ارشيف من : 2005-2008
تنبيه إشراقي وإشراق عرفاني(*)
اعلم أيها الطالب للحق والحقيقة أن الحق تبارك وتعالى لما خلق نظام الوجود ومظاهر الغيب والشهود على حسب الحب الذاتي بمقتضى الحديث الشريف: كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف.. فأودع وأبدع في فطرة جميع الموجودات الحب الذاتي والعشق الجِبلي، فجميع الموجودات بتلك الجذبة الإلهية ونار العشق الرباني تتوجه إلى الكمال المطلق وتطلب وتعشق الجميل على الاطلاق، وجعل سبحانه لكل واحد منها نوراً فطرياً إلهياً يجد بذلك النور طريق الوصول إلى المقصد والمقصود، وهذه النار وهذا النور أحدهما رفرف الوصول والآخر براق العروج، ولعل براق رسول الله ورفرفه كانت رقيقة. هذه اللطيفة وصورة ممثلة ملكية لهذه الحقيقة ولهذا أنزلت من الجنة التي هي باطن هذا العالم، وحيث أن الموجودات نزلت في مراتب التعينات وحجب عن جمال الجميل المحبوب جلت عظمته فيخرجها الحق تعالى بهذه النار والنور عن حجب التعيينات الظلمانية والإنّيات النورانية بالاسم المبارك الهادي الذي هو حقيقة هذه الرقائق ويوصلها إلى المقصد الحقيقي وجوار محبوبها في أقرب الطرق، فذاك النور نور هداية الحق تعالى وتلك النار نار التوفيق الإلهي، والسلوك في الطريق الأقرب هو الصراط المستقيم والحق تعالى على ذاك الصراط المستقيم، ولعله تكون الاشارة إلى هذه الهداية وهذا السير وهذا المقصد الآية الشريفة: "ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم" كما هو ظاهر لأهل المعرفة.
وليعلم أن لكل من الموجودات صراطاً خاصاً به ونوراً وهداية مخصوصاً به، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، وحيث أن في كل تعيّن حجاباً ظلمانياً وفي كل وجود وإنيّة حجاباً نورانياً، والانسان مجمع التعيّنات وجامع الموجودات فهو أحجب الموجودات عن الحق تعالى، ولعله الى هذا المعنى تشير الآية الكريمة: "ثم رددناه أسفل سافلين"، ومن هذه الجهة فصراط الانسان أطول الصرط وأظلمها، وأيضاً حيث أن ربّ الانسان حضرة اسم الله الأعظم ونسبة الظاهر والباطن والأول والآخر والرحمة والقهر.
وبكلمة أخيرة نسبة جميع الأسماء المتقابلة له على السواء فلا بد أن يحصل لنفس الانسان في منتهى سيره مقام البرزخية الكبرى، ولهذه الجهة يكون صراطه أدق من جميع الصرط.
(*) من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018