ارشيف من : 2005-2008
هل تنجح بكركي في جمع أضداد الموارنة؟
عندما التقى العماد ميشال عون والوزير السابق سليمان فرنجية البطريرك الماروني نصر الله صفير في بكركي من أجل المضي في ما سُمي بمبادرة بكركي، قدم العماد عون للبطريرك الماروني شرحا مفصلا عن الوضع السياسي الذي يعيشه لبنان منذ الاستقلال حتى اليوم، والهواجس التي يعيشها اللبنانيون منذ ذلك الوقت. وكان تمنٍّ من العماد عون على صفير أن تؤخذ الهواجس التي طرحها بعين الاعتبار عند مقاربة أي استحقاق، وأن لا يكون هناك عملية ابتزاز للمعارضة في ما خص الاستحقاق الرئاسي. كما قدم عون شرحا مفصلا حول آلية التعطيل التي تمارسه قوى السلطة من خلال تعطيلها المجلس الدستوري. وأبلغ العماد عون صفير عدم وجود الثقة الكافية بالطرف الآخر، لأن لديه نية تعطيل أي وفاق من اجل الوصول الى الفوضى والشرذمة والتوطين الذي يعتبر مشكلة أساسية، على أساس أن تطبيق هذا المشروع سيكون على حساب المسيحيين بعد تهجيرهم من البلد.
وروى مصدر نيابي ماروني قريب من العماد عون تفاصيل اللقاء لـ"الانتقاد"، فلفت الى أن "العماد عون أبلغ صفير ضرورة مشاركة كل المسيحيين في اختيار رئيس الجمهورية، وعدم حصره بالموارنة فقط، لأن المذاهب المسيحية الأخرى مثل الأرثوذكس والكاثوليك والأرمن والروم و..... لهم دور في هذا البلد، وعليه يجب أن يكونوا ممثلين في اختيار رئيسهم". كما أوضح عون لسيد بكركي انه "ليس ضد أي مرشح يُنتخب بالتوافق، ولكن شرط انتخابه بالثلثين".
ويتابع المصدر القول: "ان البطريرك صفير قال للعماد عون ان مشكلته هي عدم الوصول الى الفراغ، فرد عليه العماد عون بأننا نعيش الفراغ نفسه من خلال تعطيل دور رئاسة الجمهورية ومجلسي النواب والحكومة".
اللقاء بين الجنرال عون والوزير السابق سليمان فرنجية مع البطريرك صفير لم ينتهِ في ذلك اللقاء الى نتيجة تظهر موقفا موّحدا من الاستحقاق الرئاسي، لا سيما أن البطريرك كان على موعد مع موارنة 14 آذار.. لينتهي اللقاءان الى لجنة متابعة لمتابعة مبادرة بكركي، كثر الحديث عنها في الأيام الاخيرة.
وفي هذا الصدد يؤكد المصدر انه "لا يوجد شيء من هذا القبيل، لأن العماد عون رأى أن مثل هذه اللجنة مضيعة للوقت"، متسائلا: "على أي أساس سيعاود الاجتماع؟ خاصة عندما يقول سمير جعجع أنا بدي عين فلان وفلان باللجنة. هنا يُطرح السؤال: ماذا يمثل هذا الشخص المعين على الصعيد المسيحي؟ وهل المطلوب أن يتصل بجعجع أو أمين الجميل عندما يحصل شيء ما؟". وفي المقابل يسأل المصدر: "لماذا لا يحصل اجتماع رباعي الأقطاب يضم العماد عون وفرنجية وجعجع والجميل، ويتناقشون في ما بينهم بحضور صفير، ولا يخرجون حتى الوصول الى نتيجة؟ لأنه في رأي المصدر المقرب من العماد عون "الأشخاص المعينون من قبل جعجع لا يمثلون شيئا في الشارع المسيحي، بعكس جعجع والجميل اللذين لهما حيثية مسيحية". وبرغم كل ذلك يقول المصدر: "إننا ننتظر من الفريق الآخر تسمية الأشخاص للجنة، لنعرف ماذا يمثلون، وما هي درجة تمثيلهم".
مصدر آخر مقرب من بكركي قال لـ"الانتقاد" إن صفير أبلغ المجتمعين بأنه يريد وفاقاً مارونياً مارونياً للوصول الى رئيس توافقي. ويشير الى انه عندما رأى صفير أن مشهد الاستحقاق معقد أمامه، تحرك طالبا الى الموارنة المختلفين على هذا الاستحقاق الاجتماع بهم والتداول بالحلول للوصول الى استحقاق هادئ يمكن أن يجنب البلاد أزمات مفتوحة على كل الاحتمالات، ويمكن أن تودي بالوطن".
وبرغم هذه المحاولة يرى المصدر انه "لا يبدو أن هناك انقشاعاً جيداً في الأفق"، ويشير الى أن "صفير سيظل يسعى الى آخر لحظة وصولا الى اتفاق على رئيس مقبول، وإذا لم ينجح صفير في مسعاه فسيعلن عن فشل المحاولة عبر القول: اللهم اشهد أني بلغت".
وفي موازاة الحركة البطريركية يقول المصدر: "هناك حركة أوروبية لافتة ستنطلق هذا الأسبوع متمثلة بوزراء خارجية كل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وهي الدول الثلاث الأكثر كثافة كاثوليكيا وبضغط من الفاتيكان، لأن الفاتيكان يعوّل على الخروج من أزمة الاستحقاق الرئاسي بأقل ضرر ممكن، لأنه يرى من مقام رئاسة الجمهورية المسيحي الماروني بامتياز صمام أمان للحضور المسيحي في الشرق الأوسط".
ويضيف المصدر: "ان صفير وضع من التقاهم في أجواء وهواجس تنتابه شخصيا، وحذر من التمادي في التحصّن في مواقف متصلبة يمكن أن يدفع الجميع فاتورتها، وتساهم في هزّ (كرسي رئاسة الجمهورية المارونية)".
أما عن سبب تحرك البطريرك صفير فيقول المصدر: "إن صفير أولا ماروني ويحرص على مكانة ومتانة الطائفة المارونية في ظل التركيبة اللبنانية المتعددة الطوائف. وهو ثانيا وطني لأنه مؤمن بهذه التعددية ومؤمن بلبنان الرسالة كما وصفها البابا الراحل يوحنا بولس الثاني".
لكن ماذا لمس صفير ممن التقاهم؟
يقول المصدر ان "صفير لم يلمس نتائج ايجابية من لقاءات بكركي، ويستشف ذلك من خلال استنجاده بالسماء، وهو يرى ان الأمل ضعيف جدا. وبموازاة ذلك فإنه ـ أي صفير ـ يعول على مبادرة الرئيس نبيه بري، والمبادرة التي أطلقها ليست إلا تحفيزا لمبادرة بري".
ويبقى السؤال بعد لقاءي بكركي: هل ينجح صفير هذه المرة في جمع أضداد الموارنة، وبالتالي يتمكن من الإمساك بعصا الاستحقاق من وسطها؟
مصعب قشمر
الانتقاد/ العدد 1237 ـ 19 تشرين الأول / اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018