ارشيف من : 2005-2008

زيارة الحريري لواشنطن والحملة المسعورة على خطاب السيد نصر الله: ضربات متصاعدة لفرص التوافق الرئاسي

زيارة الحريري لواشنطن والحملة المسعورة على خطاب السيد نصر الله: ضربات متصاعدة لفرص التوافق الرئاسي

الماضي من خلال الرسائل الاستنجادية التي بعث بها النائب وليد جنبلاط إلى عدد من رؤساء الدول الكبرى.‏

وازدادت مع نتائج زيارة رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري إلى واشنطن و"الحفاوة" الكبيرة التي لقيها من الإدارة الأميركية وخصوصاً من الرئيس الأميركي جورج بوش الذي وصفه "بالقائد العظيم".‏

الأوساط المتابعة لمست تبدلاً في لهجة الحريري المشددة على الحوار والتوافق خلال خطاباته في مآدب الإفطار في قريطم وخلال جلسات الحوار والتشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حيث تحولت في واشنطن إلى خطاب له منحى تصعيدي من خلال القول "نريد رئيساً من 14 آذار". وتتساءل الأوساط ماذا يبقي هذا الموقف من مكان للحوار والتوافق على رئيس. يضاف إلى ذلك تلمّس الأوساط المتابعة نوعاً من الاستقواء بالولايات المتحدة على الساحة اللبنانية عبّرت عنه تصريحات الحريري التي أعلن فيها "ان الولايات المتحدة حليفة لفريق السلطة، وأنه يتفاخر بهذا التحالف". هذه المواقف التي أطلقها الحريري رأت الأوساط المتابعة فيها نوعاً من تظهير للموقف الأميركي الذي لا يزال يرفض مرور الاستحقاق الرئاسي بالتوافق ويذهب نحو دفع فريق السلطة لانتخاب رئيس بالنصف زائد واحد. وقد أحدثت مواقف الحريري وتصريحاته صدى سلبياً على الحوار الذي كان جرى بينه وبين الرئيس نبيه بري الذي أشيعت حوله أجواء ايجابية، وقد حاول الحريري التخفيف من وطأة هذه الانعكاسات السلبية من خلال الاتصال الذي أجراه بالرئيس بري الموجود في جنيف وابلاغه أنه راغب بإكمال الحوار، وقد حرص الأخير على إشاعة أجواء ايجابية واعلانه أن الحوار سيتابع بعد عودته وعودة الحريري إلى بيروت من حيث انتهى قبل سفرهما. إلا أن الأوساط المتابعة تستبعد حصول انفراجات بحلول موعد الجلسة الرئاسية التي دعا اليها الرئيس بري في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، وبالتالي فإن الأرجح تأجيلها بعد عدم اكتمال النصاب كما حصل مع الجلسة التي عقدت في الخامس والعشرين من أيلول الماضي، ويتوقع أن يحدد بري موعداً جديداً في الرابع عشر من تشرين الثاني حيث سيعمد عندها إلى تكرار الدعوة للجلسة يومياً حتى الرابع والعشرين من تشرين الثاني موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية كي يمنع فريق الرابع عشر من شباط من الدعوة لجلسة بأكثرية النصف زائد واحد خلافاً للدستور. وفي حال اقدموا على ذلك يبنى على الشيء مقتضاه.‏

"الحملة على خطاب السيد نصر الله"‏

المؤشر الآخر الذي دلّ على تداعي المبادرات التوافقية كان الحملة المسعورة التي شنّها فريق السلطة على الخطاب التوافقي الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله بمناسبة يوم القدس الجمعة الماضي، والذي أكّد فيه على الثوابت الوطنية ودلّ بأصابع الاتهام على الكيان الصهيوني في جرائم الاغتيال لأن هذا الكيان يريد إغراق لبنان بالفتنة كي يتحقق مشروعه والمشروع الأميركي في لبنان والمنطقة، اضافة إلى تحديد سماحته موقف حزب الله من مواصفات رئيس الجمهورية وضرورة التوافق على هذا الرئيس انقاذاً للبلد من أزمته المستمرة.‏

وبرز في ردود الفعل موقف رئيس الحكومة اللاشرعية فؤاد السنيورة الذي "فجع" باتهام السيد للكيان الصهيوني بجرائم الاغتيال. وقد توقف المراقبون كثيراً عند رد السنيورة الذي يشير إلى حجم الحرص لديه على عدم توجيه الاتهام إلى هذا الكيان الذي يتهيأ ربما للجلوس قريباً الى طاولة واحدة معه في المؤتمر الدولي الذي تحضّر له الادارة الأميركية في تشرين الثاني المقبل!‏

وتتحدث المصادر عن أسباب اضافية شخصية وراء مواقف السنيورة التصعيدية وهي شعوره في الفترة الأخيرة بأنه بات مهمشاً من رعاة فريق السلطة في الخارج، وأن الأضواء تتسلط على رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري، وجاءت زيارة الأخيرة إلى واشنطن والحفاوة التي لقيها لتؤكد هذا المنحى بعدما كانت حفاوة بوش واطراءاته طالت السنيورة سابقاً وهو ما شكل مؤشراً على أن الحريري يتحضّر لترؤس أول حكومة في العهد الجديد، وأن السنيورة سيذهب إلى المنزل، وعليه فإن الأخير أراد من خطابه التصعيدي إعادة إثبات الحضور والتذكير بأنه ما زال موجوداً ومتصلباً في مواقفه، وأضيفت إلى مواقف السنيورة جملة من الردود المعدة سلفاً، وكان من بينها مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، وترى الأوساط المتابعة أن أحد أبرز الأسباب للحملة التي شنها فريق السلطة على خطاب السيد نصر الله ليس كلامه عن موضوع الاغتيالات انما تحديده لمواصفات رئيس الجمهورية الذي يوافق عليه حزب الله، وكون هذا الرئيس يجب أن يكون وطنياً ليس تابعاً للسفارات واملاءاتها، وهي مواصفات لا تنطبق على مرشحي فريق السلطة انما تدلل على مرشح بعينه سعى فريق السلطة إلى محاولة احراقه والزعم أن حزب الله ليس ملتزماً به ويريد غيره، فجاء خطاب السيد ليؤكد أن حزب الله عند موقفه، وإذا لم يحصل هذا التوافق فما على اللبنانيين الا اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي. وجاء هذا الموقف بشأن الاستفتاء ليفضح فريق السلطة حيث بدا واضحاً أن هذا الفريق يخاف من الارادة الشعبية وتصريحات أقطابه أكدت أنه أقلية شعبية، وإلا لو كان هذا الفريق يشكل أكثرية شعبية لما كان هرب من الاستفتاء الشعبي في الاستحقاق الرئاسي انقاذاً لهذا الاستحقاق وللبلد.‏

في هذه الأثناء استمرت فرص التوافق على الاستحقاق الرئاسي بالتضاؤل، وبات الخوف يشمل أكثر من طرف محلي واقليمي ودولي من مخاطر الفراغ.‏

وفي هذا السياق تأتي مبادرة بكركي إلى دعوة الأقطاب المسيحيين في فريقي السلطة والمعارضة إلى لقاءين في الصرح البطريركي لمناقشة الاستحقاق الرئاسي ومحاولة الخروج بحلول توافقية.‏

كذلك انسحب الخوف من خطر الفراغ على عدد من الدول الأوروبية وفي هذا السياق تأتي الزيارة المتوقعة لدبلوماسيين فرنسيين واسبان وايطاليين إلى لبنان في التاسع عشر من الشهر الجاري، مع العلم أن هذه الدول الثلاث لديها المشاركة الأكثر عدداً في قوات اليونيفيل في الجنوب، وهي تخشى من انعكاس عدم التوافق الرئاسي ووصول الأمور إلى حكومتين على وضع القوات الدولية في الجنوب. بجميع الأحوال فإن جميع المؤشرات لا تزال تشير إلى تقدم خيار عدم التوافق وان كانت امكانية حصول التوافق لم تنعدم نهائياً، وهناك فرصة بأن يعطي الأميركي موقفاً ايجابياً في ربع الساعة الأخير.‏

هلال السلمان‏

الانتقاد/ العدد 1236 ـ 12 تشرين الاول/ اكتوبر 2007‏

2007-10-12