ارشيف من : 2005-2008

التلوث:الهواء المسمم يقتل نصف مليون آسيوي... ويخنق الباقين

التلوث:الهواء المسمم يقتل نصف مليون آسيوي... ويخنق الباقين

المحمل بالمواد الملوثة التي تتجاوز معدلاتها، بنسبة عالية، كل مؤشرات منظمة الصحة العالمية.‏

شرح ميخال كريزانوسوكى، المستشار الأقليمى لشئون نوعية الهواء والصحة بهذه المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في اجتماع عقد مؤخرا في هذه المدينة السياحية، أن المواد الرئيسية الملوثة للهواء في آسيا هي ثاني أوكسيد الكبريت، وثاني أوكسيد النتروجين، والأوزون، وثاني أوكسيد الكربون، وذرات السخام والتراب.‏

كما صرح سورابى مينون، العالم بعمل لورنس بجامعة بيركلى في الولايات المتحدة، ل "آى بى اس" أن الصين هي مصدر القلق الرئيسي حيث تسجل نسب السخام أو "الكربون الأسود" معدلات عالية، تليها الهند التي ربما تتحول إلى "نقطة ساخنة" لتلوث الأوزون في العقود القادمة.‏

وتجدر الإشارة إلى أن الأوزون المتواجد في الجزء الأعلى من الغلاف الجوى (ستراتوسفير) هو الأوزون "الجيد" الذي يحتجز أشعة الشمس فوق البنفسجية المضرة للجلد والعين ويحول دون وصلها إلى الأرض.‏

أما الأوزون الموجود في الجزء الأسفل من الغلاف الجوى فهو الأوزون "السيئ" المضر بالجلد والعين والذي يأتي من عادم السيارات وانبعاثات الطائرات، ويعتبر بمثابة المكون الرئيسي للضباب والدخان الذي يخنق أهالي أنحاء واسعة من آسيا.‏

هذا وتسجل كثير من المدن الآسيوية معدلات سنوية من الذرات الملوثة الخشنة أي تلك إلى يبلغ قطرها 10 ميكرومتر (الميكرومتر هو جزء واحد من مليون متر)، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف المسموح به حسب مؤشرات منظمة الصحة العالمية.‏

ويشرح الخبير كريزانوسكى أن هذه الذرات، المعروفة علميا باسم "بى ام 10"، تبلغ في أنحاء في آسيا 70 ميكروغرام في المتر المكعب من الهواء، بالمقارنة بال 20 ميكروغرام في المتر المكعب الواردة في مؤشرات هذه لمنظمة العالمية.‏

ومن ثم فان خفض هذه الملوثات سوف يعنى خفض الوفيات في المدن الملوثة بنسبة 15 في المائة سنويا حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.‏

ويضيف الخبير الأقليمى أن الأدلة والمعلومات المتوفرة لدى منظمة الصحة العالمية "تؤكد على مدى خطورة تأثير التلوث على الصحة وتتطلب الحث على العمل فورا على وقف تعرض الأهالي لتلوث الهواء الشائع في المدن الآسيوية".‏

ومن ناحية أخرى، تشير دراسة عن الملوثات في 20 مدينة آسيوية، أعدها معهد ستوكهولم البيئي، إلى أن تلوث الهواء يمثل خطرا على الصحة ونوعية المعيشة في كثير من هذه المدن. وقد نشرت هذه الدراسة تمهيدا لأول مؤتمر حكومي للبلدان الآسيوية بشأن نوعية الهواء في المدن.‏

وتفيد دراسة المعهد السويدي إلى أن الوضع خطير في كبرى المدن الآسيوية، مثل بكين، داكا، هانوى، كاتماندو، كوكاتا، نيو دلهي، وشنغهاي، حيث يتجاوز معدل التلوث ضعف الحد الأدنى للأمان الذي وضعته منظمة الصحة العالمية.‏

ومن جانبه، أفاد بيندو لوهانى، من إدارة التنمية المستدامة ببنك التنمية الآسيوي، أن الزيادة الكبيرة التي يسجلها قطاع النقل في آسيا، لا سيما السيارات والدراجات النارية، هي واحدة من القضايا المثيرة للقلق في هذا المجال، إذا يتضاعف عدد السيارات كل خمسة أو سبعة أعوام.‏

وتأتى هذه الزيادة السريعة على حساب الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات. فمثلا، تثبتت مركزات ثانى أوكسيد الكبريت، وهو الغاز الذي يتسبب في الأمطار الحامضة، بمنسوب منخفض نسبيا. لكنه يتوقع أن تزيد محتويات الكبريت العالية في بعض البلدان من انبعاثات هذا الغاز.‏

ويتوقع أيضا أن تؤدى الزيادة السريعة في قطاع السيارات في آسيا في رفع معدل انبعاثات أوكسيد النتروجين والذرات الرفيعة، وقطرها نحو 2،5 ميكرومتر وتعرف علميا "بى ام 2،5"، وهى التي لا تستنشقها الرئة وإنما تميل إلى أن يستوعبها نسيج الرئة، مما يؤدى إلى مشاكل في التنفس.‏

فضلا عن ذلك، حذر المعهد السويدي من احتمال أن يؤثر ذلك أيضا على زيادة تلوث الأوزون. هذا وقد وضعت منظمة الصحة العالمية ثلاثة أهداف لتنفيذ سلسلة من الأنشطة المرحلية، أولها 70 ميكرغرام كهدف مرحلي محلى، وثانيها 50 وثالثها 30، حتى بلوغ 20 ميكروغرام .‏

في هذا الصدد، تحذر دراسات معهد ستوكهولم البيئي من أن بلوغ الهدف الأول يعتبر تحديا كبيرا في وجه بعض المدن الآسيوية، بينما يمثل تحقيق الهدف الثاني تحديا كبيرا بالنسبة لمعظمها، في حين يمثل الهدف الثالث تحديا كبيرا بالنسبة لجميع المدن الآسيوية.‏

يضاف إلى ذلك أن الملوثات تعبر الحدود، فمثلا، تشتكى بنغلاديش من أن أهاليها يختنقون من الدخان الملوث الآتي من الصين والهند، بينما ينتشر دخان حرائق الغابات في اندونيسيا في جاراتها ماليزيا وسنغافورة.‏

(*) يوغجاكارتا، اندونيسيا, 25 ديسمبر (آي بي إس)‏

2006-12-25