ارشيف من : 2005-2008
القلب السليم
الطير" قطع أودية وعرة المسالك من أجل مقاربة الموضوع، وذلك عبر حديثه عن سلطان العنقاء.. والعنقاء عند العطّار ترمز إلى الألوهية، وتمثل عنوان الحقيقة التي أفلحت الطيور الثلاثون السالكة من خلال الطيران في مشاهدتها بعد عناء الطريق الذي يدعوه العطّار بطريق أهل العرفان، ويعبر في كتابه "تذكرة الأولياء" عن العارف بالطيّار، فيما يصف الزاهد بالسيّار.
الطيور التي وصلت في نهاية المطاف وبعد اجتياز ذلك الطريق القاسي إلى مقام العنقاء الرفيع وقفت في نهاية السلوك على جوهر ذاتها الذي هو القلب النقي الطاهر الذي يصفه القرآن الكريم بالقلب السليم، والذي يعرف بمرآة الحق تبارك وتعالى. ولذلك شاهدت الطيور السالكة الثلاثون نفسها في مرآة الحق الشفافة العقلية بسبب فناء هذه الطيور ومحوها فيها. ففي هذا المقام تختفي الأنانية والذات وتتضح حقيقة الحق. الإمام الخميني "قدس الله نفسه الزكية" يذهب هذا المذهب كما بقية العرفاء في كتابه الشهير "الآداب المعنوية"، ويقول كلمة بالغة التأثير: "ما دام في المرء بقية من نفسه فهو محدث للحدث الأكبر". وبالمناسبة الإمام الخميني (قده) يمتدح فريد الدين العطّار النيسابوري ويقول فيه: "لقد اجتاز هذا العارف الكبير مدن العشق السبع، ونحن ما زلنا في أول الزقاق". والشيخ محمود الشستري الذي صنّف أغنى الآثار العرفانية كان على علم بعالم العطّار المحفوف بالرموز والأسرار، ولذلك أثنى عليه ووصفه بالرجل الفريد. أما فرادة العطّار فتكمن في حديثه عن معرفة الروح كمعرفة غيبية أزلية إزاء بداية ومنشأ وجود الإنسان.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018