ارشيف من : 2005-2008

"الدموع الناطقة" للشيخ محمد يزبك

"الدموع الناطقة" للشيخ محمد يزبك

كتب الدكتور حسن عباس نصر الله
"الدموع الناطقة"، عنوان يسكنه بهاء الكلمة، رافدها إضاءات استعارة، دموع تتكلم، تروي حكاية كربلاء، التي اختصرت الصراع التاريخي، بين الخير والشر، دموع تروي ذابل النبت في حقول الاسلام..
الشيخ محمد حسن يزبك، الوكيل الشرعي العام للولي الفقيه.. شغله الشأن العام، خطب، حاضر،  أرشد، وعظ، أصلح بين الناس، ما أخّر العطاء التأليفي عنده..
ولد الكتاب الباكورة مع إفطار شهر رمضان المبارك عام 1428 هـ، أيلول 2007 م، "الدموع الناطقة، الامام علي بن الحسين(ع)".
تصدّر الإهداء، ملفوفاً بنفحات عرفانية، زركشتها مفردات فيوضات الأنوار من "هائم في العشق والولاء".
وددت لو ظلّ العرفان يشرق من الفصول!!
لكنّ مهمّة الشيخ في الخطابة والمحاضرة .. سرقت أنوار العرفان، شدّته إلى مجتمعه، وشعبه الذي لا علاقة له بالعرفان، أضاع الفرصة الابداعية، يترشح في بيئته، وواقعه الاجتماعي.
ود الشيخ أن يعرض لهم الامام زين العابدين،  منهجية يدركونها، يتلمسونها في حياتهم اليومية..
نقل في كتابه "الدموع الناطقة" سيرة الامام السجاد، السيرة المعصومة، مخضّلة بالدموع مذروفة في حضرة المعشوق، طلباً للوصال.. سيرة موثقة بالآيات، والأحاديث النبوية، تؤكدها وقائع الشهود من الرواة.. ولست أدري لماذا أقحم الشيخ سيرة ملوك عصره، عندي إهمالهم أفضل من ذكرهم ولو جاء ذلك للعبرة والمقارنة..
في الدراسة "تراثان عظيمان: صحيفة ورسالة" "صحيفة هي أخت القرآن، وانجيل أهل البيت، وزبور آل محمد".
وكان الدعاء لدى زين العابدين (ع) خط رسالة، من التوحيد، إلى العبادات، وأدق المعاملات..
كان يترنم بأناشيد الدعاء، يرشها صلاة، ويتلوها أحكاماً، تشرق بالعدل، ومع التلاوة يخنس الشيطان ملحوداً في حضن الشر والباطل..
ثم عرض المؤلف رسالة الحقوق للإمام زين العابدين وفيها دستور أهل البيت، الذي هو دستور الاسلام.
عرضها كثيرون من قبل، شرحوا، تفلسفوا، أضاعوا المعنى، وأضاعوا القرّاء، فما أفادوا: لا معنى، ولا تطبيقاً.
أجاد الشيخ الوكيل في السهل الممتنع: الإيجاز والوضوح، اعتمد شرحاً موضوعياً لبنود رسالة الحقوق، ما يجعل الافادة من المبادئ عفويّة، تجري مجرى الحكمة..
المضمون غني: حقوق الخالق، الوالدين، الأولاد، الحاكم، الجوارح، المجتمع بتشكيلاته.. دستور أمة، في رسالة حقوق.. انها مبادئ ترسم حدود "اليوتوبيات" الفاضلة مسوّرة بالتشريعات الإلهية، تحريضاً على الخير في مملكته الواسعة، وزجراً عن الشر بجنوده الأبالسة.. المنهجية تعرض السيرة معصومة، تحرسها آيات قرآنية، أزهرت في الكتاب، ترفدها أحاديث نبوية أضاءت وحي العصمة، منقولاً مؤجلاً.
منهجية كشفت شخصية زين العابدين، السجاد، البكّاء من خشية الله، العالم بالفقه والتشريع، وريث السلالة النبوية.
منهجية ظلت خائفة من الدخول إلى حرم الامام زين العابدين، استأذنت فأذن لها.. أضاءت شموعاً في الحرم، وقد لا تنطفئ في مستقبل الأجيال ونور الشموع يلعن الظلام.
الانتقاد/ العدد1239 ـ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

2007-11-02