ارشيف من : 2005-2008

نصر من الله وانبعاث الأمة

نصر من الله وانبعاث الأمة

والتخريب ولم توفر فيها حتى الأطفال والنساء والضعاف من المعوقين ومع كل التغطية السياسية التي وفرتها أميركا والغرب لهذه الحرب البشعة إلا أن إسرائيل خرجت من الحرب مهزومة على لسان قيادتها السياسية والعسكرية بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بتشكيل لجنة تحقيق في إخفاقات الحكومة التي أصبحت مهددة نتيجة لإخفاقاتها، ومثّل الصمود اللبناني عموما والمواجهة الأسطورية للمقاومة المتمثلة في حزب الله خصوصا علامة فارقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وأصبحت مقولة ‘````الجيش الذي لا يقهر```````` في خبر كان بعد أن عجز عن تحقيق أهدافه باعتراف قياداته، واليوم إذ تمر الذكرى السنوية لهذه الحرب فإنه ينبغي علينا مراجعة الحسابات وتسليط الضوء على بعض الحقائق من أجل استشراف المستقبل ومنها:‏

أولاً: من المفارقات الغريبة أن لا نتوقف عند هذه الذكرى بحلوها ومرها بآمالها وآلامها فنحتفي بها كمحطة من محطات الصراع العربي الإسرائيلي فهي تمثل في حدها الأعلى انتصارا، وفي أدنى مراتبها صموداً ومقاومة إذا كان البعض يريد ذلك، والعجيب في الأمر أن لا تتحول هذه المناسبة إلى ذكرى جامعة مع أن الأنظمة قد جعلت من مناسبة حزيران ذكرى للتوقف، فهل وصل بنا الحد إلى أمة تخاف من الاحتفاء ‘````بنصرها```````` حتى وإن اعترف به العدو؟ وهل تريد الأنظمة أن تجعل ‘````الهزيمة```````` قدر هذه الأمة؟‏

إننا بحاجة إلى إعادة صياغة الفكر الذي تتغذى عليه الأمة من خلال خطاب إعلامي ينسجم مع تطلعات الشعوب التي عبرت عن مساندتها والتفافها حول المقاومة واستعادة الحقوق والكرامة المسلوبة، وعلى الأنظمة إذا ما أرادت أن تثبت مصداقيتها أن تحيي هذه المناسبة ولو من خلال الإعلام الذي حولته الأنظمة من سلاح فعال في ساحة المعركة إلى سلاح غائب كما هي حال الجيوش.‏

ثانياً: إن التواضع الكبير الذي أهدته المقاومة المتمثلة في حزب الله سواء من خلال التعاطي السياسي والجماهيري من خلال ‘````تقاسم النصر````````، أو من خلال الاعتراف بجهد الآخرين ومواقف الشعوب في تحقيق ما حصل، يمثل درساً كبيراً في الأداء السياسي، وإضاءة معنوية تساهم في توحيد الأمة على قضية جامعة، وما حصل من التفاف كبير حول المقاومة دليل حي على إمكانية إيجاد القاسم المشترك لهذه الأمة، وعلى الأنظمة أن تعي هذا الدرس الحي في عدم الاستئثار بالسلطة وعدم مشاركة الشعوب في القرار السياسي والابتعاد عن التطلعات الشعبية التي استطاع حزب الله أن يوحد الناس عليها من المحيط إلى الخليج في الوقت الذي عجزت الأنظمة فيه عن تحقيق ذلك.‏

ثالثاً: خلقت هذه الحرب التفافاً كبيراً حول المقاومة في مواجهة الكيان الصهيوني، وسقطت كل الاعتبارات الجغرافية والمذهبية والعرقية، وهو ما يمكن أن نعتبره نقطة تحول يمكن البناء عليها من أجل وحدة الأمة وتضافر الجهود في معركة التغيير والخروج من نفق الهزيمة المظلم الذي تحاول إسرائيل ومن ورائها القوى المستكبرة أن تفرضه على هذه الأمة.‏

رابعاً: لابد من تحية لكل أولئك الشهداء والمقاتلين الذين أطلقوا إشارة الانبعاث لهذه الأمة بعد أن قدموا أرواحهم بإيمان وإخلاص فهنيئا لهم الجنة، ولابد من تحية لقائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله وللشعب اللبناني الذي مثل أسطورة حية للصمود والتصدي، وإلى كل من وقف من أجل تحقيق هذا الانتصار.‏

المصدر : صحيفة الوقت البحرينية‏

2007-08-15