ارشيف من : 2005-2008

لقاءات عباس أولمرت تحاول إنقاذ الموقف

لقاءات عباس أولمرت تحاول إنقاذ الموقف

غزة ـ عماد عيد

ما زال الغموض هو سيد الموقف بالنسبة الى اللقاء الدولي الذي دعا إليه الرئيس الأميركي جورج بوش في الخريف، أو على الأقل بالنسبة الى نتائج هذا المؤتمر وبرنامجه.. وهو ربما ما يفسر تتابع التصريحات الصادرة عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكامل فريق السلطة الفلسطينية بما في ذلك آخر الدعوات عن اللجنة التنفيذية للمنظمة، التي تدعو إلى ضرورة وضوح الرؤية بالنسبة لهذا اللقاء أو المؤتمر خشية أن يتحول المؤتمر إلى بازار يحصد الكيان الصهيوني منه كل الفوائد ويخرج الجانب الفلسطيني منه كما دخل، أي دون تحقيق أي فوائد على الأرض في ما يتعلق بالقضايا الجوهرية للقضية الفلسطينية.
وتحاول السلطة الفلسطينية جاهدة من خلال الرئيس عباس تحويل الدعوة الأميركية إلى مؤتمر دولي بمشاركة غالبية الدول العربية والإسلامية إن لم يكن كلها، من أجل ضمان مشاركة أوسع في هذا المؤتمر وحشد مزيد من الضغط على الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني بخصوص الحقوق الفلسطينية التي يحملها الجانب الفلسطيني، ومن المقرر أن يضعها على طاولة المؤتمرين، غير أن "إسرائيل" كما يبدو يقظة لهذه المحاولة الفلسطينية وتحاول قدر المستطاع الحفاظ على الصمت إزاء الدعوات الفلسطينية أو تصدير تصريحات تقلل من هذه الطموحات الفلسطينية كي لا تجعل مزيدا من الدول خصوصا الأوروبية، تنجر ولو بالموقف النظري نحو الموقف الفلسطيني.
على أن هذا التجاذب الإعلامي أو الدبلوماسي إن صح التعبير يحاول الطرفان استغلاله على طاولة المفاوضات الثنائية التي تضم وفودا فلسطينية وصهيونية، وخصوصا من الجانب الصهيوني الذي يحاول الحفاظ على مواقفه الإعلامية سالفة الذكر وتحويلها إلى سيف مسلط على رقاب المفاوضين الفلسطينيين لانتزاع مواقف أكثر مرونة منهم في ما يتعلق بقضايا الحل الدائم، وعلى رأس ذلك قضية اللاجئين والقدس والحدود والسيادة والدولة الفلسطينية، وكلها قضايا أصبحت مطروحة على طاولة البحث. وأكثر من ذلك فقد ذكرت مصادر متطابقة ومتواترة أن هذه القضايا شملتها مسودات لصيغ يُتوقع أن تكون قريبة من أي اتفاقات قد يوقع عليها الطرفان في الفترة القادمة إن تكللت جهود هؤلاء المفاوضين بالنجاح. وقالت هذه المصادر ان الطواقم التي عُينت لهذه المهمة تجتمع بشكل شبه متواصل للتوصل إلى صيغ قد تشكل محل اتفاق بين الجانبين وتترك أي عقبات لبحثها بين الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت اللذين التقيا مجددا هذا الأسبوع للبحث في هذه القضايا، برغم أن القضايا الإنسانية والحياتية هي ما يجري الحديث عنها عقب كل اجتماع بين الرجلين.
وبحسب المراقبين والمحللين فإن هذه المفاوضات السرية والعلنية واقتراب موعد المؤتمر المتوقع أن يعقد في منتصف الشهر المقبل، كل ذلك يلقي بظلاله على الأزمة الفلسطينية الداخلية ويذكي الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس. فحماس التي تعاني من حصار من قبل كل الأطراف تقريبا عقب سيطرتها على القطاع، تخشى أن يمنح العالم الرئيس عباس دولة فلسطينية تشكل انجازا يمكن أن يُسوّق على الفلسطينيين بموافقة العرب، ويكون المقابل إخراج حماس من النظام السياسي الفلسطيني، وهو الأمر الذي يجعل حماس تبدو متشددة بموقفها الحالي من جهة وتكثف دعواتها الى الحوار وتشكيل قيادة وطنية موحدة لمواجهة التهديدات الصهيونية من جهة أخرى، بما في ذلك قضية الإعلان عن انتهاء إجراءات دمج القوة التنفيذية في الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة وانتهاء القوة التي أطلق عليها القوة التنفيذية التي شكلت جدلا كبيرا وكانت في مواجهة عدد كبير في المشاكل والاحتكاكات في القطاع.. حتى القضية التي شكلت إجماعا على مدار فترات النضال الفلسطيني شكلت هي الأخرى نقطة خلافية بين حماس وفتح في الآونة الأخيرة، وهي قضية الأسرى، فقد رحبت فتح بعملية إطلاق الأسرى التي جاءت كما قال الكيان الصهيوني لتعزيز موقف عباس في مواجهة حماس، في حين اعتبرتها حماس تدخلا إسرائيليا في الشؤون الفلسطينية الداخلية برغم ترحيبها بإطلاق أي أسير. وبكل الأحوال فإن عدد المفرج عنهم لم يصل إلى مئة أسير قامت السلطات الصهيونية باعتقال أكثرهم خلال هذا الأسبوع، في حين ما زال أكثر من احد عشر ألفا يرزحون داخل السجون الصهيونية.
 وبكل الأحوال فإن تجاهل حماس وفق السيناريو السابق ليس بالأمر الهيّن من وجهة نظر السياسيين والمراقبين الذين يرجحون أن هذا الأمر لن يكون أمرا ممكنا في هذه المرحلة إلا إذا كان الاتفاق  مقابل رأس حماس، وبالتالي تنفيذ مخطط عسكري بمباركة ودعم أميركا ودول العالم لإضعاف حماس على الأقل تمهيدا لتنفيذ هذا الاتفاق وإعادة القطاع إلى سيطرة السلطة الفلسطينية، وإلا فالحوار هو اللغة الوحيدة القادرة على حل الأزمة الفلسطينية، خصوصا مع إعلان حماس وتلميحها باستعدادها إعادة الأمور في القطاع إلى ما كانت عليه قبل سيطرتها عليه.
سيناريو مخطط عسكري ضد قطاع غزة ما زال قائما واتسع ليصل إلى مصر، حيث اتهم الكيان الصهيوني السلطات المصرية بإدخال خبراء إلى قطاع غزة عندما سمح بإدخال نحو مئة عالق فلسطيني على الجانب الآخر من الحدود، وكان من بين العالقين الداخلين إلى القطاع النائب عن حركة حماس نشر المصري ورئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي فرج الغول وقياديون من حركة حماس، فضلا عن عناصر من القسام ومن الجهاد الإسلامي ومن فتح كانوا محتجزين في مطار العريش منذ أكثر من مئة يوم، أو عالقين بالقرب من الحدود ويرفضون العودة عن طريق معبر العوجا ـ بيت حانون خشية اعتقالهم من قبل السلطات الصهيونية. لكن المحللين يعتبرون أن إدخال هؤلاء لم يتم إلا بالتنسيق مع الكيان الصهيوني لأن أزمتهم لا يبدو لها حل في القريب، وهي محاولة من الكيان الصهيوني لحشد مزيد من المبررات لعمليات عسكرية في غزة، ولكن ليس قبل أن ينقضي مؤتمر الخريف، وحتى ذلك الحين فالجيش الصهيوني سيبقى محافظا على الوتيرة نفسها من الاعتداءات اليومية في الأراضي الفلسطينية.
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007
  


2007-10-05