ارشيف من : 2005-2008
في بيان طريق الاستفادة من القرآن الكريم (*)
على قلبك أبواب المعارف والحكم، هو أن يكون نظرك إلى الكتاب الشريف الإلهي نظر التعليم، وتراه كتاب التعليم والإفادة، وترى نفسك موظفة على التعلّم والاستفادة.. وليس مقصودنا من التعليم والتعلم والإفادة والاستفادة أن تتعلم منه الجهات الأدبية والنحو والصرف أو تأخذ منه الفصاحة والبلاغة والنكات البيانية والبديعية، أو تنظر في قصصه وحكاياته بالنظر التاريخي والاطلاع على الأمم السالفة، فإنه ليس شيء من هذه داخلاً في مقاصد القرآن، وهو بعيد عن المنظور الأصلي للكتاب الإلهي بمراحل، والذي أوجب أن تكون استفادتنا من هذا الكتاب العظيم بأقل من القليل هو هذا المعنى.. فإما ألا ننظر اليه نظر التعليم والتعلم كما هو الغالب علينا، ونقرأ القرآن للثواب والأجر فقط، ولهذا لا نعتني بغير جهة تجويده، ونريد أن نقرأه صحيحاً حتى يعطي لنا الثواب، ونحن واقفون في هذا الحد وقانعون بهذا الأمر، ولذا نقرأ القرآن أربعين سنة ولا تحصل الاستفادة منه بوجه الا الأجر وثواب القراءة, وإما أن نشتغل إن كان نظرنا التعليم والتعلّم بالنكات البديعية والبيانية ووجوه إعجازه، وأعلى من هذا بقليل الجهات التاريخية وسبب نزول الآيات وأوقات النزول، وكون الآيات والسور مكية أو مدنية، واختلاف القراءات واختلاف المفسرين من العامة والخاصة وسائر الأمور العرضية الخارجة عن المقصد، بحيث تكون هذه الأمور نفسها موجبة للاحتجاب عن القرآن والغفلة عن الذكر الإلهي.. بل ان مفسّرينا العظام أيضاً صرفوا عمدة همّهم في احدى هذه الجهات أو أكثر ولم يفتحوا باب التعليمات على الناس. وبعقيدتي أنا الكاتب، لم يكتب إلى الآن التفسير لكتاب الله، لأن معنى التفسير على نحو كلي هو أن يكون شارحاً لمقاصد الكتاب المفسّر، ويكون النظر متوجها إلى بيان منظور صاحب الكتاب. فهذا الكتاب الشريف الذي هو بشهادة من الله تعالى كتاب الهداية والتعليم ونور طريق سلوك الإنسانية، يلزم المفسّر أن يعلّم المتعلم في كل قصة من قصصه، بل في كل آية من آياته، جهة الاهتداء إلى عالم الغيب وحيثية الهداية إلى طريق السعادة، وسلوك طريق المعرفة والإنسانية.
(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/ اكتوبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018