إلى ذلك المعنى معنى لغوياً آخر مراعٍياً لمقاصد الشريعة عند إطلاق الكلمة عليه اصطلاحاً، وهو الرفعة، يقول العرب: صام النهار إذا ارتفع، ومنه قول امرئ القيس: إذا صام النهار وهجّرا، أي ارتفع.
لقد أطلقت كلمة الصوم إذاً على هذه الفريضة لأنها مرتفعة عن سائر العبادات في الدرجة، وتأكد هذه الرفعة بأن الله سبحانه وتعالى الذي نفى المثليّة عنه جعل رمضان اسماً من أسمائه، وفي أعمال الصوم ما يبتعد بالإنسان عن الطبيعة البشرية من أكل وشراب ونكاح.. هذه التنزه يرتفع به نحو مرتبة النعوت الربانيّة حتى إذا ما جاء وقت الإفطار عاد إلى طبيعته العادية عبدا حقير الحال يتغذّى منهياً صيامه بفرحتين، فرحة عند إفطاره، وفرحة عند لقاء ربه.
أما كمال الصوم وأجره يوم القيامة فهو دخول الصائمين من باب الريّان، وهو بحد ذاته يعني وصف الصوم بالكمال الذي لا كمال بعده ولا فوقه، لأن الحق تبارك وتعالى أفرد في الجنة باباً خاصاً بالصائمين سمّاه الريّان ليدخل منه الصائمون، وكلمة الريّان تعني الكمال، لأن الريّان تعني لغةً درجة الكمال في الشرب، فبعدها لا يقبل الشارب مزيداً، سواء كان بشراً أم أرضاً أم حيواناً، وما يؤكد صحة باب الريّان حديث الرسول (ص): "إن للجنة باباً يقال له الريّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة".
لقد جاز الصائمون صفة الكمال في العمل، لأنهم قاموا بما لا مثيل له من العبادات، جعلنا الله وإياكم منهم، إنه قريب مجيب.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1234 ـ 28 أيلول/سبتمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018