ارشيف من : 2005-2008

من يسمح؟ بل من يسمع؟

من يسمح؟ بل من يسمع؟

من أحداث وتطورات؟ أين يصنّف نفسه سياسياً؟ وما هي أحلامه في هذا الإطار؟‏

جرت العادة أن يعبّر المثقف عن رأيه وموقفه السياسي من خلال الكتابة، وأحياناً تكون الكتابة في ذاتها عملاً سياسياً. في لبنان لم تكتب أعمال سياسية تتناول الأزمة الراهنة منذ بداية ـ عقب اغتيال الرئيس الحريري ـ وهذا الأمر بذاته ليس مستغرباً، لأن الأعمال الأدبية غالباً ما تأخذ وقتها في كتابة وتأريخ الحدث، لكن المستغرب والمستهجن حقيقة هو غياب الصوت الثقافي الذي يجرّد الأزمة السياسية وينأى بها عن التفاصيل ليضعها في مكانها الحقيقي، ويربطها بصراع الخير والشر، بالجمال ونقيضه، بالتسامح وضده، كما بالاعتراف بالآخر الوطني واحترامه في الاطار التعددي وعدمه.‏

إن مهمة المثقف اللبناني ليست بالسهلة إذ يجد نفسه اليوم إزاء قضية شائكة ومعقدة، فالكتابة حول الأزمة السياسية الحالية في لبنان أشبه بمن يسير في "حقل ألغام"، وهي تحتاج من الكاتب الروية والتأني والهدوء والبعد عن التعصب الطائفي، والابتعاد عن الشعارات والتقريرية المباشرة. ربما يكون عليه أن يقول كلمته المفعمة بالرمز والإيحاء، كلمته التي تختزن الوقائع والأحداث والمواقف والخلفيات، وربما يجب عليه أن يمسك بخيوط الزمن وأن ينتقل بسلاسة من حدث إلى آخر فيعطي صورة للإنسان اللبناني البعيد عن صياغة القرار السياسي وعن التأثير في مجريات الأحداث، عليه أن يقول ذلك، ولكن من يسمح له بالقول؟ وإذا ما سمحوا له فمن تراه يسمع؟‏

حسن نعيم‏

الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/ اكتوبر2007‏

2007-10-26