ارشيف من : 2005-2008

الحرية بالمعيار الأميركي

الحرية بالمعيار الأميركي

ترتبط دقة تطبيق مفهوم الديمقراطية بمعايير تطبيق مفهوم الحرية وحدوده، إذ أن الحرية ليست مطلقة وتتوقف عند اعتبارات وحدود معينة كي تتمكن من المساهمة في تحقيق الديمقراطية والمساواة وصون حقوق الإنسان، ومتى تعدى تطبيق الحرية هذه الاعتبارات والحدود سادت أنظمة أسوأ من قوانين الغاب.
ومن أهم معايير الديمقراطية التي يتغنى الغرب والولايات المتحدة خصوصا بها هو خضوع الأقلية لحكم الأكثرية، أي أن حرية الأقلية بموضوع ما تصبح مقيدة بما تحكم به الأكثرية.
ولكن ومع العصر التجبري الجديد للولايات المتحدة يبدو أن هذه التفسيرات لا تعجب كثيرا من يديرون الدفة في البيت الأبيض الذين وكما هو واضح من تصرفاتهم يعتبرون أنفسهم اكبر من أن تطبق عليهم هذه المفاهيم، أو أن تحد حرياتهم بسقوف، أو تضع لها حدوداً، فحريتهم تتوقف على ما تقتضيه مصالحهم الخاصة قبل العامة، ولا مجال هنا للمجاملات أو ذر الرماد في العيون، فحين يتصل الأمر بما يريدونه تسقط كل القيم والشرائع والأعراف.
لقد صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يدعو واشنطن إلى وقف الحصار ومسلسل العقوبات الاقتصادية الذي تفرضه على كوبا منذ أكثر من أربعة عقود بأغلبية مئة وثلاثة وثمانين صوتا، مقابل أربعة أصوات ضد، وطبعا من بينهم الولايات المتحدة و"إسرائيل" وغياب دولة واحدة، وماذا كان رد واشنطن؟ الرفض.
هكذا تكون حراً بالمعيار الديمقراطي الأميركي، أن تدير ظهرك لكل دول العالم باستثناء أربع، ويمكنك التحدث عن الحريات العامة وحقوق الإنسان من دون أن يرف لك جفن..
محمد يونس
الانتقاد / العدد 1239 ـ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر2007

2007-11-02