ارشيف من : 2005-2008

سعد الحريري وعده بالنيابة وجنبلاط نقل اليه دعماً أميركياً الى ما بعد الاستحقاق : السنيورة الخائف مما يخفيه له "المستقبل"

سعد الحريري وعده بالنيابة وجنبلاط نقل اليه دعماً أميركياً الى ما بعد الاستحقاق : السنيورة الخائف مما يخفيه له "المستقبل"


تلقى فؤاد السنيورة رئيس مجموعة وزراء 14 شباط الحكومية وعداً من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بإدخاله الى المجلس النيابي في الدورة الانتخابية المقبلة، وجاءت هذه الوعود على شكل تطمينات طلبها السنيورة بعد انطلاق الحوار بين الحريري والرئيس نبيه بري حول الاستحقاق الرئاسي. تطمينات تطلبتها المرحلة والكثير من الملاحظات التي رآها أو سمعها "نزيل السراي" عن صوره التي تختفي من شوارع بيروت.. وغيابه عن معرفة كواليس ما يحضّر، وسعد الذي يرتّب أموره للقب "دولة رئيس الحكومة".. حتى بات يخاف مما يخفيه له المستقبل كتيار أو كفترة زمنية مقبلة.

السنيورة عاتب على ربط مصيره بـ"لحود"، ويرغب بالعودة الى البحر المتوسط
وصف زوار السرايا الحكومي الرئيس فؤاد السنيورة بالرجل الخائف على مستقبله السياسي، إذا ما تجاوز لبنان عقدة الاستحقاق الرئاسي بسلام.
ولم يتردد السنيورة شخصياً في مناقشة هذا الموضوع مع بعض المقربين منه، الذين وصفوه أيضاً بالرجل اليائس، خصوصاً وهو يستعرض مراحل حياته السياسية منذ دخوله النادي السياسي لأول مرة وزيراً للمالية، والبقاء فيها ما دام الرئيس رفيق الحريري رئيساً لمجلس الوزراء، قبل ان يحل مكان الأخير في منتصف العام 2005 بناءً على رغبة ورثة الرئيس الحريري.
وأبدى السنيورة عتباً شديداً على جماعة 14 شباط الذين تركوه في السرايا الحكومي كالذي ينتظر قرار الإعدام السياسي بحقه، وأن دوره ينتهي عند التوافق على اسم رئيس الجمهورية المقبل.
فمنذ فتح الملف الرئاسي وانطلاق الحوار في فرنسا بين ممثلين من الدرجة الثانية عن الأطراف السياسية وصولاً الى حوار قريطم بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب سعد الحريري حول الاستحقاق الرئاسي، ابتعد فريق 14 شباط عن الرئيس فؤاد السنيورة، حتى ان بعض أقطاب هذا الفريق بات يسأل بصوت مرتفع عن اسم رئيس الحكومة المقبل الذي سيخلف السنيورة في الحكومة في المرحلة المقبلة، ويستطيع ان يتعايش مع رئيس الجمهورية الجديد. وذهب هؤلاء الى ضرورة التوافق على شخصية رئيس الحكومة في موازاة التوافق الرئاسي حتى لا تتكرر تجربة الخصومة السياسية بين السراي الحكومي وقصر بعبدا.
هذه المعلومات أزعجت السنيورة الى حد مُعاتبة النائب سعد الحريري شخصياً، وأسف لربط مصيره السياسي بمصير الرئيس اميل لحود، وأن يتناوله الحوار كرجل أزمة لا كرجل دولة استطاع الصمود في وجه أكبر حملة ضد "نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري".. وفي الوقت الذي أبدى السنيورة استعداده لخدمة بيت الحريري والبقاء الى جانبهم، كدليل على الوفاء لخط الشهيد الحريري، طلب من النائب سعد مساعدته في انتقاله الصعب من السياسة الى الاقتصاد في المرحلة التي ستعقب التوافق على رئيس الجمهورية، وتأمين عودته الى مجموعة البحر المتوسط (بنك البحر المتوسط ش.م.ل.، البنك السعودي اللبناني ش. م. ل.، اللايد بنك ش . م. ل.، بنك البحر المتوسط سويسرا) رئيساً لمجلس الإدارة ومديراً عاماً، وهو المنصب الذي تركه قبل انتقاله الى السراي الحكومي في حزيران من العام 2005.
تأثر النائب سعد الحريري بكلام السنيورة وأكد له ان مستقبله السياسي لن ينتهي في تشرين الثاني، ليس لأن الاستحقاق الرئاسي لن يعبر 24 تشرين الثاني بسلام، وإن عَبَرَ فهو لن يسير من دون حكومة يرأسها السنيورة نفسه. وفي كل الأحوال فإن سعد الحريري وعد السنيورة بوضعه على لائحته الانتخابية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وطلب منه العمل من الآن على نقل سجل نفوسه من مدينة صيدا إلى بيروت.
وبحسب المعلومات المتداولة داخل فريق 14 شباط فإن هذه المجموعة اتفقت على مجموعة أمور لمواجهة المعارضة حتى حلول العام الميلادي الجديد، وهي انتخاب رئيس للجمهورية من ضمن فريقها، وإذا تعذر التوافق عليه يُنتخب على قاعدة النصف زائد واحد، سواء حدث ذلك في البرلمان او في أي مكان آخر، بدعوة الرئيس بري أو من دونها. وبعد تجاوز العقدة الرئاسية ستتجه قوى 14 شباط الى تثبيت فؤاد السنيورة في رئاسة الحكومة وتشكيل الحكومة التي تحمل رقم 70 في تسلسل الحكومات منذ الاستقلال، تتمثل فيها الطوائف اللبنانية كافة سواء وافقت المعارضة أو رفضت.
هذه المعلومات تولى النائب وليد جنبلاط نَقْلَها شخصياً إلى رئيس الحكومة الفاقدة للشرعية فؤاد السنيورة بعدما لاحظ الأخير ان السنيورة يعاني من أعراض العزلة السياسية، وقد تدفعه هذه العزلة الى اتخاذ قرارات قد لا تكون في مصلحة فريق السلطة.
لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي دفع جنبلاط للتوجه نحو السراي الحكومي بعد عودته من جولته الأخيرة الى الولايات المتحدة الأميركية. وكما أن هناك أسباباً أخرى أهمها التأييد الأميركي لقرارات مجموعة 14 شباط بانتخاب رئيس منها بالنصف زائد واحد والتمسك بفؤاد السنيورة رئيساً للحكومة.
في الولايات المتحدة استمع وليد جنبلاط الى مديح كبير من المسؤولين الأميركيين للرئيس فؤاد السنيورة باعتباره الرجل الوحيد الذي استطاع الوقوف في وجه نفوذ حزب الله منذ قمة الخرطوم الشهيرة، حيث وقف متحدياً رئيس الجمهورية إميل لحود أمام جميع الزعماء العرب رافضاً إعطاء المقاومة شرعية محلية وعربية ودولية، وصولاً الى دوره في حرب تموز 2006 وما بعدها حتى اليوم.
ونقلاً عن زوار السراي فإن وليد جنبلاط أنصت باهتمام لعتب السنيورة على مجموعة السلطة التي انفردت برسم السيناريوهات للمرحلة المقبلة من دون استشارته أو على الأقل وضعه في تفاصيلها حتى يكون على بينة من الأمور.
بدوره قلل جنبلاط من قلق السنيورة، فأنصت الأخير باهتمام اليه وهو ينقل إعجاب الادارة الأميركية به من الرئيس جورج بوش الى أصغر موظف في البيت الأبيض ووزارة الخارجية، وأكد له ان واشنطن ترى فيه زعيماً لبنانياً وعربياً قادراً على الإمساك بلبنان في مواجهة التدخلات السورية والإيرانية، وهو حتى الآن نجح في الحد من النفوذ السوري في لبنان سياسياً وعسكرياً، ويملك القدرة على فعل ذلك في المستقبل. وبحسب جنبلاط فإن واشنطن تخشى وصول رئيس حكومة سني لا يتمتع بمواصفات السنيورة في مناهضة سوريا، لأن جميع الأسماء المتداولة لخلافة السنيورة تتبنى مواقف مؤيدة لعلاقات متوازنة مع دمشق.
ولتطمين السنيورة خرج جنبلاط من اللقاء وفي جعبته رزمة من الأوصاف أطلقها على نزيل السرايا، ومنها أنه أحد رجال الاستقلال، وهو وصف يُعين السنيورة على البقاء في موقعه الحالي، ويُعينه أيضاً في المرحلة المقبلة سواء كان مطلوباً منه الإمساك بالسلطات اللبنانية كافة بعد انتهاء ولاية الرئيس لحود وخوض مواجهة مع المعارضة الوطنية، أو العودة الى مجموعة البحر المتوسط الاقتصادية بناءً على رغبته، أو دخول الندوة البرلمانية بناءً على وعود سعد الحريري.
قاسم متيرك
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

2007-11-02