ارشيف من : 2005-2008

ساعة الصفر تقترب من المواجهة الشاملة : مفاجآت من العيار الثقيل للقسام في غزة

ساعة الصفر تقترب من المواجهة الشاملة : مفاجآت من العيار الثقيل للقسام في غزة

غزة ـ عماد عيد
لفتت التكتيكات الجديدة التي تبنتها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة الانتباه بما في ذلك انتباه العدو الصهيوني..
فمواجهة الاعتداءات الصهيونية على القطاع كانت مختلفة ومفاجئة هذه المرة للجيش الصهيوني بشكل دفعه الى الاعتراف بهذه المفاجأة، وتحدثت عن ذلك الصحافة الإسرائيلية، كما اقر بذلك قائد المنطقة الجنوبية في الجيش الصهيوني الذي قال إن الفلسطينيين أصبحوا أكثر قدرة على مواجهتنا، وإننا لمسنا تطورا وروحا قتالية عالية في مواجهتنا لم نعهدها من قبل الا لدى رجال حزب الله في لبنان.
أضاف ان حماس تبني جيشا مدربا ومسلحا في القطاع تزداد قدرته كل يوم، كما اعترف أيضا رأس الهرم العسكري الصهيوني بهذه القدرة الجديدة، وتحدث عنها عندما قال وزير الحرب الصهيوني ايهود باراك ان جيشه يحقق انجازات لكنه يدفع مقابلها أثماناً باهظة. وبحسب المراقبين فإن باراك يشير بذلك إلى الخسائر التي تكبدها الجيش الصهيوني خلال الاسبوع المنصرم في قطاع غزة والضفة الغربية..
 مصادر فلسطينية من حماس تحدثت عن أن هذه القدرة ليس لها علاقة فقط بالتدريبات، وإنما بنوعية السلاح الذي أصبح في حوزة حماس بعد أن سيطرت على قطاع غزة، وهو سلاح متطور كان بحوزة السلطة الفلسطينية، وكذلك سيطرة حماس على الخطوط الأمامية وكافة المناطق، وهو الأمر الذي يمكّن المقاتلين من مراقبة جيدة وتصويب دقيق بسلاح فتاك جنبا إلى جنب مع تكثيف التدريبات في ظل الخبرات التي تراكمت لدى كادر مهم من المقاتلين من مختلف الفصائل، وهو أمر تحدث عنه الناطق باسم القسام وكذلك قادة سياسيون من حماس..
هذا الأمر انعكس على الأرض بحجم الخسائر التي تكبدها الجيش الصهيوني، فقد قتل ثلاثة جنود صهاينة وأصيب أربعة آخرون في غزة خلال هذه المواجهات، في حين أصيب نحو خمسة إسرائيليين من بينهم جنديان في نابلس في مواجهة أخرى..
وتعتقد مصادر فلسطينية ان الجيش الصهيوني يسعى إلى تكثيف الهجمات في القطاع وإشغال المقاومين الفلسطينيين واختبار قوتهم والتكتيكات الجديدة ونوعية السلاح الجديد الذي يتوافر لديهم الى جانب الفحص الدائم لقضية الأنفاق التي قد تفاجئ العدو في المنطقة الحدودية في حال بدأ عملية واسعة النطاق في القطاع. ولكن على ما يبدو فإن المقاومين الفلسطينيين متنبهون لهذه السياسة الصهيونية ويعملون بموجب هذه اليقظة برغم التفوق القاتل للعدو في الجو وخصوصا الطائرات الاستطلاعية المتقدمة التي ترصد كل حركة بوضوح كبير يمكّن العدو من تحديد تحركات المقاومين من خلال شاشات كمبيوتر في غرف عمليات خاصة مرتبطة مباشرة بطائرات الاستطلاع والطائرات المقاتلة المروحية و"أف 16"، وكذلك مرتبطة بالدبابات والمشاة الذين يتلقون تعليمات من خلال هذه المعلومات.
غير ان السلاح الأهم لإرباك كل هذه التقنيات والإمكانيات هو سلاح المفاجأة الذي يمتلكه المقاومون والذي من شأنه أن يوهن من عزيمة الجيش الصهيوني وصانعي القرار لديه، وأن يهز معنوياتهم كما هو الحال في الحرب الأخيرة على لبنان..
في الميدان اندلعت معارك طاحنة على امتداد الشريط الحدودي مع قطاع غزة شمالا وشرقا بفعل هذه السياسة الصهيونية ما أدى إلى استشهاد ثمانية مقاومين فيها مقابل الجنود الأربعة، واستشهاد أربعة آخرين في غارة استهدفت مركزا للشرطة الفلسطينية في عبسان شرق خانيونس جنوب القطاع.
واعتبرت المصادر الفلسطينية أن هذه الغارة على وجه التحديد هي رسالة دموية يريد وزير الحرب الصهيوني باراك نقلها إلى حركة حماس باعتبارها السلطة الفعلية في قطاع غزة بعد أن تبنت إطلاق عدد من قذائف الهاون على مواقع إسرائيلية قريبة من حدود القطاع جنبا إلى جنب مع قصف سديروت وعسقلان ومواقع صهيونية أخرى من قبل سرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين وكتائب الأقصى وبقية الفصائل بالصواريخ المحلية الصنع..
 نابلس هي الأخرى كانت مسرحا للمواجهة بين المقاومين وجنود الاحتلال الذين ركزوا في اعتداءاتهم في الضفة الغربية عليها الى جانب شمال الضفة الغربية (جنين وقراها وطولكرم وقراها)، وهو الأمر الذي أدى إلى وقوع شهداء وجرحى..
على أن كل هذا التصعيد يأتي في إطار حرب موسعة يشنها العدو الصهيوني على الفلسطينيين وبالتحديد على قطاع غزة بعد اعتباره كيانا معاديا للكيان الصهيوني، وقد تركزت صور هذه الحرب الأخرى في تشديد الحصار وإغلاق كافة المعابر باستثناء معبر كرم أبو سالم الذي عمدت من خلاله القوات الصهيونية الى تحديد السلع والبضائع المسموح بدخولها إلى القطاع في قائمة تتضمن عددا محدودا من السلع بدلا من آلاف السلع التي كانت تدخل، والتحكم في كميات المسموح منها، بما لا يؤدي إلى مجاعة لكن دون ان تشكل مصدر صمود او راحة للمواطنين الفلسطينيين..
 والى جانب ذلك كانت حرب الكهرباء والوقود، فعلى الرغم من منع المدعي الصهيوني من قطع الكهرباء عن غزة إلا ان سماحه بقطع الوقود أو تخفيفه يؤدي في نهاية المطاف الى تحقيق نفس الهدف، ومعروف ان الكيان يزود قطاع غزة بنحو 62 ميغاواط من الكهرباء في حين تنتج شركة الكهرباء الفلسطينية نحو 50 ميغاواط، وتزود مصر المناطق الجنوبية للقطاع بـ17 ميغاواط.. وحتى لو استمر الكيان الصهيوني في تزويد القطاع بالكهرباء فبإمكانه أن يخلق أزمة فيه من خلال منع أو تخفيض كمية الوقود المخصصة لمحطة انتاج الكهرباء، فتتوقف كما حصل من قبل، وبالتالي تكون أزمة كبرى في قضية الكهرباء، ولكن ازمة الوقود لا تقل اهمية عن هذه الأزمة فحتى الآن منع إدخال البنزين إلى قطاع غزة وسمح بإدخال نحو خمسين بالمئة فقط من كمية السولار المخصصة للقطاع، وبالتالي فإن استمرار هذه السياسة من شأنه ان يخلق ازمة كبيرة في الحياة الفلسطينية..
وفي ضوء كل ذلك فإن تحركات يمكن وصفها بالجدية بدأت من اطراف عربية وفلسطينية مختلفة من اجل محاولة البدء في حوار بين حركتي فتح وحماس لإعادة اللحمة الى الساحة الفلسطينية وتقويتها في مواجهة العدوان الصهيوني، الا ان هذه التحركات لم تثمر حتى الان بشكل جدي في وقت وصلت فيه المفاوضات الصهيونية الفلسطينية الى طريق شبه مسدود أمام تعنت العدو الصهيوني ورفضه لقضية الاطار الزمني لهذه المفاوضات، ورفض تناول قضايا الحل الدائم مثل القدس واللاجئين والحدود.
الانتقاد / العدد 1239 ـ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر2007

2007-11-02