ارشيف من : 2005-2008
القدس في كتابات الرحّالة
حظيت القدس بما لم تحظَ به مدينة أخرى من كتابات الرحالة المسلمين والغربيين، وتملأ هذه الكتابات مجلدات تاريخية عديدة، هنا فقرات صغيرة منها.
عشية الحملة الفرنسية، زار الرحالة الانكليزي براون مدينة بيت المقدس، ولاحظ أن أسوار القدس في حالة جيدة، وهي مبنية من حجارة تميل الى الحمرة.. ودهش من إهمال كنيسة القيامة، وسقوط الثلج داخلها بسبب انهيار بعض الجسور الخشبية المصنوعة من خشب الأرز، وتهدم السقف في حين أن دير الأرمن كان في أحسن بناء ويتسع لألف حاج على ما يقول براون الذي قدر عدد سكان القدس بنحو عشرين ألفا يتكلمون اللغة العربية، وأكد مثل سابقه على أن صناعة الأدوات التذكارية كانت ناشطة.
وفي القرن السادس عشر، زار عالم النبات الفرنسي بيربيلون مدينة القدس، وقال في وصفها: أصبح لها منذ فترة قريبة أسوار عالية جديدة ولكنها ضعيفة البنية، والبيوت فيها مغطاة بشرفات على الأسطح، والمخازن في الأسواق الرئيسية مقببة كالاسكندرية، مع فارق أن قبب القدس، مبنية من حجارة منحوتة، كما أن الأسواق فيها مقببة.
وفي الفترة نفسها تقريبا، زار القدس جان شزنو الفرنسي، وكتب يقول:
ان القدس محاطة بسور بناه الأتراك، ولكن لا يوجد لها خندق. والمدينة متوسطة الحجم، وليست مكتظة بالسكان، وشوارعها ضيقة يصعب السير فيها بسبب مرتفعاتها.
أما الرحّالة المسلمون فكانت القدس قبلة أنظارهم ومهوى أفئدتهم ومقصدا لزياراتهم لما للمكان من قداسة، وانفاذا لوصايا الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بزيارة بيت المقدس، وأيضا لما للمكان من أبهة وجمال يستهويان الناظر ويأخذان بلبه.
وقد كتب الرحالة المسلمون عما شاهدوه في بيت المقدس واضعين ومسجلين انطباعاتهم الوصفية مشفوعةً بما تضفيه قداسة المدينة من إحساس عميق بالهيبة على زائريها.
ابن بطوطة، الرحالة الشهير، المتوفى سنة سبعمئة وتسع وسبعين للهجرة كتب بعد زيارته إلى القدس: "والبلدة كبيرة مبنية بالصخر المنحوت، ومنها بعدوة الوادي المعروف بوادي جهنم، في شرقي البلد على تل مرتفع هنا بنيه يقال انها مصعد عيسى عليه السلام إلى السماء".
ويصف خسرو المدينة بالقول: "هي مدينة مشيدة على قمة جبل، والمدينة محاطة بسور حصين من الحجر والجص، وليس بقربها أشجار قط، فإنها على رأس صخر، وهي مدينة أرضها مبلطة بالحجارة، والجامع شرقي المدينة، وسوره هو سورها الشرقي، وبعد الجامع سهل كبير مستو يسمى الساهرة، يقال إنه سيكون ساحة القيامة والحشر".
نكتفي بهذا القدر من عرض آراء الرحالة المسلمين والغربيين لنرى المكانة التي حازتها في كتاباتهم، كما لنتبين كيف أن القسم الأول ركّز على الجانب الروحي الإسلامي وإن لم يهمل الجوانب الأخرى كوصف المكان والناس، من هنا يمكننا أن نفهم السحر الذي تمارسه المدينة المقدسة على قلوب ملايين المسلمين الذين تهفو نفوسهم إلى زيارتها والمشي في أزقتها والتبرك بمسجدها ومعالمها الأثرية والروحية.
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018