ارشيف من : 2005-2008
المكتب الاعلامي للرئيس الحص: دراسة وزارة المال عن التطورات المالية تسعى إلى تحميل حكومة الرئيس الحص مسؤولية التدهور المالي منذ 1993
المالية العامة في لبنان من 1993 إلى 2006 وهي موجهة إلى إعفاء الحكومات المتعاقبة من أي مسؤولية عن التدهور المالي الكبير الذي سببته السياسة المتبعة منذ العام 1993 وتسعى بشكل مفضوح إلى تحميل الحكومة التي ترأسها الدكتور سليم الحص، وكان وزير المال حينذاك الدكتور جورج قرم، مسؤولية هذا التدهور، علما أن تلك الحكومة (كانون الأول 1998- تشرين الأول 2000) دامت سنتين فقط من المدة المذكورة في الدراسة وقدمت العديد من الإصلاحات والإنجازات".
أضاف:"ويظهر إنحياز هذه الدراسة الفاضح عند التحليل الزمني للزيادة المتواصلة للدين العام في التقسيم الإصطناعي للفترة المدروسة إلى ثلاث فترات فرعية: المدة ما قبل تعيين حكومة الرئيس الحص، ومدة تلك الحكومة وأخيرا المدة بعد عودة المغفور له الرئيس الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء. وتبرز الدراسة أن وتيرة زيادة الدين العام كانت أكبر خلال سنتي 1999- 2000 دون ذكر أي سبب من الأسباب لهذه الزيادة على الرغم من أن وزير المال الحالي الدكتور جهاد أزعور كان من كبار معاوني الدكتور جورج قرم خلال هذه الفترة وكان على علم ودراية بالأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة الناتجة بشكل فاضح عن السياسات السابقة:
أولا: إن حكومة الرئيس الحص، عند تسلمها المسؤولية، وجدت أن الحكومة السابقة قد امتنعت عن دفع العديد من التزامات الدولة سواء للقطاع الخاص (المقاولات، والمستشفيات، والاستملاكات) أو للقطاع العام (بلديات، صندوق الضمان الاجتماعي والمصالح المستقلة ومنها مؤسسة كهرباء لبنان) وذلك لتزيين حسابات الدولة المالية بشكل اصطناعي. وقد أدى هذا الامتناع إلى أزمة سيولة خانقة في البلد، فقامت وزارة المالية بجرد هذه المتأخرات وتقديم مشروع قانون اعتمده المجلس النيابي لدفعها عبر سندات خزينة لمدة ثلاث سنوات بفائدة 5,6 % (وهي الفائدة المطبقة على سندات الخزينة الأميركية في حينه)، بالإضافة إلى إجراء تفاهم بين وزارة المال وجمعية مصارف لبنان حول قابلية هذه السندات إلى الخصم لدى المصارف لسد مديونية المستفيدين منها. وقد بلغت مبالغ المتأخرات المدفوعة على هذا النحو إلى القطاع الخاص أكثر من 1200 مليار ليرة والمتأخرات المدفوعة نقدا من الخزينة إلى البلديات وصندوق الضمان الاجتماعي أكثر من 600 مليار ليرة. وهذا أحد الأسباب الرئيسية في زيادة المديونية والتي كانت لتنقية الوضع المالي في البلاد من مخلفات الماضي مما أدى في الحقيقة إلى تحسن في وضع الليرة اللبنانية وزوال التوترات التي سادت سوق القطع عن السنين السابقة.
ثانيا: أدت هذه السياسات المالية السليمة وخلافا لما أتى في دراسة وزارة المال إلى تخفيض ملموس في الفوائد على سندات الخزينة بالليرة اللبنانية. ذلك أن العائد على سندات الخزينة بالليرة، لمدة سنتين، كان بمستوى 22,5 % والفائدة الإسمية 18,6 % عند تسلم حكومة الرئيس الحص المسؤولية. وقد نجحت سياسة وزارة المالية آنذاك بالتعاون مع البنك المركزي وجمعية المصارف بخفض هذا العائد إلى 14,4 % وتقليص الفارق بين الفائدة الإسمية والعائد الفعلي إلى 0,3 % بدلا من 4 % كما كان الحال سابقا، مما يدل على التحسن الكبير في صورة الدولة المالية والتقدم في عملية الإصلاح المالي. وقد وفر هذا الانخفاض في الفائدة على الخزينة اللبنانية أكثر من 2000 مليار ليرة لبنانية خلال السنتين التاليتين، استفادت منها الحكومة اللاحقة لأن سندات الخزينة الصادرة خلال تلك المدة استحقت معظمها بعد عام 2000.
ثالثا:إن وزارة المالية خلال عامي 1999 و 2000 اضطرت إلى تحمل الأعباء المالية الإضافية لما قامت به الحكومة السابقة من عمليات "Swap" أي مبادلة سندات خزينة قائمة قبل استحقاقها بسندات خزينة أطول مدة وبفائدة أعلى. وقد استحقت هذه السندات خلال المدة المذكورة مما أدى إلى زيادة في الدين العام نظرا لتراكم هذا المستوى العالي من الفوائد على أصل الدين".
وتابع:"هذه هي الأسباب الرئيسية الثلاثة الواضحة التي أدت إلى زيادة الدين العام خلال العامين المذكورين وإلى توفير مبالغ كبيرة من الفوائد في السنوات اللاحقة بفضل تخفيض الفوائد الذي حصل من جراء السياسة المالية الصائبة المطبقة من وزارة المالية آنذاك، مع الإشارة إلى أن تقرير وزير المالية يزعم بشكل مخالف للحقائق أن الفوائد لم تنخفض إلا عام 2002 على أثر مؤتمر باريس-2. لذلك ويا للأسف فإننا نرى في هذا التقرير منهجا يشوه أمام الرأي العام الصورة المالية الصحيحة لفترة 1999 و2000 وذلك لأغراض سياسية غير مشروعة. ونأسف أن يتابع هذا المنهج في ظل الأوضاع الحالية التي تتطلب الارتقاء إلى مواقف إنقاذية للبلاد عوضا عن المضي في المنهج السابق الذي أدى إلى ما نحن فيه من الأوضاع السياسية والمالية وإقصاء الآخرين عن المشاركة في الحكم".
أضاف:"إلى كل ذلك فإن دراسة وزارة المال تبرز التحسن الملموس الذي طرأ على موارد الخزينة في عهد الحكومات اللاحقة لحكومة الرئيس الحص ولكنها لا تشير إلى أن مصدرا أساسيا من مصادر هذا التحسن في الموارد كان استحداث الضريبة على القيمة المضافة. وكان من المفترض، من باب الإنصاف، أن تذكر الدراسة أن مشروع الضريبة هذا صاغته حكومة الرئيس الحص وأحالته على مجلس النواب وقامت وزارة المال في تلك الحكومة بنشاط مكثف إعدادا لتطبيق هذه الضريبة بعد المصادقة عليها، فأجرت دورات تدريبية للموظفين وجهزت مكاتب خاصة لإدارة هذه الضريبة. ولكن حكومة الرئيس الحص لم تعمر طويلا فلم تتمكن من مباشرة تطبيق الضريبة التي باتت تشكل مصدرا رئيسيا لتمويل الخزينة فيما بعد".
وختم:"كان لا بد من هذا التعليق على دراسة وزارة المال حرصا على إظهار الحقائق كاملة غير منقوصة ووضعا للأمور في نصابها الصحيح أمام الرأي العام. وقد وضعت حكومة الرئيس الحص برنامجا لتصحيح الوضع المالي يهدف إلى خفض نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي من حوالي 120 % كما كان إلى 96 % بعد خمس سنوات، وأحالت المشروع على مجلس النواب إلا أن الحكومة رحلت ولم يكن المجلس قد نظر في المشروع".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018