ارشيف من : 2005-2008
فلسطين المحتلة : سجون الاحتلال ووحدات "ناحشون" و"متسادا" ملف اسود في تاريخ العدو تحت انظار المؤسسات الدولية
أكثر من 50 جندياً مقنعين ومدججين بالأسلحة المختلفة ما بين اسطوانات غاز سام، وهراوات غليظة، والبنادق التي تطلق الرصاص المطاطي القاتل، والبنادق التي تطلق الرصاص الحارق والتي بدء استخدامه في السجون منذ سنتين ، كل هذا بالإضافة إلى قطيع من الكلاب المتوحشة التي تنظر إلينا وكأنها تتلقى دروساً على أيدي إدارة السجن فى الحقد والكراهية للأسرى".
بهذه التفاصيل بدء احد أسرى "الشطة" حكايته حول اقتحام الوحدات الخاصة والتي تعرف باسم "ناحشون" و"متسادا" وهي القوات الخاصة التابعة لمصلحة السجون الصهيونية، والمتخصصة في قمع الأسرى، ومواجهة أي تحرك يقومون به ضد إدارة السجن او اشتباك مع الإدارة ، أو رفض اي معتقل الخضوع لأوامر النقل من سجن إلى أخر وغيرها من الأمور التي تعتبرها إدارة السجون مخالفة للقوانين وتمرد على الإدارة .
ويكمل الأسير الحكاية بان الوحدات الخاصة وتحت تهديد السلاح أجبرتهم على الخروج إلى ساحة النزهة "الفورة" والانتظار عدة ساعات حتى انتهاء حملة التفتيش داخل الغرف، وعندما انتهت الحملة رفض ضابط الوحدة إعادتنا إلى الغرف دون ان يتم تفتيشنا بشكل عاري، ومن رفض التفتيش تم احتجازه وعقابه بـ"الشبح" لساعات طويلة فى الساحة العامة للسجن، وعندما عدنا الى الغرف خيل إلينا بان زلزالاً قد حدث في الغرف ،حيث قامت وحدات ناحشون بتفتيش أغراضنا بشكل دقيق وقلب محتويات الغرفة رأساً على عقب، بما فيها المصاحف والكتب الدينية، وسكب الزيت على السكر وباقي الأغراض، وكذلك قامت بمصادره العديد من الأغراض الخاصة بنا من ملح وسجائر وأدوات كهربائية ، ولم يخلو الأمر من فقدان العديد من البومات الصور العائلي الخاص بالأسرى والأوراق والرسائل من الأهل.
هذه حكاية الاسرى في سجون الاحتلال والتي تتكرر بشكل مستمر ودائم كل فترة وتحديداً من قبل هذه الوحدات الخاصة والتي تم تدريبها وتزويدها بالأسلحة المختلفة لقمع الأسرى ، حيث يتم استدعاؤها على عجل عند حدوث أي خلاف ما.
هذه الوحدات تقريباً تنقلت بين غالبية السجون، وأمعنت فيها انتهاكاً وقمعاً بشكل لا انسانى يخالف كافة المعاهدات والمواثيق الدولية التى تحرم الاعتداء على اى أسير وتحفظ للأسير كرامته وإنسانيته ، ولكن سلطات الاحتلال كالعادة تضرب بعرض الحائط كل تلك الاتفاقيات قبل أن يجف حبرها ، وقبل أن يعود موقعوها إلى منازلهم .
وحسب تقرير لوزارة الأسرى الفلسطينية بان هذه الوحدات لها تاريخ اسود فى ملف الأسرى الفلسطينيين ،فخلال العام الماضي نفذت وحدات "ناحشون" الإسرائيلية العديد من الاقتحامات لعدد من السجون من أخطرها ما حدث فى سجن النقب الصحراوي عقب قيام وحدة " ناحشون" بعملية إخلاء ل240 معتقلاً من السجن إلى سجون أخرى ، حيث شهد السجن على أثرها حالةً من التوتّر الشديد ،وجرت مواجهات بين هذه القوة والمعتقلين العزل ،أدت إلى إصابة عشرة اسرى بجراح وحالات اختناق، حيث أقدمت هذه الوحدة على إطلاق الرصاص المطاطي على المعتقلين ورش الغاز السام،وإطلاق رصاصات الفلفل الحارق ،وقامت وحدة ناحشون بقطع الماء والكهرباء عن الأقسام التي يتواجد فيها الأسرى والتهديد بحرق الخيام عليهم ان لم يخرجوا، ومن ثم اقتحمت الأقسام بعدد كبير من الجنود يفوق عدد الأسرى أنفسهم، وانهالت على الأسرى بالضرب المبرح بالهراوات وأعقاب البنادق .
وبعد إخراجهم من الأقسام بالقوة تم تقييدهم إخضاعهم إلى التفتيش العاري والمذل قبل أن يتم نقلهم من سجن النقب إلى سجن الرملة .
وأوضح التقرير أن هذه الوحدة نفسها تدخلت بالقوة لنقل الأسير عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام للجبهة الشعبية وأربعة من رفاقه من سجن "عوفر" إلى سجن آخر، كإجراء عقابي ولإضعاف شوكة الأسرى في مواجهة إدارة السجن، حيث رفض الأسرى تنفيذ قرار النقل فقامت إدارة السجون باستدعاء وحدة "ناحشون" الى سجن "عوفر" لتنفيذ العملية بالقوة، ومواجهة اى احتجاج من قبل الأسرى وبالفعل فقد وقعت صدامات بين الأسرى وتلك القوة المعروفة بأسلوبها تعاملها العنيف والخطير مع الأسرى حيث لا تتحدث إلا بلغة العصي والغاز السام، حيث أصيب ملوح خلال المواجهات في ذقنه جراء الاعتداء الوحشي الذي تعرض له و تمت معالجته في مستشفى "تشعاري تصديق" في القدس، وأجريت له سبع غرز في الذقن، كما أنه أصيب في فكه الأسفل، عدا عن رضوض في أنحاء مختلفة من جسده.
وفى سجن مجدو قامت وحدة "متسادا " باقتحام غرف الأسرى وقامت بتفتيشها بشكل استفزازي وقلب محتويات الغرفة على بعضها البعض وتمزيق عدد من المصاحف بشكل متعمد أثناء التفتيش الأمر الذي أثار حفيظة الأسرى وقاموا بتنفيذ إضراب احتجاجي عن الطعام في اليوم التالي .
كسر للإرادة
ويبدو جلياً ان هدف تشكيل هذه الوحدات الخاصة هو كسر إرادة الأسرى وإيصال رسالة لهم مفادها بان أي احتجاج على أوضاعهم السيئة او مطالبة بالحقوق سيكون مصيرها القمع والتنكيل .
وهي باستمرار "تطور" من أساليب التضييق على الأسرى وتعكير صفو حياتهم باستمرار سياسة التفتيش العاري ، ومنع الآلاف من الأسرى من زيارة أهليهم ، وخاصة اسرى قطاع غزة ، وكذلك العزل الإنفرادي الذي يعرض الأسير الى الضغط النفسي القاتل بعزله عن مجتمع الأسرى ولفترات طويلة تصل الى عدة سنوات، وفى حادثة هي الأخطر تواصل إدارة السجون عزل الأسير احمد شكرى منذ 18 عاماً ، اي منذ اعتقاله في عام 1989، مما أدى إلى إصابته باضطرابات نفسية خطيرة قد تؤدي بحياته، وتزعم إدارة مصلحة السجون أن الأسير المذكور من أخطر الأسرى الفلسطينيين
كذلك لا زال الإهمال الطبي سيفاً مسلطاً على رقاب الأسرى ، ويهدد حياتهم فى كل لحظة بالموت البطئ ، مع إصرار سلطات الاحتلال على عدم تقدين العلاج اللازم للأسرى المرضى او إخضاعهم إلى عمليات جراحية لإزالة خطر الموت عن بعضهم .
فالأسير المريض علي حسن شلالدة البالغ من العمر 60 عاما تزداد معاناته يومياً، حيث يقبع في مستشفى سجن الرملة منذ 13 عاما دون أن يطرأ أي تحسن على حالته الصحية التي تزداد تدهورا يوماً بعد وان بقاءه في السجن يهدد حياته لأنه يعاني من عدة أمراض وبحاجة لعدة عمليات جراحية ورعاية طبية مكثفة لا توفرها إدارة المستشفى، كذلك الأسير سالم الشاعر والمصاب بمرض السرطان ويعالج بالكيماوي ووضعه يزداد سوءاً وحياته مهددة بالخطر .
و الأسير الجريح ربيع حرب الذي اعتقلته سلطات الاحتلال بعدة إصابته بعدة رصاصات في العمود الفقري والكلى والبطن والأرجل تسببت في إصابته بشلل لنصفي، ويحتاج لعلاج سريع، إلا أن إدارة السجن تقابل كل ذلك بالإهمال الطبي المقصود .
اوضاع الاسيرات
واشار التقرير كذلك الى ان الأسيرات لم يسلمن ايضاً من التضييق والانتهاكات التى تمارسها ادارة السجون على الأسرى الفلسطينيين والعرب حيث لا زالت إدارة السجون تعزل الأسيرة آمنة منى من القدس في زنازين عزل "الرملة" منذ عدة اشهر في ظروف صعبة للغاية وتزداد أوضاعها سوءا يوما بعد يوم من جراء إجراءات إدارة السجن بحقها حيث تعاني من قلة النوم جراء الضجة التي يتم افتعالها بشكل مقصود من قبل المعتقلات المدنيات، وتعانى من المعاملة السيئة والمهينة من قبل السجانات .
وكذلك الأسيرة ندى الجيوسي رئيسة جمعية الهدى النسائية في رام الله اشتكت بأن المحققين في سجن "المسكوبية" قاموا بتهديدها بإحضار أطفالها إلى التحقيق في مسعى للضغط نفسيا عليها للاعتراف بالتهم الموجهة لها، حيث تقبع الأسيرة في مركز تحقيق "المسكوبية" منذ شهر تقريبا في ظروف إعتقالية سيئة للغاية الأمر الذي أدى إلى نقصان وزنها إلى النصف .
هذا جزء مما يتعرض له الاسرى والاسيرات في السجون والمعتقلات الإسرائيلية والتي يزيد عددها عن 30 سجناً ومعتقلاً ومركز تحقيق وتوقيف ، وهو ما تم كشفه حتى الآن، وتبقى هذه القضية امام المجتمع الدولي, وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية, والصليب الأحمر الدولي المطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية مختصة لبحث الانتهاكات التي يتعرض له أسرانا والموت البطئ الذي يحيونه يومياً بفعل الممارسات الإسرائيلية ضدهم .
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018