ارشيف من : 2005-2008
نصر الله: تقدم ايجابي في عملية التبادل الأوسع والأهم
أكد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر لله ان عملية التبادل الأخيرة تأتي في إطار "هدف إنساني"، لا في إطار "ترميم ثقة، لأنه لا محل للثقة بين حزب الله و"إسرائيل"، حيث يوجد عداء مستحكم بين مقاومة تدافع عن أرضها وشعبها وسيادة بلدها وعدو يحتل ويغتصب ويقتل ويعتدي". الهدف من التبادل إنساني لا اعلامي ولا سياسي التكتم سببه الحرص على إنجاز العملية وقطع الطريق على أي تدخلات خارجية أو مزايدات عند العدو المقاومة الإسلامية ملتزمة استعادة الأسرى وأجساد الشهداء هناك مفاوضات حثيثة لإنجاز العملية الأوسع والأهم
"السيد" الذي أطل عبر شاشة قناة "المنار" شارحاً مسار عملية التبادل التي حصلت والتي وصفها بالجزئية، أكد أنها فتحت أبوابا لم تكن مفتوحة من قبل للعملية الأساسية المتعلقة بالأسيرين والأسرى اللبنانيين والعرب. وقال: "هناك مفاوضات حثيثة وجهد مركز يبذل على هذا الصعيد"، لافتاً الى "أن ما حصل يعطي دفعاً مهماً للعملية الأوسع والأهم والأكمل"، مؤكداً "التزام المقاومة استعادة الأسرى وأجساد الشهداء، وحاضرون أن نقدم من أجلها كل التضحيات".
استهل سماحته كلمته بـ"التبريك والتعزية لعائلة الشهيد محمد يوسف عسيلي الذي تحرر جسده من قبضة الاحتلال، كما توجه بـالتهنئة للأسير المحرر حسن عقيل وكل عائلته، متمنياً أن يمن الله عليه بالصحة والعافية وطول العمر.
تفاوض وتبادل
ثم تناول سماحته مجريات عملية التفاوض والتبادل التي حصلت والأفق الذي نحن ذاهبون إليه خلال المرحلة المقبلة فقال: "سوف أتحدث بالمقدار المتاح الذي لا يلحق أي ضرر بعملية التفاوض، لأن هدفنا من كل الذي يحصل هدف انساني لا هدف اعلامي ولا هدف سياسي.. الهدف الحقيقي هو إطلاق سراح الأسرى كل الأسرى، استعادة أجساد الشهداء كل أجساد الشهداء، وما يخدم هذا الهدف هو الحاكم على سلوكنا وأدائنا وممارستنا في هذا الملف".
أضاف: "منذ عدة أشهر بدأت مفاوضات بين حزب الله والعدو الإسرائيلي من خلال وسيط دولي انتدب من قبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة السيد كوفي عنان، وتم استكمال هذا التكليف من خلال الأمين العام الجديد. طبيعة كل مفاوضات في البدايات تكون صعبة، لأن كل طرف يريد أن يعرض كل الملفات التي هو معني بها بشكل مباشر أو غير مباشر.. الإسرائيليون عرضوا في المفاوضات ما لنا علاقة به وما ليس لنا علاقة به، أي على سبيل المثال الجنديان الإسرائيليان اللذان تم أسرهما في عملية 12 تموز، كذلك يتحدثون بأجساد الجنود المفقودين في مواجهة السلطان يعقوب عام 1982، كذلك يعاودون الحديث في موضوع مساعد الطيار الإسرائيلي رون آراد. بطبيعة الحال نحن في الطرف المقابل نتحدث بالأسرى اللبنانيين والأسرى غير اللبنانيين، أي بكل الأسرى، وكذلك بالدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة الذين نعتقد انه تم تسليمهم إلى "إسرائيل" بعد اختطافهم من قبل حاجز للقوات اللبنانية عام 1982. إذاً كل طرف يأتي بكل ملفاته ويعتبر أنه معني بمتابعة هذه الملفات. بطبيعة الحال هنا تسير المفاوضات بشكل صعب ومتعثر في البداية ومع الوقت تتفكك.. أنا أحب أن أذّكر بأن كل عمليات التفاوض حول ملفات من هذا النوع كانت دائماً تأخذ وقتا، وهذا شيء طبيعي".
تابع: "قبل مدة أبلغنا الوسيط الدولي أنه بات لدينا جثة لمستوطن إسرائيلي من أصل أثيوبي، وقدمنا له بطاقة تثبت هذا المعنى، وأن هذه الجثة موجودة، وفي أي وقت تحبون أن نتفاوض عليها ليس لدينا مشكلة، لأننا لا نريد احتجاز هذه الجثة وحاضرون لإعادتها إلى عائلتها.. لكن في المقابل هناك أيضاً أسرى وأجساد شهداء محتجزة لدى العدو الإسرائيلي، إذاً فلنتعاطَ في هذا الموضوع بشكل انساني بحت. وكما قيل في الإعلام صحيح، هذا المستوطن دفعته المياه إلى الشواطئ ووقع في يد بعض المواطنين الصالحين والشرفاء، وهم عندما رأوا الجثة وجدوا معها بطاقات باللغة العبرية فقاموا بالاتصال بنا وتسليم الجثة الينا. وأنا بالمناسبة أتوجه بالشكر الجزيل لهؤلاء المواطنين الصالحين والشرفاء على مبادرتهم وعلى إحساسهم العالي بالمسؤولية وعلى ثقتهم بنا".
هدف إنساني بحت
أضاف: "هذه المعطيات أصبحت موجودة في المفاوضات وفي النقاش ولكن بشكل جانبي، وفيما كانت المفاوضات متواصلة طرح الوسيط الدولي أن عيد الفطر قادم، فما هو رأيكم بأن تقوموا بمبادرة حسن نية تجاه الإسرائيلي وأنا أتحدث مع الإسرائيلي ليقوم بمبادرة حسن نية باتجاهكم، فأجبناه بأنه ليس لدينا مانع. طبعاً نحن هنا نتحدث عن حسن نوايا في موضوعات انسانية، ولا نتحدث عن ثقة أو ترميم ثقة، لأنه لا محل للثقة بين حزب الله و"إسرائيل"، حيث يوجد عداء مستحكم بين مقاومة تدافع عن أرضها وشعبها وسيادة بلدها، وعدو يحتل ويغتصب ويقتل ويعتدي.. الموضوع ليس موضوع بناء ثقة، الموضوع حسن نوايا في قضية محددة انسانية لها علاقة بأسرى وأجساد شهداء. أجبناه: نحن جاهزون، ما هو المطلوب منا؟ قال المطلوب أمران: أولاً جثة هذا المستوطن الإسرائيلي. ثانياً إذا كان هناك معلومات أو معطيات في قضية محددة لا أود الكشف عنها الآن، والإسرائيلي يستطيع أن يتحدث بما يريد، لأننا ملتزمون بالتكتم حول مجريات التفاوض، هذه المعلومات هي طبعاً ليست حاسمة ولكنها تساعد وتمهد الطريق للوصول إلى نتائج معقولة ومقنعة، نحن ليس لدينا مانع، فالشق المتعلق بمبادرة حسن النوايا هو تسليم جثة المستوطن وتسليم مجموعة معلومات ومعطيات في قضية محددة، في المقابل أُبلغنا بأن مبادرة الإسرائيلي هي إطلاق أحد الأسرى الخمسة الذين أسروا في عدوان تموز وجثة شهيدين.. طبعاً هنا عندما يُقال خمسة أنا لا أعود أناقش في الأسماء، لأن أي واحد من هؤلاء الأسرى الخمسة هم إخواننا ونحن حريصون على استعادة كل أسير. وبالنسبة للشهداء نفس الأمر، وإن كان يصعب تحديد هوية الشهداء من قبل الإسرائيلي، بالحد الأدنى هو يدعي هذا، وهذا أمر معقول. فنحن قبلنا وقلنا ما يقدمه الإسرائيلي بالنسبة لنا مقبول، وهم اعتبروا ان الذي نقدمه نحن في هذه المبادرة مقبول أيضاً.اشترط الوسيط الدولي التكتم الشديد، وهذا الأمر يناسبنا لأنه ليس لدينا هاجس إعلامي ولا سياسي، وإنما هاجسنا إنجاز الهدف، ولذلك حصل تكتم شديد.. ولاحظتم أمس (الاثنين) من قبل حزب الله، مسؤولي حزب الله، وسائل الإعلام المنتسبة لحزب الله، وكأن لا شيء لا يحصل، نتيجة التزامنا بالتكتم. والتكتم سببه الحرص على إنجاز العملية وقطع الطريق على أي تدخلات خارجية أو مزايدات عند العدو، لأنني لا أعتقد أن هناك أحدا في لبنان يعطّل ليزايد في عملية من هذا النوع، وهذا على الأقل حسن الظن الموجود، ولكن في الوسط الإسرائيلي يمكن أن يدخل الموضوع في المزايدات. نحن من خلال تجربتنا في التبادل السابق نعرف أن المزايدات في حكومة العدو وفي إعلام العدو هي التي عطّلت بعض أجزاء من العملية التي لو اكتملت لكانت مفيدة جداً".
وتابع سماحته: "في كل الأحوال، في ظل أجواء التكتم، ربما الجميع تفاجأوا، العائلات تفاجأت، الجو العام تفاجأ، لأنه حصل الإبلاغ يوم الاثنين (الماضي)، لأنه بطبيعة الحال هناك إجراءات على الأرض يجب أن تنفذ، فتسرب الخبر وعلم الناس، ومع ذلك نحن التزمنا وأنجزت بحمد الله العملية يوم أمس (الاثنين الماضي) بنجاح كامل وضمن المتوقع ولم يتخللها أي إشكالات أو عقبات أو تعقيدات".
وإذ وصف عملية "التبادل التي حصلت بالإنجاز الكبير"، شدد سماحته على أنها في "النهاية عملية جزئية ومحدودة"، واعتبر ان "إطلاق سراح أسير واحد له قيمة انسانية عالية، واستعادة جسد شهيد واحد له قيمة إنسانية عالية".
وقال: "الموضوع هنا ليس موضوع عدد، وإنما موضوع انساني، لكن في نهاية المطاف نحن مسلمون أن هذه عملية جزئية ومحدودة بانتظار العملية الأهم. مما لا شك فيه أن ما حصل يعطي دفعاً مهماً للعملية الأوسع والأهم والأكمل، وهذا لا إشكال فيه، سواء عندنا أو عند العدو أو حتى عند الوسيط الدولي".
التبادل الأكبر والأهم
وفي ما يخص عملية التبادل الأوسع في المستقبل أكد سماحته جملة معطيات:
أولاً: أؤكد أن هناك مفاوضات حثيثة، أي غير موسمية ولا متقطعة, وإنما هناك جلسات مستمرة وحثيثة، وبعد أيام أيضاً بعد إنجاز هذا التبادل، سوف تعاود المفاوضات بشكل حثيث وجيد.
النقطة الثانية: أستطيع أن أتحدث لأول مرة عن وجود تقدم إيجابي في هذه المفاوضات الأساسية المرتبطة بالجنديين الإسرائيليين وبالأسرى.
والنقطة الثالثة: هي مواصلة العمل.. واضح أن هناك جدية وجهدا مركزا يبذل على هذا الصعيد. هذه المعطيات تجعلنا ننظر بأمل وتفاؤل لم يكن متوافرا لدينا خلال الأشهر الماضية، لكن الآن أستطيع أن أفصح عن هذا الجانب، لأول مرة أستطيع أن أتحدث عن أمل، عن تفاؤل، عن تقدم إيجابي، عن فرصة لتحقيق إنجاز كبير وعملية كاملة من هذا النوع. بالتأكيد إذا عدنا إلى الأمس (لحظة اطلاق الأسرى وجثماني الشهيدين)، أنا أتفهم جيداً مشاعر كل عوائل الشهداء وأعرف أن استعادة جسد الشهيد لا يقل أهمية نفسية وروحية وعاطفية حتى عن استعادة الأسير المحرر، يمكن أن يكون عدم وضوح الأسماء أوجد جوا عاطفيا معينا، كل عوائل الشهداء كانوا يتوقعون أن يكون الشهيدان لهم، أو عوائل الأسرى نفس الأمر. على كل حال نحن لم نتعمد هذا الأمر، لأنه في الحقيقة لم يكن هناك وضوح في الأسماء، وإلا كنا أبلغنا عوائل الشهداء وعائلات الأسرى حتى تكون الأمور واضحة من اللحظة الأولى".
وكرر سماحته "التزام المقاومة الإسلامية في لبنان، التزامنا القاطع باستعادة الأسرى وأجساد الشهداء" وقال: "هذه قضيتنا المركزية والرئيسية التي نجهد فيها، وحاضرون أن نقدم من أجلها كل التضحيات".
ولفت إلى "ان حزب الله يعلق آمالا كبيرة على طاقم العمل، الفريق المكلف من حزب الله، وعلى جهده، لأنه لديه تجربة طويلة من بدايات عمليات التبادل". مشيرا إلى ان "هذا الطاقم هو نفسه لديه أيضاً كفاءة عالية وخبرة ممتازة وحس جيد وكبير جداً بالمسؤولية، وبالتالي القرار السياسي حاسم، والطاقم المتابع هو طاقم ممتاز، وأنا أعتقد أن ظروف هذا الملف بدأت تتفتح فيها أبواب كانت مغلقة خلال الفترة الماضية".. موضحاً أنه لا يستطيع "ان يتحدث الآن بأكثر من هذا حتى لا ألحق أي ضرر أو أذى بالعملية، لكن هذه عملية مستمرة، ونأمل أن نصل إلى نتائج قريبة".
وفي ختام كلمته توجه سماحته بالشكر لـ"سيادة الأمين العام للأمم المتحدة وللوفد أو المساعدين والمنتدبين من قبله، الذين نسميهم الوسيط الدولي، بالفعل خلال هذه الفترة بذلوا جهودا كبيرة، جاؤوا وذهبوا كثيراً، تعبوا كثيراً، نحن نشكرهم على هذا الجهد الإنساني، وعلى أمل ـ إن شاء الله ـ أن تتحقق انجازات أخرى على هذا الصعيد وأن نصل إلى خاتمة سعيدة لهذا الملف بعونه تعالى".
الانتقاد/ العدد 1237 ـ 19 تشرين الأول / اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018