ارشيف من : 2005-2008

مشروع موازنة 2008 : ضرائب أكيدة وإصلاحات وهمية

مشروع موازنة 2008 : ضرائب أكيدة وإصلاحات وهمية

"التوقعات وردية والوقائع سوداء" عبارة تختصر ما يتضمنه مشروع موازنة العام 2008 من بنود وأرقام.
فالهوة شاسعة وكبيرة بين التقديرات الواردة في مشروع الموازنة ونسب العجز وخدمة الدين العام والتضخم المرتفعة باستمرار والواردات المتراجعة. الا ان المفارقة تزول اذا علمنا ان ما وضعه جهاد ازعور وزير المالية في الحكومة الفاقدة للشرعية بين يدي اللبنانيين خلال مؤتمر صحافي اعلن فيه ان مشروع موازنة الـ2008 هو التزام جديد للحكومة بتوجيهات صندوق النقد الدولي، وما هو الا مساع دائمة ومحاولات دؤوبة لتطبيق قرارات اجتماع واشنطن ومؤتمر باريس ـ3.
فمشروع موازنة الـ2008 كمشاريع موازنات السنوات الثلاث السابقة التي وضعها نفس الفريق وبوقت قياسي، يتضمن زيادة في الضرائب وخاصة غير المباشرة التي يقع عبئها على الفئات الفقيرة.
الضرائب والنفقات
لحظت الموازنة الجديدة زيادة عبء الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12% وزيادة في الضريبة على الفوائد المصرفية من 5% الى 7%،  وهذا يعني تحميل المواطن اعباء اضافية وتراجعا في قدرات اصحاب المداخيل الانفاقية. على مستوى النفقات تشير الموازنة الى انها قلت الى 11475 مليار ليرة مقابل 11840 ملياراً في العام 1997، لكن الغريب ان هذه الموازنة وفي باب النفقات بالتحديد تتحدث عن سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1010 مليارات ليرة على برميل نفط يفوق سعره الـ50 دولاراً، وذلك لتغطية المحروقات وخدمة ديون المؤسسة، بينما بلغت السلف للكهرباء حسب موازنة 2007 الـ1200 مليار ليرة على سعر برميل للنفط بحدود 50 دولاراً. اما سبب هذا التفاؤل في الارقام فهو "التعويل على وصول الغاز"، أي ان الحكومة تضع موازنتها على أمل وصول الغاز المصري الى لبنان، وهذا الوصول دونه عقبات سياسية وتقنية مرتبطة بوضع المعامل اللبنانية غير المجهزة لمثل هذه الخطوة.
خدمة الدين العام والنمو
بالنسبة لتقديرات خدمة الدين العام فقد نص مشروع موازنة الـ2008 على تراجع في هذا المجال بحدود 5% الا ان هذا التراجع يصبح مستحيلاً في حال لم تصل المساهمات الخارجية بالفوائد المتدنية التي وعد لبنان بها في اكثر من مناسبة وحالت الظروف السياسية دون الحصول عليها.
ويلفت مشروع موازنة عام 2008 الى زيادة نسبة النمو الى حدود الـ4%  وضبط الانفاق وترشيده بهدف خفض العجز.
وتثير نسبة الـ4% الاستغراب، فتوقعات صندوق النقد الدولي المبنية على اساس تطبيق ما يريده الصندوق من اصلاحات لا تتعدى الـ2,5%، علما ان الاصلاحات التي يتبناها صندوق النقد الدولي تكاد تكون مستحيلة في ظل الظروف السياسية القائمة حاليا في البلد.
الخصخصة
يلاحظ في مشروع الموازنة ان الفريق الحاكم الذي يتعاطى مع ملف خصخصة الخلوي وكأنه من الامور المحسومة والمنتهية يبني حساباته وتوقعاته بناءً على هذا الافتراض. وهنا نكون امام سلسلة من تناقضات واضحة وغريبة. فمشروع الموازنة يتوقع ارتفاعاً في الايرادات بنسبة 9% عن عام 2007 برغم الاشارة الى انخفاض واردات الدولة في موازنة وزارة الاتصالات نحو 29% نتيجة الخصخصة.
الانفاق الاجتماعي
ويلفت الانتباه رفع الانفاق الاجتماعي بنسبة 1.8% عن العام 2007 (دون احتساب متوجبات الضمان الاجتماعي على الدولة) بالمقابل هناك خفض في موازنة التعليم بنسة 4.4%.
ولا بد من الوقوف عند بند خفض النفقات العامة بنسبة الربع وذلك بسبب خفض كتلة الاجور والرواتب في الادارات، وضبط عمليات التوظيف, ما ينبئ بأننا سنكون أمام خفض في القيمة الفعلية للرواتب والاجور، وأمام حالات صرف من العمل.
وبعد.. فإن مشروع موازنة الـ2008 يعكس استعداد هذا الفريق الحاكم لتزوير الارقام والوقائع لما فيه مصلحة قلة قليلة من اللبنانيين، ويوضح نيته بالسير في قرارات وإجراءات بعيداً عن اي رقابة قانونية أو تشريعية، وهو دليل على ضرورة السعي للتغيير السريع لهذه الطبقة التي تتحكم وتستأثر وتتصرف بثلث الناتج المحلي للبلاد.
بثينة عليق
الانتقاد / العدد 1239 ـ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر2007

2007-11-02