ارشيف من : 2005-2008

القدس في اليوم الموعود: بوابة الإسلام على العالم

القدس في اليوم الموعود: بوابة الإسلام على العالم

خَصَّ القرآن الكريم القدس (المسجد الأقصى)، وما حوله من الأرض بآية عظيمة، من سورة الإسراء التي هي من أوائل السور التي نزلت على النبي محمد (ص) في مكة، وهي قوله تعالى: " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ" (الإسراء: 1).
تضمَّنت هذه الآية حقائق عديدة كبيرة أهمها:
ـ أن الله تعالى أراد أن ينبّه إلى الارتباط الوثيق بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى فيما يكون لهما من أثر في حياة المسلمين، وفي مستقبل الإسلام.
ـ أن الله تعالى أراد أن ينبّه إلى أن أرض مكة التي فيها المسجد الحرام قد شهدت ولادة الإسلام، وأن أرض فلسطين التي فيها المسجد الأقصى سوف تشهد انتشار الإسلام.
ـ أن الله تعالى أراد أن ينبّه إلى أن المنطقة التي يقوم فيها المسجد الأقصى وما حولها قد جعلها محلا لبركته وعنايته، لأنها أمكنة تنطلق منها الأحداث التي تحقق وعد الله بأن يكون الإسلام ظاهراً على الأديان كلها.
ـ أن الله تعالى أراد أن ينبّه المسلمين من خلال الانتقال المباشر من حادثة الإسراء إلى ذكر بني إسرائيل في سورة الإسراء والحديث عن علوّهم في الأرض وإفسادهم الكبير فيها إلى أن هؤلاء سوف يكون لهم دور كبير في المنطقة الواقعة جغرافياً بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، لكي يأخذ المسلمون حذرهم، ويعدّوا لهم أنفسهم وما يستطيعون من قوة ومن رباط الخيل.
إنّ بعض أسرار هذه الآية وما تلاها من الآيات التي تتحدّث عن بني إسرائيل قد انكشفت لكلّ ذي بصيرة، ولكلّ مَنْ يهتم بالقضية الفلسطينية. فعلى صعيد أرض فلسطين التي فيها المسجد الأقصى تشهد هذه الأرض مقاومة انطلقت  من المسجد الأقصى، وما زالت مستمرّة إلى هذا اليوم، وقد عمّت بركاتها الأراضي الفلسطينية بأكملها.
ومن حول فلسطين، انطلقت المقاومة الإسلامية في لبنان، محققة انتصارات عظيمة على الكيان الإسرائيلي. بل إن هاتين القوّتين المقاومتين عبرتا حدود فلسطين ولبنان إلى ما حولهما من بلاد الشام، ووصلت بركاتهما إلى جميع المسلمين في العالم من عرب وغيرهم فاستفاقوا من نومتهم وغفلتهم وبدأوا يعون أنّ القدس هي قلب الإسلام، وأنه يجب عليهم أنّ يضخّوا من دمائهم في هذا القلب ليبقى جسد الإسلام حيّاً قائماً على قدميه في مواجهة التحديات المصيرية وأخطار الوجود التي تهدده من قبل الصهيونية وحاضنتها الولايات المتحدة الأميركية.
إن مكر الله أعظم من مكر أعداء الإسلام، وإنْ كان مكرهم لتزول منه الجبال. لقد جعل الله القدس والقضية الفلسطينية قلب الإسلام وضمير الأمة، فكلما ضعفت الأمة الإسلامية بسبب شدة الهجمات الموجهة ضد دينها ونبيّها(ص) وبسبب  قوة المؤامرات التي تستهدف كيانها، تحرك القلب (القدس) ليضخ في جسد الأمة من دمائه دماء الحياة التي تمدّها بالقوة اللازمة على البقاء والاستمرار والثبات. وكلما خمدت جذوة ضمير الأمة، وظنّ عدوها أنها أصبحت مجرّد قطعان أغنام، تنام على الذلّ وترتضي الهوان وتقر الضيم والخسف، تحرك القلب (القدس) مجدّداً، ليضخّ في ضمير الأمة من ثبات المقاومة سرّ الدوام والاستمرار.
لقد شاء الله أن تكون القدس بؤرة نزاع متفجّر من حينٍ لآخر بين المسلمين واليهود ومن ورائهم كل طغاة العالم إيذاناً باقتراب المعركة الكبرى الفاصلة وعلى أرض القدس نفسها بين المستضعفين في الأرض وقوى الاستكبار المستمرة منذ فجر التاريخ وذلك في الوقت الذي يأذن سبحانه لوليّة قائم آل محمّد (ص) الحجة المنتظر(عج) بالخروج تحقيقاً لوعده تعالى في بسط العدل التام على مدى الارض بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.
 وفي ضوء هذه الحقيقة الساطعة ندرك بوضوح سرَّ حركة الإسراء بنبيّ الإسلام محمد (ص) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم من المسجد الأقصى إلى السماء، وندرك أيضاً سر الأمر الإلهي للمسلمين بالتوجه إلى القدس في صلاتهم، فكانت القِبلة الأولى لأكثر من ثلاث عشرة سنة، وندرك أيضاً سرَّ إخبار النبيّ المسلمين في أحاديث رُويت عنه أنه سوف يكون في بيت المقدس وأطراف بيت المقدس رجال ما يزالون ظاهرين على الحق حتى يتحقق وعد الله تعالى في جعل الإسلام ظاهراً على الأديان كلها، وندرك أيضاً معنى الحديث المروي عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): "إن أول من يبايع القائم (المهدي) (عليه السلام) جبرئيل (عليه السلام)... ثم يضع رجلاً على بيت الله الحرام، ورجلاً على بيت المقدس، ثم ينادي بصوت ذَلِق تسمعه الخلائق: أتى أمر الله فلا تستعجلوه"، وندرك أيضاً معنى الأخبار المروية عن رسول الله (ص) التي يخبر فيها أنّ حفيده "المهدي (عج)"  يأمر - بعد أن يأذن الله له بالخروج لإقامة العدل في الأرض - بتحرير القدس من قبضة الكيان الصهيوني، وأنه يتوجه إليها بعد تحريرها، ويصلي فيها أول صلاة رسمية له، تُنْقَل إلى جميع أنحاء العالم.
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007 

2007-10-05