ارشيف من : 2005-2008

بنت جبيل تستعيد مسجدها الكبير

بنت جبيل تستعيد مسجدها الكبير

كتب علي الصغير

استعادت حارات بنت جبيل شيئا من عبق ماضيها، فأضاءت أطياف الذكريات الماضية عتمة ليليها ووحشة بيوتها المخيمة على سكون أيامها منذ تموز 2006. يعيد مسجد بنت جبيل المدينة لتستذكر هذه الأيام ليالي مباركة عاشها ناسها بخشوع على صوت المقدّس عبد الرؤوف فضل الله والسيد علي الحكيم وعلماء ورجال ونساء وأطفال وشهداء مضوا بعدما جمعتهم جدران المسجد الكبير على صلاة او دعاء او درس. فالمسجد الذي أعيد ترميمه مؤخرا ليعود ويستقبل المؤمنين بحلته القديمة المتجددة لم يكن يشكل لبنت جبيل مركزا لممارسة الشعائر الدينية فقط، بل طالما تداخل في النسيج الاجتماعي للبلدة القديمة. ففيه عُقدت مئات المصالحات او التقى صديقان بعد طول غياب، وهو الصرح الذي يقصده المغترب عندما يحط رحاله في المكان.
عاد الأذان إلى مئذنة "مسجد حاكورة نصف الضيعة" بعد انقطاع أكثر من سنتين بسبب ظروف الحرب التي أخرت انتهاء ورشة الترميم التي بدأت قبل العدوان، والتي كان من المفروض ان تنتهي قبل رمضان الماضي بحسب المهندس المسؤول عن عملية الترميم عفيف بزي.
يقول بزي: "المشروع يقوم على ترميم هذا البناء على أساس إعادة إعطائه الطابع التراثي القديم للعصر الذي بُني فيه. جرى "قشط" طبقة "البيتون" التي غطت جدرانه القديمة فبرز الحجر الأصلي الذي بُني فيه المسجد.. كما بُنيت جدران داخلية جديدة من حجر صخري وبالطريقة المعمارية نفسها المتبعة في الأصل. ووُسّع صحن الدار وبُنيت القناطر والعقد، اضافة الى زيادة بعض الاقسام الملحقة. لذلك فقد ازدادت مساحته الى حوالى 500 متر مربع، منها حوالى 200 متر تشكل صحن المسجد الداخلي، فيما المساحات الباقية تشمل طبقة مستحدثة تحت المسجد القديم والصحن الخارجي للمسجد والمرافق الأخرى.
وقد خضع المسجد لمشاريع ترميم عدة منذ بنائه، منها مشروعان مؤرخان على حجرين في المسجد يعودان الى ما قبل 200 عام تقريبا. فيما تذكر كتب التاريخ ان أقدم تاريخ لعمر هذا البناء يعود الى العصور الرومانية، حيث كان يوجد معبد روماني تشير اليه احدى الصخور هناك التي حفر عليها ما ترجمته "هنا بيت الرب".. اضافة الى العديد من الحفريات التي تعيد تاريخ هذه المنطقة الى ذلك العصر. وبعد دخول الديانة المسيحية الامبراطورية الرومانية تحول هذا المعبد الى كنيسة قبل ان يدخل الإسلام المنطقة ويُعمر المسجد من بقايا أحجار المعبد الروماني.
لذلك يعتبره معظم المؤرخين من أقدم المساجد في جبل عامل، وقد بناه علي بزي مطلع القرن الثاني عشر على يد حميدي الصفدي، أحد أهم المعماريين في ذلك الحين.
الانتقاد/ العدد 1237 ـ 19 تشرين الأول / اكتوبر 2007

2007-10-19