ارشيف من : 2005-2008

الخوري: الحكومة فقدت المشروعية الميثاقية الوطنية

الخوري: الحكومة فقدت المشروعية الميثاقية الوطنية

قبل نحو سنة وتحديداً في الحادي عشر من تشرين الثاني 2006 تحولت الحكومة اللبنانية إلى الحكومة غير الدستورية، لقب استحقته حكومة السنيورة بجدارة بعدما قررت المضي في عملها وإصدار قراراتها برغم استقالة الوزراء الشيعة منها، وبمعزل عما يعنيه ذلك من تناقضها وصيغة العيش المشترك التي كرسها الدستور في المادة 95 منه والتي تنص على التمثيل العادل للطوائف في مجلس الوزراء.
عناوين كثيرة تناولت أسباب استقالة الوزراء الشيعة ومعهم وزير البيئة يعقوب الصراف، وفيما حاولت قوى السلطة ربط هذه الاستقالة بموضوع المحكمة الدولية ورفض الوزراء الشيعة لها، فإن البيان الصادر يومها عن حزب الله وحركة أمل كان واضحاً جداً ومما جاء فيه: "ان حركة امل وحزب الله اللذين تجاوبا مع دعوة الرئيس بري للتشاور بأعلى درجات الانفتاح والايجابية للوصول إلى تفاهم حول الآلية التي تؤمن المشاركة الحقيقية وتساعد على حل ازمات البلد ومشاكله، ويؤكدان ما اعلناه خلال جلسات التشاور من التزام بمقررات طاولة الحوار الوطني وما اجمع عليه المتحاورون لا سيما ما يتعلق بالمحكمة الدولية والموافقة المبدئية عليها، إننا وأمام اصرار البعض من قوى الاكثرية على وضع شروط ونتائج مسبقة للتشاور ورفضٍ مبدئي لصيغة المشاركة الفاعلة في حكومة وحدة وطنية ضامنة للجميع، ومع التأكيد الذي اعلناه في جلسات التشاور والذي عبر عنه الرئيس بري باسم المتشاورين بأن لا اسقاط للحكومة ولا تغيير او تبديل لرئيسها، ولا بيان وزاريا جديدا او ثقة جديدة. اننا وافساحاً في المجال امام الاكثرية لممارسة ما تريد بحرية ودون ان نغطي ما لا نقتنع به والذي نرى فيه ضرراً على مستوى المصلحة الوطنية العليا وانطلاقاً من حرصنا على النظام الديموقراطي وحق كل الاطراف في التعبير عن موقفها وفقا للدستور والنظام، ومع حرصنا الاكيد على الاستقرار والسلم الاهليين ومصالح جميع اللبنانيين التواقين إلى حياة سياسية افضل والى ما يضمن مستقبلهم وحياتهم، ومع الاصرار على ان تأخذ اللعبة الديموقراطية مداها الطبيعي فإننا نعلن "استقالة ممثلينا من الوزراء في الحكومة الحالية متمنين للاطراف المشاركة فيها كل الخير لما فيه مصلحة لبنان".
وبعيداً عن الأسباب والتأويلات التي راجت في تلك الفترة، فإن الأداء الذي انتهجته الحكومة بعيد الاستقالة شكل بحد ذاته خرقاً للدستور انسحب على كل القرارات التي اتخذتها الحكومة منذ 11/11/2006 وحتى اليوم. وهو ما أكده رئيس الجمهورية اللبنانية العماد إميل لحود منذ اللحظة الاولى لاستقالة الوزراء الشيعة، يومها أرسل لحود كتاباً إلى الرئيس فؤاد السنيورة ضمّنه موقفاً صريحاً وواضحاً من الحكومة ومما جاء في الكتاب "إن الحكومة وفي ضوء استقالة جميع الوزراء من فئة معينة باتت فاقدة للشرعية الدستورية ومناهضة لمبادئ الدستور واحكامه بحيث يكون كل اجتماع لمجلس الوزراء في ظلها باطلا بطلانا مطلقا وغير دستوري وما بني على باطل فهو باطل".
وتحول الكتاب الأول لرئيس الجمهورية إلى كتب يدأب على إرسالها مع انعقاد جلسات فريق السنيورة الوزاري للتأكيد على عدم شرعية ودستورية الحكومة وبالتالي كل القرارات الصادرة عن  هيئة فقدت مقومات السلطة الدستورية وأية أهلية دستورية لممارسة السلطة الإجرائية.
وكما رئيس الجمهورية كذلك أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في أكثر من محطة أن الحكومة الحالية برئاسة فؤاد السنيورة لم تعد دستورية بعد انسحاب الوزراء الشيعة منها، وهو لذلك لم يدع إلى أي جلسة لمجلس النواب لإقرار المشاريع المحالة من الحكومة، أما جلسات الانتخاب فعقدت بشكل طبيعي كونها غير مرهونة بحضور الحكومة.
سنة مرت على استقالة الوزراء الشيعة ولا تزال قوى السلطة تؤكد أن الحكومة "دستورية وشرعية"، فالأخيرة تعقد الجلسات وتتخذ القرارات وكأن شيئاً لم يكن، وخصوصاً أن الأمر مرتبط باجتهادات شخصية وسياسية تخضع لمصالح الفريق الحاكم ولمبدأ التفرد والاستئثار الذي لا يزال ينتهجه.
الخوري
وفي هذا الإطار يقول رئيس مجلس شورى الدولة سابقاً القاضي يوسف سعد الله الخوري "إن النص الدستوري بحاجة إلى تعديل ملحّ لسد كل الثغرات ولكي يحدد الفترة التي يعتبر فيها الوزراء مستقيلين حكماً"، مشيراً إلى "فراغ كبير في الدستور لهذه الجهة".
وقال الخوري "إن ما هو أخطر من فقدان الشرعية الدستورية هو فقدان الحكومة للمشروعية الميثاقية الوطنية لنقضها صيغة العيش المشترك التي كرستها الفقرة (ي) في مقدمة الدستور والمادة 95 منه" مؤكداً "ان الحكومة اليوم بتراء ومهترئة وعبارة عن جسم مريض ويجب أن تذهب".
وما يزيد الطين بلة غياب المؤسسات الدستورية او تغييبها، فالمجلس الدستوري "الموجود قانونياً والمستنكف عن إحقاق الحق" على حد تعبير الخوري "لن ينظر على سبيل المثال في الطعن الذي سيقدم إليه فيما لو أقدم فريق السلطة على انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد"، معتبراً "أن الرئيس الذي سينتخب بالنصف زائد واحد سيكون منعدم الوجود، وانعدام الوجود أخطر من البطلان".
فهل يقدم فريق السلطة على انتخاب رئيس للبلاد على شاكلة الحكومة البتراء؟ 
ميساء شديد
الانتقاد/ العدد1240 ـ 9 تشرين الثاني/نوفمبر2007

2007-11-09