ارشيف من : 2005-2008
أسماء الشهداء.. مدارس وشوارع ومؤسسات
هنا شارع الشهيد أحمد قصير، وعلى يمينه شارع الشهيد السيد عباس الموسوي والى شماله شارع الشهيد الشيخ راغب حرب، وخلفه شارع الشهيد هادي نصر الله.
تجول في ضاحية بيروت الجنوبية فتستوقفك أسماء الشهداء مخلدة بأماكن ومحطات وصروح تربوية وفكرية وثقافية وصحية وغيرها، وتنتقل الى الجنوب فالبقاع فالشمال فجبل لبنان، والحالة واحدة، تسأل عن مستشفى فيقال لك مستشفى الشيخ راغب حرب، وتسأل عن مدرسة فيقال لك ثانوية الشهيد محمود قعيق ومركز الشهيد السيد عباس الموسوي المهني وغيرها العشرات من الأسماء لشوارع ومؤسسات باتت تحمل أسماء شهداء صنعوا النصر.
ظاهرة ليست جديدة، لكنها مع المقاومة استطاعت أن تدخل عمق الثقافة الشعبية في لبنان، وباتت جزءا من الواقع الاجتماعي للناس، فتكريم الشهداء لم يقتصر على الذكرى السنوية للاحتفالات التكريمية أو حتى التأبينية، بل ان هذه الظاهرة توسعت بعد حرب تموز 2006 بإطلاق أسمائهم على نحو 30% من الصروح العلمية والتربوية والمحطات ومراكز الاعمال وغيرها من المؤسسات الصحية والطبية والزراعية والصناعية، وأغلبها في المناطق التي كانت في مواجهة العدوان، فإن لم تجد اسم الشهيد على مؤسسة وجدت ما يدلل الى الشهداء كعبارة "الوعد الصادق"، التي ترمز مباشرة الى عملية المقاومة في 12 تموز 2006. هذا فضلاً عن انتشار صور الشهداء في مداخل البلدات والقرى وفي ساحاتها تعبيراً عن وفاء هذه البلدات وتعظيمها لعطاءاتهم.
كما أن هذه الظاهرة لم تأت من فراغ، فإذا توقفنا عند البلديات في لبنان نجد أن العديد منها تتخذ بين الحين والآخر قرارات بإعادة تسمية شوارع المناطق بأسماء الشهداء تخليداً لهم ووفاءً لتضحياتهم.
ففي الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من العام 1982 انطلق شاب من أبناء الجنوب اللبناني، هو "فاتح عهد الاستشهاديين أحمد قصير" بمسيرة الجهاد والاستشهاد، وفي ذلك التاريخ كان انتصار كبير للمقاومة الاسلامية هو الأول من نوعه ليُخلد اسمه فيما بعد بأحد الشوارع الرئيسية في ضاحية بيروت الجنوبية.
ومنذ ذلك التاريخ بدأت تتبدل اسماء الشوارع لتأخذ اسماء لها معنى، لكن انتشار اسماء الشهداء على الشوارع ظل يواجه مشكلة تقنية حتى أول انتخابات بلدية بعد اتفاق الطائف، فبعد عودة الروح البلدية الى المناطق والبلدات أخذت الشوارع اسماء جديدة أو استبدلت الأسماء القديمة المتوارثة من زمن الانتداب الفرنسي بأسماء أخرى.
وخلال السنوات العشر الماضية انتشرت ظاهرة اطلاق اسماء الشهداء على الصروح التربوية والصحية وغيرها، ولأن الشهادة برموزها ومعانيها حاضرة بقوة في الثقافة الاسلامية، بدأت أسماء الشهداء تنطلق على المواليد الجدد أيضاً، وعلى سبيل المثال لاحظت دراسة تربوية ان اسم هادي بات أكثر تداولاً منذ استشهاد السيد هادي نصر الله نجل الأمين العام لحزب الله.
ولأن الشهداء مفخرة هذا الوطن فإن ربط اسمائهم بأماكن ومحطات تعتبر تكريما لهم عن طريق تخليد بطولاتهم وتضحياتهم في الدفاع عن الوطن وكرامته وتخليد ذكرى الأبرار، اضافة الى توظيف معاني الشهادة وبطولات الشهداء في تنمية الإنسان اللبناني وتدعيم انتمائه للوطن.
وواجب المجتمع ومسؤوليته طبع اسم الشهيد في أذهان أفراد المجتمع اللبناني وحتى العربي والعالم بأسره، وذلك من خلال جميع الوسائل المتاحة سواء الإعلامية أو التثقيفية أو غيرها، والتي تكفل وتضمن إيصال هذه البطولات للرأي العام، وحتى تبقى ماثلة أمام الاجيال المقبلة، وهذا التخليد حق انساني لكل شهيد أدى واجبه الوطني والجهادي في سبيل الحق وفي سبيل كرامة الوطن.
أمل شبيب
الانتقاد/ العدد1240 ـ 9 تشرين الثاني/نوفمبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018