ارشيف من : 2005-2008
يوم القدس العالمي في العراق..تعبير عن التضامن والنصرة لقضايا المسلمين
النجف الأشرف السيد صدر الدين القبانجي في الحسينية الفاطمية بالمدينة. ومما قاله السيد القبانجي ان يوم القدس ليس قضية إيرانية بل قضية إسلامية عالمية، فلو دعا أي حاكم عربي أو غير عربي إلى احياء هذه القضية لتعاطفنا معه، إننا نتعاطف معها من منطلقات إسلامية وعربية وإنسانية وعلى أساس رسالي حضاري مبدئي، وان قضية القدس تمثل الاهتمام المشترك بين المسلمين بكل قومياتهم ومذاهبهم، ومن الحق ان تكون قضية عالمية توحد حركتنا وصوتنا. ويضيف امام وخطيب جمعة النجف الاشرف قائلا ان "إسرائيل" دولة غير شرعية لقيامها على أساس الإرهاب والقتل الجماعي بحق الفلسطينيين، ولم تقم على أساس انتخابي، ولكن العالم يحاول اخفاء ذلك، وانه لا مشكلة في التعددية بين المسلمين واليهود والمسيحيين وغيرهم، بل المشكلة تكمن في مصادرة حقوق الطرف الآخر.
ولم يكن السيد صدر الدين القبانجي هو الوحيد الذي تناول ابعاد ومفاهيم ودلالات يوم القدس العالمي من على منبر صلاة الجمعة، بل ان اخرين غيره افردوا حيزا من خطبهم لتسليط الضوء عليها، انطلاقا من الحقيقة التي اشار اليها القبانجي وهي ان يوم القدس العالمي يمثل قضية اسلامية شاملة، ويمثل الهم المشترك بين المسلمين بكل قومياتهم ومذاهبهم.
وان لم تشهد شوارع المدن العراقية مسيرات مليونية ضخمة لمناسبة يوم القدس العالمي كما هو الحال في كثير من الدول الإسلامية، فإنها لم تخلُ من مظاهر احياء المناسبة بما يتناسب مع طبيعة الظروف والأوضاع السياسية والأمنية التي يعيشها البلد.
فقد تعددت وتنوعت مظاهر احياء المناسبة في اكثر من مدينة عراقية مثل النجف والبصرة وكربلاء وبغداد وغيرها.
ومعروف للمتابع ان احياء يوم القدس العالمي في العراق بدأ بعد سقوط نظام صدام الذي كان قد شن حربا على ايران دامت ثمانية اعوام، ولم تعد المياه الى مجاريها بين العراق وايران الى ان سقط ذلك النظام، وراحت تتلاشى وتختفي مظاهر واجواء العداء وعدم الثقة لتحل محلها مظاهر واجواء التعاون والاخوة الاسلامية والاتجاه لبناء علاقات طيبة تأخذ بنظر الاعتبار المصالح المشتركة للطرفين، وطبيعة التحديات والمخاطر المتشابهة التي تواجههما معا.
وخلال الاعوام الثلاثة الماضية تميزت مظاهر احياء المناسبة في العراق بنوع من الخصوصية عما هو الحال في باقي البلدان الاسلامية ارتباطا بخضوع البلد لاحتلال اجنبي، وبطبيعة الاوضاع السياسية والامنية غير المستتبة، وكذلك بالحملات الدعائية والاعلامية التي تشنها جهات معينة ضد ايران لحسابات سياسية خاصة، تتمحور اساسا حول مسعى تخريب اية جهود ومساع لبناء علاقات ايجابية وبناءة بين بغداد وطهران.
لكن برغم ذلك فإن شوارع بغداد ومحافظات اخرى، وكذلك المنابر الدينية والسياسية، والمنتديات الثقافية، شهدت اهتماما غير قليل بإحياء يوم القدس العالمي، وبصرف النظر عما اذا كانت مساحة الاحياء تتسع من عام لآخر او لا، فإن الواضح هو ان العراقيين حينما يتعاطون مع مناسبة من هذا القبيل فإنهم يتعاطون معها من زاوية اسلامية وانسانية، وربما قومية ايضا، بعيدا عما يقال من نزعات طائفية باعتبار ان اصل فكرة يوم القدس العالمي ولدت من ايران ذات المذهب الرسمي الشيعي، وان العراقيين من اتباع المذهب الشيعي الذين يهتمون بإحياء المناسبة إنما يهتمون بها كنوع من المجاملة او التعاطف والتأييد لايران.
بيد ان واقع الامور ليس بهذه الصورة، بل ان الذين يحرصون على احياء المناسبة والاهتمام بها يتحدثون عن ثلاثة ابعاد، بعد انساني باعتبار ان هناك شعبا مظلوما ومغتصبة حقوقه منذ اكثر من ستة عقود من الزمن، وبالتالي لا بد من الانتصار له واظهار التأييد والمساندة والدعم المعنوي في اقل تقدير له، وبعد اسلامي ـ ديني، انطلاقا من كون الشعب الفلسطيني شعب مسلم، والشعب العراقي هو الآخر شعب مسلم، ونصرة المسلم لاخيه المسلم واجبة وان بأضعف الايمان، والبعد الاخر هو البعد القومي ـ العربي، على اعتبار ان الشعب العراقي جزء من الامة العربية التي يعد الشعب الفلسطيني جزءا منها ايضا، لذلك فإن القواسم المشتركة بين هذين الشعبين ضمن هذا الاطار تحتم النصرة والمساندة والموقف الايجابي.
ولا شك فإن للشعب العراقي مواقف تاريخية مشرفة من نضال الشعب الفلسطيني ضد الكيان الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين في العام 1948، لذا ليس غريبا ان يعيد تأكيد مواقفه تلك برغم ما يمر به من ظروف صعبة ومعقدة، سواء من خلال يوم القدس العالمي او اية مناسبة اخرى تحمل نفس الأبعاد والمضامين والدلالات.
الانتقاد/ العدد 1236 ـ 12 تشرين الاول/ اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018