ارشيف من : 2005-2008
بعد تزايد عمليات حزب العمال الكردستاني : تركيا تقرع طبول الحرب على شمال العراق
الحزب الأحد الماضي في منطقة (داغلجا) الواقعة على الحدود مع العراق، وأدت العملية إلى مقتل وجرح العشرات من الجنود الاتراك ووقوع ثمانية جنود آخرين أسرى في أيدي المسلحين الأكراد..
العملية شكلت ضربة موجعة للجيش التركي وكذلك للجهود السياسية التي كانت تبذل من أكثر من عاصمة، وقبل العملية كان نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي قد زار أنقرة وغادرها متفائلاً بعد حصوله من الأتراك على وعود بعدم القيام بعملية عسكرية واسعة في شمال العراق لإنجاح الجهود الدبلوماسية كما دخلت سوريا أيضاً على خط الأزمة، وأبدى الرئيس بشار الأسد أثناء زيارته لتركيا الأسبوع الماضي استعداد بلاده للمساعدة في الحل من خلال الحديث مع الحكومة العراقية.
ردود الفعل الغاضبة التي أثارتها العملية داخل تركيا دفعت حكومة حزب العدالة والتنمية إلى التحرك السريع في محاولة لاحتواء الموقف وتدارس طبيعة وشكل الرد التركي على تزايد عمليات حزب العمال الكردستاني، وأن البرلمان كان قد منح حكومة رجب طيب أردوغان صلاحيات القرار بإرسال الجيش إلى شمال العراق وذلك قبل أربعة أيام فقط من عملية (داغلي).
قوى المعارضة صعدت من لهجتها في انتقاد مواقف الحكومة وطالبتها بالتحرك السريع قبل فوات الأوان، متهمة الحكومة بالتقاعس والتردد في اتخاذ قرار الحل العسكري.. وهي مستفيدة بالطبع من حالة الغضب المتفجرة في الشارع والتظاهرات الحاشدة التي عمت معظم المدن التركية، ووصلت ذروتها أثناء تشييع جنازات الجنود الاثني عشر الذين سقطوا في العملية الأخيرة.
رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وبعد سلسلة من الاجتماعات الطارئة مع كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين قال إن بلاده مصممة على انهاء الإرهاب مهما كلف الثمن، وإن مشكلة تركيا هي فقط مع حزب العمل الكردستاني وليس مع العراقيين، وحكومته لن تتردد في اتخاذ قرار أي عمل عسكري عندما تكتمل الشروط المطلوبة.
وبالقفز إلى المشهد السائد في تركيا يمكن القول انها جادة هذه المرة باللجوء إلى الخيار العسكري والرد على عمليات حزب العمال، وهذا ما تؤكده كل التصريحات الصادرة عن المسؤولين السياسيين والعسكريين، لكن من غير المؤكد بعد ما هي طبيعة وشكل وتوقيت العملية التركية، ويستبعد المراقبون قيام الجيش التركي بعملية اجتياح برية واسعة لشمال العراق، نتائجها غير مضمونة على الصعيدين العسكري والسياسي.
فتحرك الجيش التركي في المناطق الجبلية الوعرة التي يتمركز فيها المسلحون الأتراك سيكون صعباً خاصة مع دخول فصل الشتاء، حتى أن البعض من المعارضين لمثل هذه العملية في تركيا يعتقدون أن دخول الجيش إلى شمال العراق سيحقق هدف حزب العمال الكردستاني والقوى الدولية التي تدعمه لجر تركيا إلى العراق والدخول في مواجهة مباشرة مع قوات البشمركة الكردية التابعة لمسعود البرزاني وجلال الطالباني الأمر الذي سيترك تداعيات سلبية على حالة التعايش القائمة في تركيا بين الأكراد والأتراك، ولا شك أن قيام الجيش التركي بعملية لاجتياح شمال العراق سيضع أنقرة في موقف صعب في ظل المعارضة الدولية الواسعة وتحديداً الأميركية.
تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان التي قال فيها "ان مكافحة الإرهاب لا تعني فقط عملية عسكرية واسعة، بل يوجد أساليب متنوعة لمحاربة الإرهاب"، تكشف على ما يبدو ملامح التحرك التركي القادم الذي من المرجح أن يدخل حيز التنفيذ بعد إجراء عملية تقويم شاملة للجهود الدبلوماسية المبذولة، والوعود التي تحدثت عنها الحكومة العراقية بإغلاق معسكرات حزب العمال، وربما تسليم بعض المطلوبين من قيادات الحزب إلى تركيا، والأهم بالطبع ما سيصدر عن اجتماعات المؤتمر الدولي حول العراق الذي سيعقد في اسطنبول في الثالث من الشهر القادم ويحضره وزراء خارجية دول جوار العراق اضافة للولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والجامعة العربية.
التحرك التركي بحسب المصادر السياسية والاعلامية سيكون باتجاهين:
الأول: عسكري حيث يقوم الجيش التركي بعمليات عسكرية محددة تستهدف معسكرات حزب العمال، تنفذها الطائرات التركية وبمشاركة وحدات خاصة من القوات البرية. والواضح أن أنقرة حصلت على ضوء أخضر من واشنطن للقيام بمثل هذه العمليات، وستقوم بتزويدها بمعلومات استخباراتية دقيقة تساعد سلاح الجو في عملياته.
والثاني: اقتصادي.. فمجلس الأمن القومي الذي يعقد بشكل دوري مرة كل شهرين برئاسة رئيس الجمهورية وحضور القيادات السياسية والعسكرية ويحدد الاستراتيجية العامة للسياسة التركية ناقش في اجتماعه الذي وصف بالحاسم (الأربعاء الماضي) تقريراً أعدته وزارتا التجارة والخارجية يتحدث عن مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التي يمكن أن تقدم عليها تركيا كتخفيض حجم التجارة وقطع التيار الكهربائي عن مناطق شمال العراق وإغلاق بوابة الخابور التي تعد معبراً أساسياً للبضائع والبنزين من تركيا إلى اقليم كردستان العراق، كل ذلك بالطبع لم يغير كثيراً على الصعيد الميداني في المناطق الحدودية بين تركيا والعراق، فالجيش التركي الذي تجاوز عدد جنوده المئة الف منتشر على طول الحدود مع العراق، ويواصل تعزيز مواقعه بمزيد من التجهيزات والآليات العسكرية. واللافت أيضاً انتقال الطائرات الحربية إلى مواقع ومطارات قريبة من الحدود مع العراق.
الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/اكتوبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018