ارشيف من : 2005-2008

القدس في قلب الإمام الخميني (قده)

القدس في قلب الإمام الخميني (قده)

العالم الإسلامي والى الدول الإسلامية جاء فيه:‏

"على كافة الدول الإسلامية وبالأخص العربية منها الاعتماد على الله سبحانه وتعالى والتوكل عليه فهو الذي يؤيد عباده بنصره، عليها جمع كافة الطاقات والقوى وتعبئة الشباب الفدائي والتوجه إلى ساحات القتال لدعم ومساندة المقاتلين في الصفوف والخطوط الأولى للجبهات الذين ينتظرون مطلق العون والمساعدة منكم من أجل تحرير فلسطين، ومن أجل اعادة شرفنا وكرامتنا ومجدنا وعظمة إسلامنا".‏

كما وتوجه إلى شعبه قائلاً:‏

مهمة الشعب الإيراني وعلماء الدين اليوم هي أكبر مما مضى، عليهم أن لا يصمتوا في هذه الفترة الحساسة، بل عليهم وبأية وسيلة ممكنة مضايقة الحكومة والشاه والضغط عليه من أجل أن يقف إلى جانب المسلمين ضد اسرائيل، وإلا فعليهم تعريته، وكشف فضائحه ومؤامراته كي يعرف العالم حقيقته الباطنة وسريرته الدنيئة.‏

نعم ليس غريباً ذلك على الإمام الذي بات معلوماً أنه ما من قضية استحوذت على قلبه الطاهر كقضية فلسطين السليبة، التي خالطت قلبه وعقله ولحمه ودمه، وكان ذلك منذ ولادة الكيان الغاصب الصهيوني ولذا تجده قام بالعمل ضد هذا الكيان وضد كل الأنظمة المساندة أو المتعاونة معه، ودعا لى محاربته ومجابهته بل لإزالته من الوجود باعتباره غدة سرطانية يجب اقتلاعها مع ما لهذا التعبير من معنى.‏

وقد كان شغله الشاغل وحلمه وأمله أن يرى القدس المغتصبة خالصة من رجس الصهاينة مرفوعة الجبين بعزة وإباء وشرف وكرامة، وظل هذا الحلم يراوده الى أن تسلم زمام الأمور في إيران الإسلام بعد أن أسقط كل قلاع الشاهنشاهية ومن وراءها ومن خلفها، ولذا تجده اتخذ عدة تدابير واجراءات لم نر مثيلاً لها في عالمنا العربي والإسلامي حتى اليوم تدل بوضوح على مدى تعلقه واهتمامه وإخلاصه للقضية المركزية للأمة، واليك بعضاً منها:‏

أ - إقفاله السفارة الإسرائيلية في طهران وجعلها سفارة للمجاهدين الفلسطينيين.‏

ب - دعوته الى تشكيل جيش العشرين مليوناً لتحرير القدس.‏

ج ـ إقفاله لأنابيب النفط التي كانت تضخ الى الكيان الغاصب إبان حكم الشاه وإلغاؤه لكل المعاهدات التي كان الشاه عقدها مع إسرائيل.‏

د ـ دعمه لعوائل الشهداء ولمعالجة الجرحى ولكل مقومات العيش لكافة أبناء فلسطين والذي فاق ما قدمته الدول العربية مجتمعة.‏

هـ ـ الدعم اللامحدود للمقاومة الفلسطينية مادياً ومعنوياً.‏

و ـ دعوته لليوم العالمي للقدس بحيث تبقى القضية حية في عقول وقلوب وسواعد كل أبناء هذه الأمة.‏

يوم القدس العالمي ثمرات وأهداف‏

إن أقدر من يستطيع التعبير عن يوم القدس بإيجاز واختصار دون خلل في الفهم والبيان هو من أعلن هذا اليوم على الملأ والذي سأقتبس منه قوله: "إن يوم القدس هو اليوم الذي تقطع فيه آمال الأعداء وليقتنعوا بأن زمن حكمهم قد ولّى الى غير رجعة".‏

المتحدث هو صاحب الرؤية والبصيرة الربانية صاحب السير والسلوك الى الله الذي معه تتفتح أبواب الهداية وتنتشر إيحاءات الغيب وصدق القول وقوة العزيمة والإيمان، ولهذا كان ليوم القدس الكثير من الأسرار والغايات والأهداف سأحاول أن أتلمسها وأضعها بين يديك الكريمتين.‏

1 - من الغايات المهمة لإعلان يوم القدس فصله عن الهوية الفلسطينية وجعله قضية كل مسلم ومؤمن وحر وشريف يدافع عن الحقوق المغتصبة في هذا العالم.‏

2 - يعتبر الإعلان أحد أهم الردود العملية على الذين ينادون بفصل الدين عن السياسة حيث أن الإمام ربط العبادة ـ في شهر الصوم وهو من شهور المسلمين المقدسة والتي يترك المسلم فيها كثيراً من مباهج الدنيا وزينتها ويتوجه الى خالقه وبارئه صائماً متبتلاً منقطعاً عن كل ما عداه متوجهاً اليه لا شريك له ـ بقضية عادلة محقة سياسية دينية ليقول لكل هذا العالم من يريد أن يتقرب الى الله فمن أفضل قربات هذا الشهر أن نهب جميعاً لاستعادة أرضنا والثأر لشهدائنا العظام وفك أسرانا من سجون الاحتلال وإعادة الأمجاد لأمتنا العزيزة.‏

3 - إن التوقيت الذي اختاره (قده) دقيق في تعبيره عن حساسية القضية فقد اختار للقدس من بين الشهور أعظمها وهو شهر رمضان، ومن بين أيامه الفاضلة أبركها وهم العشر الأواخر، ومن العشر الأواخر أكرمها وهو آخر يوم جمعة فيها، ليدلل بذلك على عظمة وقدر وجلال هذه المسألة.‏

4 - وهناك ما هو أدق عندما تعلم أن من أهداف الإمام الربط بين فتح مكة الذي كان في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك عام ثمانية للهجرة ـ حيث استطاع النبي أن يلغي وينقض على المجتمع القبلي الجاهلي والذي كان يمثل الاستكبار والتظلم في ذاك الزمن ـ ليحكي (قده) من خلال ذلك أنه مهما طال ليل الانتظار ستعاد القدس يوماً وتفتح أبوابها أمام مسلمي العالم ليعبد الله تعالى هناك ويهلل ويكبر، وهذه اشارة خفية دقيقة مرتبطة بالوعد الإلهي في قوله تعالى "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً" (الإسراء - 7).‏

هكذا فهمنا يوم القدس الذي اعتبر الإمام أن المشاركة في إحيائه واجبة لعله يؤدي الى فلسطين وأقصاها شيئاً من حقهما.‏

رحل (قده) وفي قلبه أمنية الصلاة فيها، ولكن لما يتحقق ذلك والأمل معقود على أبناء الإمام من الفلسطينيين والعرب والمسلمين الذين تغذوا من أفكاره وعملوا بحسب توجيهاته، وبحمده تعالى ها هم قد أذاقونا جزءاً من حلاوة النصر الذي تحقق في جنوبي لبنان وغزة وعلى أمل أن يتحقق كامل الحلم الذي أراده عبد من عبيد الله تعالى يصدق في حقه الحديث الذي يقول "ان لله رجالاً اذا ارادوا أراد"، فكل مقاوم وشريف يعمل لتحرير أرضنا المحتلة من براثن الاحتلال هو رجل من رجال الله وفارس من فرسانه.‏

نم في عليائك مبتهجاً فرحاً راضياً بما آتاك الله من فضله فأمانتك التي أوصيتنا بها ستبقى حية مشعة مضيئة فينا الى أن يظهر وعد الله تعالى ويملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.‏

الشيخ بلال عواضة‏

الانتقاد/ العدد 1236 ـ 12 تشرين الاول/ اكتوبر 2007‏

2007-10-12