ارشيف من : 2005-2008
الحق ليس على فيلتمان
فأغاث. طلبوا منه فاستجاب. فتحوا له الأبواب فدخل. سألوه نصيحة فنصح، ثم، استطاب الإقامة، وعندما عرف أن بعض اللبنانيين "الاقحاح" جداً، وبعض "المستعربين" قديماً، يشتهرون بالضيافة، وبالقول المأثور: "نحن الضيوف وأنتم رب المنزل"، أقام في كل مكان، وراح يتصرف بالفعل، كأنه رب المنزل والمقيمون فيه خدم له.
فلتحيَ السيادة
الذين عبّدوا الطريق إلى دمشق بأقدامهم، عفّروا الطريق إلى عوكر بجباههم، باتوا لا يليق بهم نوم إلا في السرير الأميركي، ولا يطمئن لهم بال سياسي، إلا في قاعات الاستقبال، ولا يعرفون اليمين من اليسار، والفوق من التحت، إلا إذا جاءهم رسول من عوكر، وإذا كان فيلتمان قد زادها كثيراً، فلأنه، وبرغم معرفته المسبقة بما قامت به "اسرائيل" في تموز، وما ارتكبته أميركا في ذلك العدوان، صار يستقبل بحفاوة وغبطة وفرح واطمئنان من قبل فرقاء في 14 آذار.
لست ألوم فيلتمان أبداً، إنه يخدم بلاده، وهو مستعد لأفظع من ذلك، كما لست ألوم أحداً من فريق 14 آذار، لأن اللوم وسام له، وأنا لست مستعداً لتعليق الأوسمة، لمن يمهد الطريق لتعليق اللبنانيين فوق منصة الشرق الأوسط الدموي الجديد.
قال فيلتمان كلاماً واضحاً وصريحاً، يريد تخليص لبنان من نصف اللبنانيين، برافو، يحتاج إلى مكافأة مجزية من فرقاء 14 آذار. وقال فيلتمان، ان قواعد الفلسطينيين في قوسايا وسواها هي القواعد العسكرية التخريبية، ولم يفته أبداً، أن هؤلاء الفلسطينيين يلزم أن يتركوا هذه القواعد نهائياً، ليعودوا إلى بيوتهم في فلسطين، وفق قرار حق العودة، وقال فيلتمان، انه يغار على الجيش اللبناني (هكذا فجأة) وإن غيرته ستصل إلى حد احتضانه ونشله مما آلت اليه أموره، في حماية اللبنانيين وحماية المقاومة، وسيتكفل مع فريقٍ مختص من 14 آذار بتلقين الجيش عقيدة جديدة يتحوّل بموجبها الجيش الوطني اللبناني، إلى قاعدة عسكرية أطلسية متقدمة، في الحرب "على الارهاب" والممانعة، ولبناء الشرق الأوسط الأميركي الجديد.
ومع ذلك، فلست ألوم فيلتمان، إنه سفير ممتاز لبلده، أما بعض أفرقاء 14 آذار، فهم سفراء فوق العادة للولايات المتحدة الاميركية، وينقلون اليها النصح ولائحة العروض، ليصار إلى خوض المعركة عنهم، ولو أن للبعض أن يرسم صورة واقعية لهم، لوجدناهم يقفون على يمين كونداليسا رايس، ولبدا اليوت ابرامز معتدلاً إزاءهم، ومظهر ديك تشيني على أقصى اليسار.
من يَلُمْ فيلتمان اليوم، عليه أن يتراجع قليلاً، فهو ممثل اميركا واسرائيل معاً ـ طالما أن "اسرائيل" لم تحظ وفق ما يشتهي البعض في لبنان ـ أما بعض أفرقاء 14 آذار فليس لنا إلا أن نقول لهم: ان للبنان شعباً يحميه منكم ومن اميركا ومن اسرائيل، تذكروا المارينز عام 1982، استذكروا خروجهم من لبنان عام 1983 وتوقعوا بالتأكيد عدم قدرتهم على العودة إلى لبنان.
أما نحن، فنستذكر جيداً "القنابل الذكية" الاميركية الصنع والقنابل العنقودية، وعناق السنيورة لرايس مع ابتسامة وفرح، ومائدة الطعام في عوكر، وتكريم جون بولتون، "السفاح الرخيم" في اميركا.
نقول: سنتذكر، فمن الضروري أحياناً، أن نعبئ ذاكرتنا بعبوات ناسفة.
الانتقاد/ العدد 1238 ـ 26 تشرين الاول/اكتوبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018