ارشيف من : 2005-2008

سيّارة شاعر

سيّارة شاعر

يوصف‏

سيارتي "هوندا" وماذا تنفع‏

"الهوندا" اذا كانت بنا لا ترأف‏

هي لم ترحني في حياتي مرة‏

أبداً ولا يوماً بنا تتلطف‏

وأنا لسوء الحظ ما سجلتها‏

نظراً لما تسجيلها هو مكلف‏

ولأجل ما عانيت منها لم أزل‏

عن دفع ميكانيكها أتخلف‏

سيارتي "مهضومة" لكنها‏

لجميع أشكال التخلف متحف‏

ولقد تواضع شكلها حتى غدا‏

منه يملّ الجاهل المتفلسف‏

ولعل أكثر من يعيرني بها‏

بين الورى مسؤولنا المتخلف‏

لم أدر كيف تبدلت أحوالها‏

حتى أتاها عصرها المتقشف‏

والله ما قصرت في تنظيفها‏

أبداً ولكن شكلها لا ينظف‏

فلكثر ما أكل الزمان طلاءها‏

ما عاد أصل اللون فيها يعرف‏

ولكثر ما جمع الهشيم دفاعها‏

فبدا بها وكأنما هو معلف‏

في جزئها الخلفي "طبوناية"‏

من وحل قريتنا عليها شرشف‏

وعلى "غطا" موتيرها معجونة‏

صدأ الحديد بها فصارت تنزف‏

ولها دواليب ضعاف أربع‏

ذابت بها "الكوما" فراحت تردف‏

أنا من زمان كنت قد فارقتها‏

لو لم يكن بالناس ربّ يلطف‏

رفرافها: الله من رفرافها‏

أمضيت فصل الصيف وهو يرفرف‏

أما مصيبتها العظيمة في "الشتا"‏

أرض مشققة وسقف يدلف‏

فيتاسها المنحوس يقرع دائماً‏

أما محركها فطبل أجوف‏

إن قدتها نحو اليمين توجهت‏

نحو اليسار وعكس ذلك أعنف‏

فإذا مشت فكأنها دبابة‏

وإذا رست فكأنها مستوصف‏

أنا ما قصدت بها المدينة مرة‏

إلا وقلبي كان فيها يرجف‏

لله أشكو من أذى صدماتها‏

دهراً بحقي عابثاً لا ينصف‏

"ومكحكح" في السير قلت له اشتر‏

سيارتي فأجابني متأسف‏

فكأنني منذ ابتليت بهمها‏

وحدي بأحداث الزمان مكلف‏

في كل أسبوع أغيّر قطعة‏

فيها وعطل الكهرباء مكثف‏

لا يعشق البنزين "ريزيفوارها"‏

من كثرة الصرف التي هي تصرف‏

ان شئت تصليحاً لها لم أستطع‏

تصليحها ضعف المعاش يكلف‏

أما "حدادتها" و"بويتها" إذا‏

شغلت فيلزمني لذلك مصرف‏

وبرغم ذا إني أفضلها على‏

"شبح" بها قرد خبيث مقرف‏

كم من عبيطٍ أحمق قد قال لي‏

لم لا تغيرها فأنت موظف‏

فأجبته ان القناعة عندنا‏

كنز كبير والتواضع موقف‏

والعيش في رفع الجبين إلى العلى‏

في هكذا سيارة لي أشرف‏

سيارة "الهونداي" من سيارتي‏

أغلى وأرقى في "الموديل" وأنظف‏

لكنما هي في الحقيقة لعبة‏

يزهو بزينتها الفتى المتعجرف‏

تعساً لمن تلقاه في سيارة‏

مقياس قيمتها الحديد الأجوف‏

والفخر كل الفخر في سيارة‏

يختال فيها شاعر ومثقف‏

خليل عجمي‏

الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/ اكتوبر2007‏

2007-10-26