ارشيف من : 2005-2008
باب الحارة.. باب الأصالة
انتهى الجزء الثاني من المسلسل الدرامي "باب الحارة" بحلقاته الرمضانية التي شعت جمالاً وإيحاءً وكثافةً، وأعادت الاعتبار إلى أبطالٍ محليين (من صنع الحارة العربية أو الدمشقية) ذوي ذاتية إنسانية طليقة تحتضن مجتمع الحارة الشامية أو هو يحتضنها ويعطيها روحها وشكلها وتمردها على كل الطواغيت صغاراً كانوا أم كباراً.
في مجتمع الحارة غاب التمييز بين الزمن التاريخي الذي أنتج الأحداث المفترضة والزمن الذي أنتج مسلسل "باب الحارة"، كأننا إزاء مجتمع جديد لا يذيب الأزمنة التاريخية المختلفة فحسب، وإنما يحيلنا إلى زمن وهمي وحيد تتأبد فيه قضية الصراع بين الخير والشر. هذا المزج بين الأزمنة هو شرط القراءة الصحيحة للصراع المذكور وقوامه، وهو كذلك شرط القراءة النقدية "لباب الحارة" وقوامها، ذلك المسلسل المزدحم بالشخصيات التي من الصعب أن تغيب عن الذاكرة، مثل شخصية "أبو عصام" و"أبو شهاب" و"فريال"، وهي شخصيات رمزية وواقعية مركبة في الوقت ذاته تحمل العديد من الدلالات مع تلك الحارة العتيقة التي تضرب جذورها في التاريخ.. إنها الحارة المرآة التي ترفل بالكلمات البسيطة والنادرة: الأصالة في الحب والخير والقيم الحافظة التي تشبه كأس ماء طبيعية غير ملوثة. ولعل هذه القيم المترعة بالتراث والأصالة كما بالديماغوجية والعنف ـ الصراع مع حارة الضبع ـ هي رسالة المسلسل إلى الأجيال القادمة كي تتشبث بقيم المحافظة والهوية والتقاليد في بحثها المرير عن ذاتها وعن حضورها في عالم العولمة القاهر.
وإذا كان "باب الحارة" يفتقر إلى الأسئلة الرصينة، فيكفيه أنه يحمل رؤية واضحة للمسائل المصيرية التي تمرّ بها سوريا والعالم العربي.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1237 ـ 19 تشرين الأول / اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018