ارشيف من : 2005-2008

سكان غزة بين ضياع الأمل.. وتحديات الواقع

سكان غزة بين ضياع الأمل.. وتحديات الواقع

غزة ـ فادي عبيد

" كم هو صعب أن يعيش الإنسان بعيداً عن أرضه وأهله؛ لكن الأصعب هو أن يتبدد الأمل برؤيتهم عنوةً وقسراً".
هذا باختصار هو حال نحو 50 ألف عائلة فلسطينية من سكان قطاع غزة ممن دفعوا ثمن قرار الحكومة الصهيونية وما يسمى بمجلسها الوزراي المصغر القاضي باعتبار القطاع كياناً معادياً، حيث حرموا من حقهم في الحصول على تصاريح "لم الشمل" وجمع ما بعثره الاحتلال بإجراءاته التعسفية والعنصرية.
تقول وداد عبد المجيد الأصفر (في الثلاثينيات من العمر): "من عام 95 واحنا بنّاضل حتى حصلنا على بطاقة تعريف مؤقتة بدلاً من الهوية، واستبشرنا خير بأنه ممكن تنتهي هذه المعاناة؛ لكن قرار حرمانا من لمّ الشمل ضيّع كل شي".
وأضافت الأصفر المقدسية الأصل أن هذا القرار له جملة من التداعيات والآثار السلبية على آلاف الغزيين ممن لا يملكون هويات، حيث أنهم لا يستطيعون التواصل مع أسرهم في مخيمات الشتات، كما أنهم عاجزون عن قضاء حاجاتهم الشخصية من علاج في الخارج، أو دراسة، أو حج، أو ما إلى ذلك.
ضياع الحلم
مثنّى النجار وهو أحد أعضاء لجنة الدفاع عن حق المواطنة وصف القرار بالزلزال الذي قوّض كل الجهود التي بذلتها اللجنة على مدى الشهور الماضية.
وعن تجربته الشخصية قال النجار: "إنه صدم بالقرار، حيث كان ينتظر حصول والده على هوية كي يتمكن من السفر للخارج للعلاج من مرض السرطان".
وأوضح النجار أن أسرته المكونة من 9 أفراد قدّمت منذ عودتها من العراق إلى قطاع غزة عام 94 خمسة طلبات للحصول على لم الشمل إلا أن جميعها قوبل بالرفض، مشيراً إلى أنه لم يرَ خالته الوحيدة منذ ستة عشر عاماً.
أما لؤي حجازي وهو شاب في العشرينيات من العمر فالحال عنده لم يكن بالأفضل، حيث قال: "إنه وما أن سمع بالخبر عبر وسائل الإعلام صعق؛ لأنه قضى على جملة من الآمال الكبيرة التي كان يحلم بتحقيقها على صعيد دراسته وعمله".
وأضاف حجازي أن حجم المعاناة التي تعيشها أسرته سيزداد بعد هذا القرار الذي وصفه بالمجحف، حيث أنه بدّد بصيص الأمل لديها برؤية أقاربها مرة أخرى بعد أن بذلت الكثير من الجهود في الحصول على لم الشمل منذ قدوم السلطة الفلسطينية عام 94، إلى جانب حرمانها من ممارسة حقوقها المدنية والدينية التي تتطلب السفر إلى الخارج.
واعتبر حجازي أن إقدام حكومة الاحتلال على اتخاذ هذا القرار من شأنه زيادة الفجوة الحاصلة بين الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
ألم ووجع
معاناة الحصول على تصريح "لم الشمل" لم تقتصر على سكان القطاع الذين يرغبون بجمعهم مع أقاربهم في الخارج، فهناك من هم بحاجة إلى جمع شملهم بأهلهم في الضفة المحتلة.
اعتدال وفريال سمارة، نابلسيتا الأصل، تركتا الأهل والأحباب وتزوجتا شابين من القطاع وعاشتا في غزة، منذ أكثر من 25 عاماً، ومنذ ذلك الحين لم تغادرا القطاع ولم تطأ أقدامهن أرض الضفة، حتى عند وفاة الوالدين.
تقول اعتدال: "إنها تعاني من مشاكل صحية في القلب، وإنها حصلت على "تحويلة" للعلاج في الخارج، إلا أنها لا تستطيع المغادرة كونها لا تحمل بطاقة هوية تمنحها حق العودة لأبنائها ومنزلها في القطاع".
قرار الحكومة الصهيونية حرمان آلاف الغزيين من الحصول على تصاريح لم الشمل، وإن جاء في ظل تغنّي البعض بإمكانية التوصل إلى تسوية جادة، والسعي لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، فإنه لن يفلح في نزع الأمل منهم ليظل لسان حالهم يقول: "ومهما طال في الإنسان هموم، ستعقبها البشائر مقبلات".
الانتقاد / العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/ اكتوبر 2007


2007-10-05