ارشيف من : 2005-2008
من طلب تجميد الحسابات المصرفية العائدة للواء علي الحاج؟ سلامة استند إلى طلب لجنة التحقيق وبرامرتز ينفي علاقته
اللهجة لمن يحاول التخفّي وراء عمل لجنته لتحقيق مآرب سياسية، أو تغيير مسار البحث عن الحقيقة، توازي اعترافه السابق بأنّ القضاء اللبناني هو صاحب الصلاحية الوحيدة للبتّ في مسألة توقيف الضبّاط الأربعة وتخلية سبيلهم وليست اللجنة الدولية أو أيّة هيئة أخرى.

فقد تسلّم وكيل الدفاع عن المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، النقيب عصام كرم، كتاباً من نوع آخر، من برامرتز يحمل توقيعه وبصمة أنفاسه في التعبير على حدّ الوصف القانوني الذي يمكن إعطاؤه له، يبلغه فيه تأكيده بأنّه لا علاقة للجنة التحقيق لا من قريب ولا من بعيد، في تجميد الحسابات المصرفية العائدة لموكّله وأسرته، علماً أن هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان ادعت عند استصدارها قراراً بتجميد هذه الحسابات أنّه جاء بناء لطلب لجنة التحقيق الدولية والنيابة العامة التمييزية.
ماذا في الوقائع والحيثيات والقراءة القانونية لهذا الأمر؟
تحدّث النقيب كرم مع برامرتز مستفسراً عمّا إذا كان جائزاً تجميد أموال موكّله المودعة لدى المصارف اللبنانية في ظلّ وجود حاجات يومية يجب أن يتوفّر عليها أهل بيته، فأجابه الأخير بأنّ الأمر ليس عائداً له وإنّما للقضاء اللبناني والسلطات اللبنانية، فأبلغه كرم بأنّه يرغب في تدوين جوابه خطّياً لكي يستند إليه في مطالبته للمعنيين باسترجاع حقوق موكّله الضائعة فيكون حجّة عليهم لا تحتاج إلى تبريرات على غرار ما حصل في قضية تخلية سبيل الضبّاط.
وبالفعل أرسل كرم بتاريخ 21 آب 2007 برقية إلى القاضي برامرتز الذي لم يخيّب أمله وردّ عليه بكتاب مؤرّخ في 14 أيلول 2007 جاء فيه حرفياً ما يلي: «تبلّغت مراسلتك المتعلقة بتجميد الحساب المصرفي العائد لموكّلك، وكما قلت لك في السابق فإنّ لجنة التحقيق الدولية لا تملك أيّ صلاحية في هذا المجال لأنّ القرار في هذا الشأن يعود حصرياً للسلطات اللبنانية».
وبهذا الاعتراف الصريح والواضح، يناقض برامرتز ما ذكره رئيس هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان (مكافحة تبييض الأموال) الحاكم رياض توفيق سلامة في قراره الرقم 1/25/2005 الصادر بتاريخ 19 تشرين الأوّل من العام ,2005 والذي يقول فيه حرفياً ما يلي:
«إنّ هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بناء على طلب كلّ من لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والنيابة العامة التمييزية، وبعد الاطلاع على تقرير أمين السرّ، وبعد المذاكرة، نقرّر بالإجماع:
أولاً: تجميد الحسابات الدائمة العائدة لكلّ من علي صلاح الدين الحاج وزوجته وأولادهما، بالانفراد أو بالاشتراك، لدى (أحد المصارف) بصورة نهائية مع الموجودات المصرفية التابعة لها، ورفع السرية المصرفية عنها تجاه المراجع القضائية المختصة باستثناء حساب توطين الراتب.
وتعليقاً على ما حدث، يقول النقيب كرم لـ"السفير" إنه في الأساس ليس للجنة التحقيق الدولية سلطة في مجال تجميد الحسابات المصرفية أو عدمه، وإنني أسأل إذا كان هناك طلب خطي من لجنة التحقيق بهذا الخصوص فنريد أن نتبلّغه، ومهما يكن كلام لجنة التحقيق، فإنّ كتاب برامرتز يلغي كلّ تدبير سابق أقدمت عليه لجنة التحقيق الدولية ويترك للقضاء اللبناني والسلطات اللبنانية أمر التصرّف في المجال المالي العائد لموكّلي مثلما ترك برامرتز للقضاء اللبناني أمر التصرّف بشأن إبقاء الموكّل قيد التوقيف أو تخلية سبيله.
وبالنسبة لاستناد هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان على طلب النيابة العامة التمييزية، يقول كرم إنه سيتوجه للمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا طالباً إليه الإفراج عن أموال اللواء الحاج ليستطيع أهله الاستفادة منها في حياتهم ومعيشتهم.
ويطرح كتاب برامرتز سؤالاً محيّراً، فمن هي الجهة التي خدعت لجنة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان واستخدمت لجنة التحقيق «فزاعة» لتحقيق مأربها وهي تعرف أنّ اللجنة المذكورة غير صالحة على الإطلاق للتدخل في هذا الشأن الخارج عن إطار مهامها المرتبطة حصرياً بالتحقيق وكشف قتلة الحريري؟ ولو أنّ طلب لجنة التحقيق من الهيئة المصرفية خطّي لما أقدم برامرتز على إرسال كتابه الجديد الذي يدحض وجود أيّ طلب خطّي، وهذا يعني بحسب تفسير أسرة اللواء الحاج أنّ اللجنة المصرفية استندت إلى كلام شفهي ليس بعيداً عن الصبغة السياسية ولم تفرضه موجبات التحقيق.
وتسأل زوجة اللواء الحاج الإعلامية سمر شلق الحاج في حديث مع «السفير»، إذا كان «توقيف زوجي قد استند إلى إفادة الشاهد السوري محمد زهير الصدّيق التضليلية فإلى من استند طلب تجميد أموالنا؟» وتعلّق « هذه قمّة الكيدية السياسية».
وتقول الحاج إنّها «تحلم يوماً برفع السرّية المصرفية وتجميد حسابات كلّ من شارك أو خطّط في قضية إعداد شهود الزور في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، وتضليل التحقيق لجهة التحدّث عن أنّ التفجير حصل من تحت الأرض لا من فوقها»، وتسأل «هل الصديق يعيش في باريس من عرق جبينه لقاء تضليله التحقيق؟ وهل ما ورد في جريدة «الفيغارو» الفرنسية عن قيام سياسيين لبنانيين برشوة الصدّيق للقيام بمهمّة تضليل التحقيق صحيح أم لا، خصوصاً أنّه لم يصدر له نفي من المعنيين به؟».
وتسأل الحاج: هل يمكن أن يُطلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إبعاد برامرتز عن الملفّ برمته للارتياب المشروع أو المحاباة بعد كلامه الصريح عن عدم علاقة لجنة التحقيق بمسألتي توقيف الضباط وحجز أموالهم وأنّ المسؤول هو القضاء اللبناني؟
يذكر أنّ المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي خفّضت الراتب الشهري للواء علي الحاج، من سبعة ملايين ليرة إلى مليونين ومئتي ألف ليرة، من دون أن تقدّم توضيحات على هذا الإجراء، مع التذكير بأنّ الحاج لا يزال في سلك قوى الأمن ولم يستقل منها ولم يحل على التقاعد لكي يحسم راتبه بهذا الشكل.
المصدر: صحيفة "السفير"
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018