ارشيف من : 2005-2008
الآداب الباطنية لإزالة النجاسة (*)
فاعلم أن إزالة الحدث كما مرّ هي في الخروج من الإنيّة والأنانية والفناء على النفس، بل هي الخروج من بيت النفس بالكلية، وما دام في العبد بقايا من نفسه فهو محدث للحدث الأكبر، والعابد والمعبود فيه هو الشيطان والنفس. وإن منازل سير أهل الطريقة والسلوك إذا كانت لأجل الوصول إلى المقامات وحصول المعارج والمدارج فليست خارجة عن تصرف النفس والشيطان وإنما السير والسلوك معللة، فالسلوك إذاً في منازل النفس والسير في جوف البيت، ومثل هذا السالك ليس بمسافر ولا سالك وليس مهاجراً إلى الله ورسوله، وما طهّر من الحدث الأكبر الذي هو عينيّة العبد فإذا تطهّر من هذا الحدث بالكلية يكون العابد والمعبود هو الحق تعالى، ويحصل نتيجة قرب النافلة أي: كنت سمعه وبصره.. فمن هذه الجهة يلزم غسل جميع البدن في الطهارة من الحدث فإن تحت كل شعرة جنابة، فالتطهير من الحدث هو التطهير من الحدوث، ثم الفناء في بحر القدم، وكماله الخروج من الكثرة الاسمائية التي هي باطن الشجرة، ويخرج بهذا الخروج من الخطيئة السارية لآدم أصل الذرية، فالحدث هو من القذارات المعنوية وتطهيره أيضاً من الأمور الغيبية الباطنية، وهو نور، لكن الوضوء نور محدود والغسل نور مطلق، وأيّ وضوء أنقى من الغسل، وأما هذه المكانة فليست لإزالة الخبث والنجاسات الظاهرية لأنها تنظيف صوري وتطهير ظاهري، والآداب القلبية لها هي أن يعلم السالك الذي يريد الحضور في محضر الحق أنه لا يمكن التطرق إلى محضر الحق مع رجس الشيطان ورجس هذا الخبيث. وما لم يحصل الخروج من أمهات المذام الأخلاقية التي هي مبدأ لفساد المدينة الفاضلة الإنسانية ومنشأ للخطيئات الظاهرية والباطنية لم يجد السالك طريقاً إلى المقصد ولا سبيلاً إلى المقصود.
إن الشيطان الذي كان مجاوراً للعالم القدس ويعد في سلك الكروبيين فإنه آخر الأمر بواسطة الملكات الخبيثة أبعد عن جناب مقام المقربين وأرجم بنداء فاخرج منها فإنك رجيم. فإذاً نحن المتأخرين عن قافلة عالم الغيب والساقطين في بئر الطبيعة العميقة، والمردودين إلى أسفل السافلين كيف نقدر مع وجداننا الملكات الخبيثة الشيطانية أن نليق لمحضر القدس ونكون مجاورين للروحانيين ورفقاء للمقربين.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد1237 ـ 19 تشرين الاول/ اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018