ارشيف من : 2005-2008

بري "سيمترس" في مقر المجلس من 14 إلى 24 تشرين الثاني

بري "سيمترس" في مقر المجلس من 14 إلى 24 تشرين الثاني

بدأ العدّ العكسي للمهلة الدستورية للاستحقاق الرئاسي ولم تعد تفصل اللبنانيين عن موعد الجلسة الرئاسية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي سوى عشرة أيام دون أن تلوح في الأفق أية امكانية جدية للتوصل إلى توافق على الرئيس العتيد بحلول موعد الجلسة.

وتلاحظ المصادر المتابعة دخول الخطين الداخليين العاملين على خط التوافق بشأن الاستحقاق الرئاسي في حالة من الفشل بالنسبة لمبادرة البطرك الماروني نصر الله بطرس صفير، ومراوحة وجمود بالنسبة لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، والحوارات التي أجراها مع رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري الذي التقى أكثر من مرة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون أمس الأول في باريس، مقابل ذلك كان الخط الإقليمي والدولي يتحرك بجدية عبر العديد من المحطات واللقاءات المرتقبة.
داخلياً وصلت مبادرة بكركي إلى الفشل بعدما أخفقت اللجنة الرباعية الممثلة لموارنة المعارضة والموالاة في وضع لائحة بأسماء مرشحي الجانبين، ورفعت تقريرها إلى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير خالياً من الأسماء ومتضمناً لمواصفات الرئيس، وهو ما شكل خيبة أمل لدى رأس الكنيسة الذي بات يواجه معضلة كبيرة اذا لم يقدم شيئاً بشأن الاستحقاق الرئاسي خلال الأيام والأسابيع المقبلة، وظهر واضحاً أن ممثلي فريق السلطة هما اللذان تسببا بفشل مبادرة بكركي حيث رفضا الدخول في تسميات المرشحين نظراً إلى المأزق الذي يعيشه هذا الفريق على هذا الصعيد، فيما كان ممثلا المعارضة مرتاحين إلى أن مرشحهما الوحيد هو العماد ميشال عون، وقد بادرا بحسب بعض الأوساط إلى محاولة حصر مرشحي الجانبين باثنين فقط، عون من جهة المعارضة وجعجع من جهة فريق السلطة، لكن الطرف الآخر سارع إلى رفض طرح اسم جعجع لأنه عرف أن مواجهة من هذا النوع ستكون حصيلتها في ساحة النجمة لمصلحة العماد عون أياً كان نصاب الجلسة.
أما مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري فلا تزال تنتظر ما سيصدر عن البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير ليبنى على الشيء مقتضاه حسبما نقل زوار عين التينة عن الرئيس بري الذي نقل عنه زواره استمراره في التفاؤل بإمكانية تحقيق التوافق على الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية، وهو يرى أن أجواء التشنج التي يطلقها بعض أقطاب فريق السلطة تأتي من باب المزايدات ورفع السقف السياسي.
لكن من غير المعروف ما إذا كان بري يعتبر أن ذلك ينطبق على القنابل الدخانية التي أطلقها النائب سعد الحريري من القاهرة والتي تحدث فيها عن مزاعم حول تخطيط سوريا لاغتياله واغتيال رئيس الحكومة غير الشرعية فؤاد السنيورة. لكن مصادر مقربة من الرئيس بري ترى أن مواقف الحريري تأتي في إطار المحاولة السعودية لتسجيل نقاط على القاهرة التي بادرت إلى تحريك دبلوماسيتها باتجاه بيروت مؤخراً من دون أي تنسيق مع الرياض، ما جعلها تمتعض من هذا التحرك الذي ترى أنه جاء رداً على الاتفاق الذي سبق ورعته الرياض بين حماس وفتح في مكة المكرمة من دون أن تأخذ بعين الاعتبار دور القاهرة في هذا الموضوع، وتضيف المصادر أن عودة السفير السعودي مؤخراً إلى بيروت وزيارته عين التينة ولقاءه الرئيس بري والتأكيد له استمرار دعم الرياض لمبادرته جاءت رداً على التحرك المصري غير المنسق معها.
المصادر المتابعة تلفت إلى أن المعارضة باتت ترجح لجوء فريق السلطة ـ بغطاء أميركي ـ إلى انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، وإذا لم يستطع هذا الفريق تأمين هذا النصاب غير الدستوري فإن القرار الأميركي هو بتعويم الحكومة غير الشرعية برئاسة فؤاد السنيورة لتنفيذ المشروع الأميركي وخصوصاً محاصرة المقاومة والعمل على مشروع بناء قواعد عسكرية أميركية في لبنان، ومحاولة تنفيذ مخطط التوطين. وقد وجدت الإدارة الأميركية أن السنيورة يسعى إلى تطبيق جميع الإملاءات التي تطلبها منه، وهذا التوجه عبّر عنه النائب وليد جنبلاط الذي اعترف قبل أيام بأنه يعمل ضمن المشروع الأميركي عندما تحدث بعد زيارته السرايا الحكومي عن "بطولات" السنيورة وتأييد بقائه في منصبه.
وتشير المصادر إلى أن مبادرة الرئيس بري وحواره مع النائب سعد الحريري قد دخلت في حالة من الجمود والمراوحة بانتظار ما ستسفر عنه التحركات الاقليمية والدولية بشأن الاستحقاق الرئاسي.
وتوضح المصادر أن التحركات الدولية التي بدأت مع زيارة الموفد الفرنسي جان كلود كوسران إلى كل من الرياض ودمشق ستستمر مع اجتماع دول الجوار العراقي التي ستنعقد في تركيا بحضور وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، وقد شكلت زيارة كوسران إلى دمشق تحضيراً للقاء المرتقب بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ونظيره الفرنسي كوشنير على هامش اجتماع أنقرة.
وسترفع نتائج لقاء المعلم وكوشنير إلى لقاء القمة الذي سيعقد الأسبوع المقبل في واشنطن بين الرئيس الأميركي جورج بوش ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وتشير المصادر إلى اجتماع دول أوبك في الرياض منتصف الشهر الجاري حيث سيشارك فيه رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية محمود أحمدي نجاد الذي سيجري محادثات مع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز.
وبانتظار هذه التطورات الاقليمية والدولية التي ستتطرق إلى الاستحقاق الرئاسي ومحاولة انقاذه بالتوافق فإن المعارضة كانت تجهز خياراتها البديلة التي يتوقع أن يكون أحدها تشكيل حكومة انتقالية، وهي الحكومة التي كان التيار الوطني الحر دعا مؤخراً إلى تشكيلها كمخرج موقت من الأزمة ريثما يتم التوافق على رئيس للجمهورية.
لكن هل يقبل رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ترؤس حكومة تشكلها المعارضة لمنع الانقلاب الذي يعمل عليه فريق السلطة؟
عن هذا السؤال تجيب مصادر في التكتل بعدم النفي، لكنها تقول إن ترؤس عون لحكومة كهذه سيدرس في حينه، على أن المعارضة لن تكشف أوراقها إلا في الوقت المناسب، وهو ما يغضب الأميركيين الذين جهدوا عبر سفيرهم في لبنان جيفري فيلتمان لمعرفة ما ستقدم عليه المعارضة في حال تغطيتهم لانتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، لكنه لم ينجح في محاولاته.
في مطلق الأحوال فإن إمكانية التوافق على الاستحقاق الرئاسي لم تنته بعد، ورئيس مجلس النواب متفائل بهذا الشأن لكن "إذا حل موعد جلسة الثاني عشر ولم يتم التوافق فإنه سينزل الى مقر المجلس النيابي ابتداءً من الرابع عشر وسيمترس هناك"، حتى الرابع والعشرين من هذا الشهر موعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وهو سيدعو الى جلسات بشكل يومي خلال الأيام العشرة الأخيرة، وبحسب أوساطه فهو لا يريد أن يصدق أن فريق السلطة يمكن أن يلجأ الى انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد لأن فيه خراب البلاد.
هلال السلمان
الانتقاد / العدد 1239 ـ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر2007

2007-11-02