ارشيف من : 2005-2008

دروس حرب لبنان تضغط على ميزانية الدفاع الإسرائيلية

دروس حرب لبنان تضغط على ميزانية الدفاع الإسرائيلية

الهيكل العام لميزانية الدفاع للعام المقبل، وذلك في ظل تعاظم الضغوط لتوسيع القوات البرية في الجيش الإسرائيلي جراء استنتاجات حرب لبنان الثانية، وفي وقت أعلن عن زيادة كبيرة في المساعدات العسكرية الأميركية الى إسرائيل، تعويضا لها عن صفقة أسلحة تنوي واشنطن إبرامها مع مصر والسعودية ودول خليجية اخرى.‏

وحسم رئيس الحكومة الإسرائيلية ايهود أولمرت الصراع بين وزارتي الدفاع والمالية حول ميزانية الدفاع للعام المقبل وفرض توصيات لجنة برودت. وقد عنى ذلك زيادة ميزانية الدفاع بحوالى ملياري شيكل سنويا، وليس سبعة مليارات كما طالبت وزارة الدفاع. ولا يقل أهمية عن ذلك ان الزيادة المحدودة باتت مشروطة بزيادة «النجاعة السنوية» بما لا يقل عن واحد في المئة من ميزانية الدفاع.‏

وفي ما يتعلق بصفقات التسلح التي قال مسؤولون أميركيون انها تستهدف تعزيز موقع حلفاء واشنطن في الشرق الاوسط والتصدي لنفوذ ايران المتزايد في المنطقة، ذكرت صحيفة «هآرتس» ان الولايات المتحدة تعتزم زيادة المساعدات الامنية لإسرائيل، وذلك لتخفيف حدة المعارضة المتوقعة لمؤيدي الدولة العبرية في الكونغرس الاميركي لصفقة سلاح مع السعودية وبعض الدول الاخرى في الخليج. وكتب المراسل السياسي للصحيفة ألوف بن أن الولايات المتحدة ستفرض قيودا على القنابل «الذكية» التي ستزود السعوديين بها. وأشار إلى أن الادارة الاميركية ستزود دول الخليج، وهي فضلا عن السعودية البحرين، الكويت، عُمان، قطر والإمارات، بسلاح متقدم بقيمة أكثر‏

من 20 مليار دولار. وستضم رزمة السلاح الحديث قنابل جوية موجهة بالقمر الاصطناعي، وتحسين مقاتلات للسعودية، وسفنا جديدة للأسطول السعودي.‏

وتوقعت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» امس الاول اعلان هذه العقود اليوم، قبيل بدء جولة وزيرة الخارجية كوندليسا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس في المنطقة. وذكرت «نيويورك تايمز» ان وزارة الدفاع الاميركية ستطلب من السعوديين القبول بفرض قيود تتعلق بنوع هذه الاسلحة وحجمها ومكان تخزينها، وذلك مراعاة للمخاوف الاسرائيلية.‏

ويتضمن عقد التسلح مع السعودية، بحسب الصحيفتين الأميركيتين، صواريخ جو ـ جو وتجهيزات خاصة تحول القنابل التقليدية الى قنابل ذكية موجهة، اضافة الى تطوير الدفاع الجوي السعودي. ونقلت الصحيفتان عن مسؤولين أميركيين ان واشنطن تعتزم تقديم مساعدة بقيمة 13 مليار دولار الى مصر.‏

وأكدت مصادر سياسية وأمنية في اسرائيل أن الرئيس الاميركي جورج بوش وافق، خلال لقائه اولمرت في واشنطن الشهر الماضي، على زيادة المساعدات العسكرية لإسرائيل بحيث تبلغ 30 مليار دولار في العقد المقبل. ويشكل هذا الرقم زيادة بحوالى الربع عما كان مقررا أن تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل من مساعدات. وكان معروفا أن إسرائيل تحصل على ثلاثة مليارات دولار سنويا من المساعدات العسكرية والمدنية وتم الاتفاق قبل عشر سنوات على تقليص هذه المساعدة لتصل إلى 2.4 مليار دولار سنويا في العام .2008 إلا أن أولمرت فاخر أمام الحكومة بنجاحه في زيادة المساعدة الأميركية لإسرائيل.‏

وقال أولمرت للوزراء «لدينا اتفاقات مجددة وتعهدات مجددة من الأميركيين بالمحافظة على التفوق النوعي إزاء الدول العربية». وأشار الى أنه «إضافة إلى زيادة المساعدات، فقد وعدوني بتعهد صريح ومفصل بالمحافظة على تفوقنا النوعي على جيراننا، برغم أننا بالتأكيد نفهم حاجة الولايات المتحدة لتعزيز الدول المعتدلة التي تشكل جبهة موحدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل في التصدي لايران». واعتبر أولمرت ان نجاحه في تأمين المزيد من المساعدات الأميركية «أمر بالغ الأهمية لأمن دولة إسرائيل وهذه فرصة طيبة للامتنان للرئيس بوش ولوزيرة الخارجية رايس».‏

ميزانية الدفاع‏

من جهة اخرى، وبرغم ان النقاش حول ميزانية الدفاع جرى في ظل التصريحات المتفائلة حول موافقة الولايات المتحدة على مساعدة إسرائيل في المحافظة على تفوقها النوعي على محيطها، فإن الخيبة كانت من نصيب الجيش. وحمل رئيس الأركان الجنرال غابي أشكنازي الحكومة مسؤولية الخطر الذي تمثله هذه الميزانية على أمن إسرائيل. ومن المعلوم انه تقف في مركز الخلاف الكلفة التي يفرضها على الجيش واقع الاستعداد لاحتمالات نشوب حرب في المستقبل القريب ومهمة ملء مخازن الجيش بالذخائر والمعدات التي فرغت جراء استخدامها في حرب لبنان الثانية.‏

وقال أولمرت في الجلسة الحكومية «أنتم، يا قادة المؤسسة الأمنية، تعلمون انه ليست كل دروس حرب لبنان الثانية ذات صلة بالجانب الاقتصادي. إن القول بأن كل الدروس تقع في الميدان الاقتصادي ليس سوى مبالغة وإزعاج». وكانت الحكومة قد ناقشت طوال سبع ساعات تقرير برودت الذي حاول وضع هيكل وقواعد لميزانية الدفاع الإسرائيلية في السنوات العشر المقبلة. وشهدت الجلسة خلافات حادة بين وزير الدفاع إيهود باراك وبقية الوزراء الذين أيد 16 منهم توصيات برودت.‏

ومن المعلوم أن تقرير برودت يتضمن للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل هيكل ميزانية للجيش الإسرائيلي لعشر سنوات ما يتيح له إعداد مشاريع طويلة الأجل. لكن التقرير وضع على الجيش قيودا وحدد معايير لإنفاق الأموال بما يضمن النجاعة. وكانت التعليقات قد حـــملت في الماضي على تركيبة ميزانية الدفاع الإسـرائيلية التي كانت حصة الأسد فيها تذهب للرواتب والإعانات ولصندوق التقاعد.‏

وأصرت قيادة الجيش في المداولات التي جرت في الحكومة أمس على أنه لم تطرأ أي زيادة على الميزانية منذ حرب لبنان الثانية، وان حوالى ثمانية مليارات شيكل (حوالى ملياري دولار) منحتها الدولة للجيش جراء الحرب، لم تستخدم إلا في إعادة ملء الاحتياطي الذي استخدم في أثناء الحرب، وان الزيادة الفعلية كانت فقط بضع مئات من الشواكل.‏

من جهتها، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى ان واحدة من أبرز نقاط الخلاف على الميزانية تتعلق بطلب باراك زيادة القوات البرية. وأشار المراسل العسكري للصحيفة اليكس فيشمان، إلى ان الحاجة الى زيادة عديد القوات البرية ظهرت في المداولات التي أجراها رئيس الاركان على خلفية دروس الحرب والتغييرات الاستراتيجية في الشرق الاوسط. وفي ختام سلسلة من المناورات التي أجريت هذا العام، توصل الجيش الاسرائيلي الى الاستنتاج انه من اجل اعطاء رد هجومي أفضل في الحرب التي تدار على جبهات عديدة بالتوازي، فمن الواجب زيادة عديد القوات عن طريق إنشاء فرق جديدة.‏

المصدر : صحيفة السفير اللبنانية‏

2007-07-30