ارشيف من : 2005-2008
بعد مخالفة نشر الصور: المواجهة بين "فرع المعلومات" و"التيار" ليست نزهة
بالقنابل، ويزرع المتفجّرات على الطرقات، بما يهدّد أرواح المواطنين الآمنين ويزيد من التعقيدات الاقتصادية والأزمات على كاهل هذا الوطن الصغير، راح يقبض على أشخاص مسالمين خرجوا إلى ربوع الطبيعة الخلاّبة للاستمتاع بها قبل حلول فصل الشتاء.
فقد سقط هذا الفرع الذي أريد تحويله إلى شعبة خلافاً للقانون ليكون الذراع الأمنية للشباطيين، في كمينين نصبهما لنفسه في أسبوع واحد، بحجّة القبض على مناصري التيّار الوطني الحرّ وهم في ثوبهم العسكري وكامل تسلّحهم في حفلة شواء طازج وعائلية محضة في محيط بلدة جاج الجبيلية، ومن ثمّ استعادة صور تدريبات قديمة العهد وغير ذات أهمية.
غير أنّ اندفاع هذا الفرع للتفتيش عن عمليات التسلّح الجارية على قدم وساق لدى فريق السلطة السياسي وميليشياته الشباطية، في غير مكانها الصحيح للتمويه وتوجيه الأنظار إلى الناحية المغايرة، اصطدمت باعتراض قضائي على فرضيات وتخمينات ومعلومات لم تصل إلى مستوى الصحّة، بل ظلّت تجول في ملعب الافتراءات.
وتعتقد مصادر مطلّعة أنّ افتعال حادثة التوقيف تمّ عن قصد، وطبق مخطّط مرسوم قضى بقيام مجهولين معروفي الانتماء بإطلاق النار من رشّاشات حربية في مكان محاذ لوجود هؤلاء المناصرين مع عائلاتهم وأطفالهم، ثمّ حضر عناصر من "فرع المعلومات"، وبسرعة قياسية، بداعي التحقيق ومعرفة مطلقي النار، فأوقفوهم وضبطوا بنادق الصيد التي كانت بحوزتهم ولم يفتّشوا عن مطلقي النار من الأسلحة الحربية الذين فرّوا كالعادة، إلى جهة مجهولة!.
وتلقّى هذا الفرع صفعة قاسية من النيابة العامة العسكرية ستظلّ في سجله، بشأن نسفها الكلّي لما حصل في بلدة جاج عندما قالت إنّه "تبيّن من مجمل التحقيقات الجارية أنّ السلاح المضبوط مرخّص، وأنّ البندقية لم تستعمل في اطلاق النار، لأنّ المظاريف الفارغة المضبوطة لا تعود إليها".
وبدلاً من التراجع والانكفاء وأخذ العبر مما حصل، عمد الفرع المذكور إلى تحدّي هذه النيابة ومفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الدائمة القاضي جان فهد بنشر الصور المشكو منها مستكملاً حملته على مناصري التيار الوطني الحرّ، فهل كانت غايته من هذه الخطوة الناقصة القول إنّ "القضاء الواقف" يحمي المسلّحين وعمليات التسلّح بدلاً من تشجيع عمليات قمعها ووأدها في مهدها؟.
ما هي المخالفات التي اقترفها "فرع المعلومات" وتقتضي التحقيق والمحاكمة وفقاً للقانون، بحسب أهل القانون أنفسهم؟.
أولاً: إنّ لجوء "فرع المعلومات" إلى استباق أيّ تحقيق قضائي يعوّل عليه دائماً أمام المحاكم المعنيّة، عبر نشره صور أشخاص يتمتّعون بكامل حقّهم المعنوي والدستوري والقانوني بغية التشهير بهم وتشويه سمعتهم وتأليب الرأي العام عليهم، هو ضرب لسرّيّة التحقيق الإلزامية والضرورية، ومخالفة لنصّ المادة 53 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تقول "يبقى التحقيق سرّيّاً ما لم تُحل الدعوى على قضاء الحكم باستثناء ما يتعلّق بالقرار الظنّي، ويتعرّض كلّ من يفشي سرّيّة التحقيق للملاحقة أمام القاضي المنفرد الذي يقع ضمن دائرته الفعلُ المشكو منه، ويعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من مئة ألف إلى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين".
ثانياً: إنّ قيام "فرع المعلومات" بمخالفة المادة 53 المذكورة، واستعجاله توزيع الصور على وسائل الإعلام لعرضها بما يؤذي مشاعر المواطنين العزّل ويثير لديهم المخاوف ويشجّع معظمهم على مواكبة خصمهم السياسي في التسلّح بذريعة حماية أنفسهم في ظلّ انشغال هذا الفرع عنهم وعن مهامه الأساسية التي شكّل بسببها، هو استباق لنتائج المحاكمة العادلة إنْ كان هنالك من جرم يستدعي المحاكمة أساساً، ويتنافى مع مبدأ إحقاق الحقّ، والأهم من هذا كلّه أنّه افتئات على عمل القضاء وتدخّل فيه وهو ما لم يحصل في السابق، فهل يريد البعض أن يصبح القضاء رهينة الأجهزة الأمنية؟.
ثالثاً: هناك تعميم معروف من مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي يمنع نشر صورة أيّ موقوف ولو كان جرمه سرقة درّاجة نارية أو القيام بعملية نشل، فلماذا بادرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي إلى مخالفة قرارها السابق، وهل تراجعت عنه؟.
على أنّ السؤال الأهمّ يبقى ما يدور على ألسنة الناس ومفاده طالما أنّ "فرع المعلومات" نشيط إلى هذا الحدّ، فلماذا لا يقبض على مخيّمات التدريب الحقيقية التي تقيمها ميليشيات قوى 14 شباط/ فبراير، وعمليات توزيع السلاح المعروف المصدر والمنشأ، وهي صارت على كلّ شفة ولسان؟.
علي الموسوي
الانتقاد/ العدد 1236 ـ 12 تشرين الاول/ اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018