ارشيف من : 2005-2008
بورما، جنة الصين فى الأرض؟
الجاديت فى بورما، وهى البلد التى كاد يصفها بأنها جنة رجال الأعمال الثراء.
جاء هذا التحقيق الذي نشرته "ساوذرن وييك اند" فى الوقت المناسب، ليساعد على التذكير بقرون طويلة من المفاهيم القديمة التى اعتبرت بورما أرض الثراء والأثرياء التى أدت الضريبة للأسر الحاكمة التى تعاقبت على عرش الإمبراطورية الصينية على مدى الزمن.
ففي عهد الأسرة الصينية الحاكمة "يوان"، منذ 800 عاما، اجتاح المغول بورما ثلاث مرات، وتوالت غزوات أخرى تحت أسر "مينغ" و"كينغ"، واستمرت حالة التبعية حتى آخر أسرة حكمت الإمبراطورية الصينية، وكلها اعتبرت بورما أرضا تابعة لها، يدين ملوكها بالطاعة لبكين.
ثم تحولت علاقة التبعية لتتخذ توجها إيديولوجيا فى عهد ماو تسى تونغ، حين أرادات الصين قيادة الثورة العالمية وانتزاع الحركة الشيوعية من موسكو. فمولت الصين حركات التمرد ودربتها فى كافة أرجاء جنوب شرق آسيا، ودعمت فى بورما الحزب الشيوعي الذي أوشك مرارا وتكرارا أن يتولى السلطة.
وبمرور الوقت، سيطر الصينيون على التجارة فى بورما فى كثير من السلع، بما فيها الأرز. فأدت حالة الاستياء إلى اضطرابات معادية للصين توجت بنهب متاجر الصينيين وحرق بيوتهم مما تذرعت به الصين لتغزو بورما فى 1968.
وجرت هذه الحرب غير المعلنة دون أن تتلقى اهتمام العالم إذ تزامنت مع حملة تيت فى فيتنام. وأرسلت بكين 30،000 جنديا احتلوا مساحات من البلاد وأرغموا حكومة الجنرال ني وين على التفاوض.
بيد أن الجهد الهائل الذي بذلته الصين لاتخاذ من بورما رأس رمح لنشر الشيوعية عبر المنطقة بأكملها، أتى بكلفة باهظة على حساب الاقتصاد الصيني فى وقت كانت فيه الصين ذاتها تعانى من الفقر.
ثم وضع موت ماو تسى تونغ نهاية عهد الحملة الإيديولوجية الواسعة، وتقهقرت الصين على تواجدها النشط على المسرح الدولي وركزت فى المقابل على إعادة بناء العلاقات فى المنطقة وتحقيق مكاسب اقتصادية فيها.
وتحولت الصين منذ 1980 إلى الدولة الكبرى الوحيدة في العالم التي تدعم المجلس العسكري فى بورما وتزوده بالمعونة والسلاح.
كما تردد أن الصين زودت جنرالات بورما بأسلحة وذخائر قيمتها ملياري دولار، مقابل حصولها على الأخشاب والأحجار الثمينة والوعود بالحصول أيضا على احتاطي بورما من النفط والغاز من خلال الأنابيب المخطط لمدها، إضافة إلى فتح أسواقها للسلع الاستهلاكية.
هذا ويقدر عدد الصينيين المقيمين فى بورما نحو 50 مليونا، يعملون فى التجارة وبناء السدود وشق الطرق. ولعزلتها التي فرضها الغرب عليها، تعتمد بورما على التجارة مع الصين، وتضاعف حجم التبادل التجاري بين البلدين بين 1999 و2005 ليبلغ 1،2 مليار دولار.
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن أحداث بورما تتزامن مع التحضير للمؤتمر السابع عشر للحزب الشيوعي الصيني الحاكم، وفى وقت تشعر فيه بكين بالقلق تجاه أي ظاهرة من شأنها أن تؤثر على الاستقرار الاجتماعي الهش فى البلاد.
(*) وكالة آبي أس نيوز
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018