ارشيف من : 2005-2008
بعد 27 يوماً من المواجهات.. كان ساجد لا يزال يقاوم
لم يكتب للشهيد سامر نجم ان يزف وحيدته الصغيرة عروسا كما تمنى في وصيته، وهو وان كان يعرف ان الأمنية لن تتحقق في درب الشهادة الذي مشاه باكرا، فإن طفلته فاطمة هي من زفته في آخر الأعراس التي عرفتها بلدة الطيبة الحدودية، وأدمعت عيني ذلك الجنوبي الاسمر عندما طلب من والده المسامحة ومن والدته الصبر، واختار ان يكون هو العريس في موكب تشييعه الى مثواه الاخير.
سامر نجم او ساجد وهو الاسم المحبب الى قلبه، عرف ان شهادته ستكون بداية النصر الذي سيصدق حتما، رأى تباشيره في شهادة ذي الفقار (محمد عسيلي) الذي سبقه الى الشهادة والمثوى، ووجدها ايضا في ارواح الشهداء الذين سبقوه في معركة مارون الراس وما زالت أجسادهم أسيرة..
عبر الصواريخ المضادة للدروع التي رماها سامر نجم على اول رتل للدبابات الاسرائيلية التي تقدمت نحو مارون الراس اعلان بأن (ساجد) قد دخل المعركة وبعدها لن تكون الايام الاسرائيلية القادمة كالتي سبقتها، ولن يكون دخول مارون الراس نزهة كما اعتقد قادة العدو، فهو كان هنا عند المدخل الغربي للبلدة، وشوهد هناك عند استراحة القدس، ولاحقت الفلول الاسرائيلية اطيافه المتنقلة بين منازل مارون الراس. وهكذا تحولت الدبابات التي حاولت التقدم بعد ذلك الى لعبة "اتاري" بين يدي ساجد وجواد وغيرهما ما اضطر العدو الى تغيير العديد من خططه لاحتلال هذه البلدة الصغيرة كما يقول أحد المقاومين عن تلك المعركة.
ويشير الى ان ساجد عندما علم بتقدم الجيش الاسرائيلي الى مارون الراس لم يطق الانتظار في بنت جبيل، فحمل عدته في اليوم السابع للمعركة وتسلق تلك التلة العالية التي شيبت شعر العدو وأعلت رؤوسنا.
واستشهد جواد وتبعه شهداء وشهداء وذاك الفارس الاسمر لم يسترح، ولم يقدر الاسرائيلي عليه الا برصاص قناص رماه من بعيد بعد ان عجز عن مواجهته وجها لوجه فسقط شهيدا في الثامن من آب بعد أيام وليال طويلة من المواجهات أذاق خلالها العدو مرارات الهزيمة مرات ومرات، وبعد ان عجزت ارتاله وطائراته وجحافله عن اسكات نيران المقاومين في اصغر نزهة ظن الاسرائيلي انه سينجزها خلال ساعات.
أوتد ساجد قدمه في الارض وما تزحزح، 26 يوماً على تلك التلة، خاض خلالها كل انواع البطولات حتى صدقت امنيته كما صدق وعده وارتفع شهيدا وأسيرا.
الآن ساجد محرراً يحضنه تراب بلدته العزيزة.
علي الصغير
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018