ارشيف من : 2005-2008
أكثر من مئة ألف زائر في اسبوع: معرض "أرضي": نجاح فاق التوقعات
تحول معرض "أرضي" الذي أقامته مؤسسة جهاد البناء الى مهرجان للمزارعين والحرفيين وعرس تسوّق وطني اجتمعت فيه مختلف الشرائح من كل المناطق اللبنانية، من خلال المشاركين الذين تنوعوا بمناطقهم وانتماءاتهم.. كما في الحلقات التي أقيمت على هامش المعرض وجمعت العديد من المهتمين بالوضع البيئي والصحي، وكان مكانها المفضل ما عُرف داخل المعرض بـ"مطعم الضيعة".

وكانت انطباعات الزوار الذين حضروا المعرض متنوعة، فمنهم من اعتبره ساحرا، وبعضهم تمنى أن لا يتوقف المشروع لكونه مرفقا حيويا للمنتجين ويؤمن الغذاء السليم والصحي والطبيعي. حضر المعرض العديد من المهتمين بأمور البيئة والتنمية من المدراء العاملين في الوزارات المختصة وذوي الصلة، كما حضر الكثير من الشخصيات الفنية والثقافية التي أبدت إعجابها بالمشروع، ودوّن العديد منهم رأيه في سجل الزوار. كما تحول المشروع الى واحة مضيئة الى آخر الليل، حيث تجد فيها الطفل والفتى والشاب والشابة، وحتى العجزة على كرسي الإعاقة.
كما أن العديد من الحرفيين وأصحاب الصناعات حضر بزيّه المعتمد في منطقته من الشمال والجنوب والبقاع والجبل.. فحضر الشروال اللبناني واللبّادة والكوفية والعقال والدشداشة والطربوش وغير ذلك من اللباس التقليدي اللبناني.
وأول ما يلفت الزائر الضيافة العربية على الجهة اليمنى للمعرض، حيث يقوم شاب يرتدي زيا ريفيا تقليديا بإعداد القهوة العربية على موقد النار، وحولها الأباريق النحاسية وفناجين القهوة.
وفي وسط القاعة بُني المطعم اللبناني، ومهمته إعداد الطعام القروي للزوار بأسعار مخفضة. ويقدم العاملون في المطعم الترويقة الصباحية، وهي كناية عن صحن لبنة مغموس بالزيت البلدي، وإلى جانبه صحن الزيتون وكوب شاي وصحن حمص وفول. تتقدم قليلا وترى امرأة تعجن الطحين، وتعمل مع زميلاتها على إعداد مناقيش الصعتر على الصاج. وينهمك المعدون في إعداد المناقيش بالسرعة المطلوبة لتلبية طلبات الزوار الذين تجمهروا حولهم.
على أن مطعم الضيعة لم يكتفِ بهذا القدر، بل قام بإعداد مأكولات بلدية مثل البليلة وأكلة المخلوطة المكونة من الفاصوليا والحمص والعدس. إضافة الى العديد من المأكولات الشهية مثل كشك الأوراما، التبولة، كبة سمك، كبة بندورة، فطائر متنوعة، المجدرة، كبة محشوة بالبطاطا والبصل، قمح مسلوق، فريكة بندورة.. وعلى الضفة الأخرى من المطعم تنشط إحدى المشاركات في خض اللبن في "خضاضة" صنعت من جلد الماعز.
وإلى جانب المأكولات التي أخذت حيزا وافرا من اهتمام الزوار، فإن المعرض ضم ايضا العديد من المنتجات والحرف اللبنانية. فعلى سبيل المثال لا الحصر عرضت بعض الجمعيات والتعاونيات والمؤسسات من مختلف المناطق الانتاج اللبناني الصرف، مثل المكدوس على أنواعه والجبنة المنوعة واللبنة البلدية، كشك، تين مجفف، المربيات على أنواعها، حمص، دقة الكبة، صعتر، قرفة، فلافل، سمّاق، دبس العنب، عيزقان، برغل، عسل، زيت الزيتون، خل التفاح، شراب المشمش، الحلويات والصابون. القسم الآخر من الانتاج توزع على الخضار والفاكهة واللحوم، والجديد في معرض المونة هو لحم النعامة الذي عُرض لأول مرة. وبرغم أن سعره مرتفع قليلا، يقول البائع إن لحمه طيب، ولتشجيعنا أكثر دعانا الى أكلة لحم النعام بعجين.
ومن الانتاج الى الحرفيات، حيث زخر المعرض بالكثير من الأشغال اليدوية والإكسسوارات. فبعض الأجنحة عرضت أدوات المطبخ من الصحون والاكواب، وبعض الاجنحة قدمت أعمال تزيين للأواني والصناديق ورسم على الزجاج والحفر على الفخار، وأعمالا فخارية من راشيا الفخار. ويمكنك أيضاً أن تشتري كرسيا من الخشب والقش وتشاهد بعينك كيف تجري صناعته كما لو أنك في أحد أسواق طرابلس. الحرفيون يشيرون مباشرة الى أنهم من حزب التحرر العربي بقيادة الرئيس عمر كرامي. وفي المعرض الذي هو أشبه بسوق تراثية مناشف وشراشف ولوازم الخياطة مثل الدبابيس وآلات التطريز، حيث تم تزيينها بالخيش والقش والورود، مثل الأباريق والقناني والمرايا، وأيضاً الشموع التي يهتم بعرضها أحد القطاعات في تيار المردة.
ولم يغفل المنظمون عن إقامة الكثير من الندوات التي تُعنى بالبيئة وآثار العدوان الإسرائيلي على البيئة وعلى الزراعة. والمواضيع التي طُرحت في الندوات بعضها يتمحور حول التنمية والبيئة في الإسلام وتقطير الورود والأزهار وسلامة الغذاء. أما المحاضرون فكانوا من علماء الدين ومن مؤلفي الكتب ورجال السياسة والشخصيات التي تتعاطى الدراسات البيئية والزراعية والإحصائية.
ويعبر القيمون على المشروع عن إعجابهم بنجاح المعرض، ويعتبرون أن المعرض نجح بامتياز، إذ ان الحضور كان منقطع النظير. ويقول مدير المشروع المهندس حسن المقداد لـ" الانتقاد" انه في الأيام الأربعة الأولى دخل المعرض أكثر من ثمانين ألف شخص. وبلغ عدد الوافدين نحو ألفي شخص في الساعة، وارتفع هذا العدد يوم الأربعاء الى 25 ألف زائر، أي بمعدل ثلاثة آلاف شخص في الساعة. ويضيف المقداد: " الحضور فاق التوقعات، لكننا كنا نعرف أن هذه حاجة مطلوبة للمستهلك والمنتج، لأن المعرض احد مرافق التسويق والتسوق".
ويقول المقداد: "ندرس اقامة وسائل أخرى لتسويق المنتجات، مثل الأسواق الدائمة التي أشار إليها الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في خطاب الافتتاح".
ويعتبر المقداد أن "المعرض تحول الى متحف ضم الكثير من مقتنيات التراث اللبناني الزراعي والحرفي وغيره من أسلحة الصيد القديمة والجيل الأول من العدة الزراعية وأواني الطهو والحراثة القروية".
معرض "أرضي" نقلة نوعية في النظرة الى ما يمكن أن تنتجه الأسرة الريفية ويتحول الى دخل لها يساعدها على مواجهة أعباء الحياة.. كما هو تشجيع للحرفيين قبل أن تندثر مهنهم وتتحول الى ذكرى. "أرضي" عودة ببساطة من رحاب المدينة وضجيجها الى زمان الضيعة.. وإلى موعد آخر.
مصعب قشمر
الانتقاد/ العدد1240 ـ 9 تشرين الثاني/نوفمبر2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018