ارشيف من : 2005-2008
نظرية الرفاعي: صيف وشتاء!
انتخاب كل من الرئيسين سليمان فرنجية والياس سركيس، و«قلّد» فريق من السياسيين اللبنانيين الفتوى الأميركية، وانضم إليهم اخيراً النائب الأسبق حسن الرفاعي بقوله: «واجب النواب حضور جلسة الانتخاب، وإلا كان امتناعهم محاولة للتعطيل. وإذ ذاك تطبق نظرية الظروف الراهنة التي تضفي الشرعية على انتخاب الرئيس بالنصف زائداٍ واحداً».
ما يهم من هذه الحلقات المتصلة ما يقوله النائب الأسبق حسن الرفاعي، لأن تقييم الآراء الدستورية التي يطلقها بعض السياسيين والدبلوماسيين في المرحلة الحالية، اصبح غير ذي فائدة نظراً لشذوذها الفاقع عن كل ما له علاقة بالبديهيات الدستورية.
وفي هذا المجال يمكن توجيه سؤال الى النائب الأسبق: لماذا تغيب عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي كانت مقررة في 21 ايلول سنة 1982 مثلاً، ولم يكن اسمه حتى من بين النواب المعتذرين؟
لن ننتظر جواباً منك لنؤكد أن غيابك كان للمساهمة في تعطيل الجلسة، لأنك لو كنت مريضاً او مسافراً لاعتذرت.
لا نشير الى هذه السابقة للنائب السابق لندين، لا سمح الله، إنما للقول إن المساهمة في تعطيل جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، هو من الحقوق المشروعة التي يمكن للنائب ان يمارسها. فالنائب يجل نفسه عن مخالفة الدستور، ولذلك فبمجرد ان تغيّب يمكننا القول إن غياب اي نائب للمساهمة بتعطيل جلسة الانتخاب هو أمر مشروع.
استناداً لهذه الثقة نستغرب تشريع الرفاعي تطبيق نظرية «الظروف الراهنة» على جلسة انتخاب الرئيس وانتخابه بالنصف زائداً واحداً. فنظرية الظروف الراهنة التي نعتقد انه قصد منها الظروف الاستثنائية تتطلب شروطاً للاستناد إليها وإلا اصبحت هرطقة وتحايلاً. فمثل هذه النظرية لا يمكن تطبيقها للالتفاف على فعل إرادي كفل الدستور للنائب حق الإقدام عليه. فما دام الغياب بهدف التعطيل غير ممنوع دستورياً، على الأقل لعدم وجود نص واضح او ضمني على ذلك، فكيف يمكن إجهاض فعالية ممارسة هذا الحق باستعارة نظرية لا يمكن الاستناد إليها؟
ولعل المسألة الاهم في هذا المجال، وحتى في حال التسليم جدلاً بوجود حالة «ظرف راهن»، كيف يمكن لنظرية ان تعدل الدستور لتجيز استكمال نصاب جلسة انتخاب رئيس البلاد بحضور اقل من الثلثين، وانتخاب صاحب الفخامة في دورة اولى بأكثرية مطلقة لعدم إمكان اجراء دورة انتخاب بوجود الثلثين؟
قد يكون ما قاله النائب السابق من اخطر ما قيل على لسان نائب سابق ومشرّع عرف بصولاته وجولاته الدستورية في مجلس النواب. ولهذا نسمح لأنفسنا بالقول للدستوري الصديق العزيز «إن غلطة الشاطر بألف».
المصدر : صحيفة السفير اللبنانية
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018