ارشيف من : 2005-2008

نيكولا ساركوزي في المغرب : صراع ناعم مع الأميركيين في شمال أفريقيا

نيكولا ساركوزي في المغرب : صراع ناعم مع الأميركيين في شمال أفريقيا

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال جولته على دول المغرب العربي بداية شهر يوليو/ تموز الماضي كمحطة هامشية لا تدوم لأكثر من ثلاث ساعات، فمع بداية الأسبوع الذي نودعه حل الرئيس الفرنسي مرفوقا بوفد ضم ابرز الوزراء في الحكومة الفرنسية وأكثر من سبعين رجل اعمال في زيارة استغرقت ثلاثة ايام حظي فيها الرئيس الفرنسي باستقبال رسمي كبير من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس. زيارة تداخل فيها الاقتصادي بالشأن السياسي الاقليمي والدولي في ظرف عصيب يعيشه المسرح الدولي بسبب الفوضى الخلاقة التي أشعل فتيلها المحافظون الجدد في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش.‏

وبرغم أن فرنسا ساركوزي ولت وجهها شطر واشنطن حيث بدا الرئيس الفرنسي الحالي وكأنه يسير على خطى رئيس وزراء بريطانيا السابق طوني بلير فإنها بدأت تخشى على موقعها القديم والتقليدي في محمياتها السابقة، وأخذت تتوجس من الحضور المتزايد لاميركا في منطقة شمال افريقيا تحت ذريعة محاربة الإرهاب.‏

والأهم أن زيارة ساركوزي ازاحت بعض الغيوم التي تلبدت في سماء علاقات البلدين من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات بغلاف مالي قارب الثلاثة مليارات يورو، وجاء على قائمة الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين فوز باريس بإنشاء اول خط للسكك الحديدية فائق السرعة "تي جي في" يربط بين مدينة طنجة شمالي المغرب ومدينة مراكش جنوبي المغرب، لكن ساركوزي لم يفلح بإقناع المغرب باقتناء طائرات رافال الفرنسية بدلا من اقتناء طائرات الاف 16 الأميركية التي كان لها الفوز في صراع "الأصدقاء" على غرس الأرجل عميقا في منطقة جيوستراتيجية.‏

إشادة بـ "الاصلاحات"‏

خلال جولته المغربية لم يفت الرئيس الفرنسي الحديث عما حققه المغرب ابان سنوات حكم الملك محمد السادس" انني قدمت لزيارة المغرب الحديث وأنا اعرف ان بلدكم المغرب قد تغير، فهذا المغرب الجديد بالذات هو الذي أتيت لرؤيته، هذا المغرب الديمقراطي والتعددي والمتصالح مع ماضيه والواثق من مستقبله".‏

لكن الرئيس الفرنسي الذي ظهر وكأنه يوزع شواهد حسن السلوك لم يترك الفرصة تطير من يديه فبادر الى اطلاق مشروعه المتوسطي الذي دعا فيه رؤساء الدول المطلة على حوض البحر المتوسط الى عقد لقاء في فرنسا في حزيران/ يونيو 2008 لوضع اللبنات الأولى لبناء وارساء قواعد اتحاد سياسي واقتصادي وثقافي مبني على مبادئ المساواة الكاملة. ولان ساركوزي عرف بانشغاله بملف الهجرة غير الشرعية وبالمهاجرين العرب عموما ان لم نقل ان انشغاله ذلك لا يخفي رغبته في التخلص من مهاجرين كثر فالمعروف عنه انه صاحب مقولة الهجرة المنتقاة، اي السماح لمهاجرين تستفيد من خبراتهم فرنسا لا من مهاجرين يحتمون بفرنسا من الجوع في بلدانهم. لذلك نراه في زيارته للمغرب شدد على ضرورة الاستمرار ومواصلة المشوار الذي دشنه المؤتمر الأوروبي الأفريقي الذي احتضنته الرباط في تموز/ يوليو 2006. والذي بحسب ساركوزي فتح الباب امام حقبة جديدة في تاريخ حركات الهجرة تسمح بتحسين التنسيق بشأن ادارة تنقل الاشخاص بطريقة قانونية بين جانبي المتوسط. وبمجرد أن انتهى الرئيس الفرنسي من الدعوة الى الاجتماعين الاول حول المشروع المتوسطي والثاني حول الهجرة غير الشرعية حتى سارعت المفوضية الاوروبية الى الاعراب عن تأييدها للاجتماع الثاني، وطلب التوضيح من باريس بخصوص دعوتها الى بناء اتحاد دول حوض المتوسط برغم ان ساركوزي شدد على ان مشروع الاتحاد ليس بديلا على مسلسل برشلونة الذي ولد منكفئا على ذاته.‏

الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/اكتوبر2007‏

2007-10-26