ارشيف من : 2005-2008
يوم القدس العالمي : مأثرة للدفاع عن القضية الفلسطينية وعروبة القدس
لا شك في أن انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بزعامة سماحة الإمام القائد الخميني رحمه الله كان أكبر من الثورة ليشكل تحولا عالميا ومفصلا تاريخيا ما بين عصر التبعية للاستكبار الصهيوني الأميركي وعصر التحرر والاستقلال الوطني، بعدما تحطمت أعظم امبراطورية في الشرق وشلت أعظم ركائز تحالف الشر العالمي الصهيوأميركي ونقل الشعب الإيراني العظيم من دائرة التبعية للعدو إلى الدائرة الوطنية التحررية والإسلامية المقاومة والانتصار للقضايا الإسلامية والتحررية العالمية العادلة، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي حازت مكانة مميزة وهامة في قلب وعقل الإمام القائد (قده)، الذي أطلق العنان لمآثره الجهادية والأخلاقية التي تمثلت في إعلان يوم القدس العالمي بعدما وضع كل الأمور في نصابها أمام العرب والمسلمين ليتحملوا المسؤولية الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام وقضية القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين بشكل خاص، وذلك بتاريخ السابع من آب عام 1979.
وفي الحقيقة لم يكن غريباً ولا مستغرباً على سماحة الإمام القائد الذي تعايش مع القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني المظلوم منذ عهد الانتداب البريطاني الذي أسس لاغتصاب فلسطين وإعلان الكيان الصهيوني المصطنع عام 1948 والاستكبار العالمي بموجب وعد بلفور المشؤوم الذي استند للمشروع الاستكباري العالمي الممثل في اتفاقية سايكس بيكو سيئة الذكر التي اصطنعت الحدود الوهمية بين أبناء الأمة الواحدة.
ولم يكتف سماحة الإمام القائد بهذه المأثرة الجهادية بل ترافقت معها جملة من المآثر الأخلاقية وفي مقدمتها إسقاط العلم الصهيوني عن وكر التجسس العالمي الممثل في سفارة العدو الصهيوني ورفع العلم الفلسطيني وتحويل هذه السفارة إلى أول سفارة لدولة فلسطين في تاريخ الصراع العربي الصهيوني.. كما اعتبر الكيان المصطنع في فلسطين المحتلة غدة سرطانية يجب إزالتها من الوجود بالقوة ليستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية والتاريخية في أرض فلسطين كل فلسطين وعاصمتها القدس الأبدية.
لذلك فقد تجاوزت هذه المآثر الجهادية حدود الجمهورية الإسلامية إلى مختلف بلدان العالم لتصبح منهجاً أممياً تتبناه كل الشعوب المقاومة وحركاتها التحررية العالمية، وأصبحت في جوهرها ومضمونها مشروعاً تحريرياً يقرع جرس الإنذار من أجل تشكيل تحالف عربي إسلامي جهادي لمواجهة تحالف الشر الاستكباري الصهيو أميركي العالمي وأذنابه وكل مشاريعهم ومخططاتهم الاستعمارية القديمة الجديدة، وفي مقدمتها اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية التي أخرجت أكبر دولة عربية من الصراع العربي الصهيوني وأسست لجملة من الاتفاقيات التي استجابت للشروط والإملاءات الصهيونية وكانت امتداداً طبيعياً لاتفاقيات أوسلو ووادي عربة الاستسلامية التصفوية سيئة الذكر.
وبرغم أن القدر غيب الإمام القائد عن الأمة، لكن مفاعيل وتفاعلات الثورة الإسلامية استمرت بقيادة سماحة الإمام علي الخامنئي وعلى نفس المنهج والمبدأ الثوري الخلاق في دعم ومساندة قضايا الأمة العادلة، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي تتعرض اليوم لمحاولات صهيوأميركية لتصفية الحقوق الوطنية والتاريخية الثابتة مستغلين حالة الانقسام الخطير بين أبناء الشعب الواحد وتداعياته في غزة والضفة الغربية المحتلة، وذلك من خلال المبادرات الصهيوأميركية التي ترافقت مع تحركات السلطة الفلسطينية وبعض الأنظمة العربية المهرولة التي تمهد لعقد ما يسمى بمؤتمر الخريف الذي يعتبر حاجة صهيونية أميركية للخروج من المأزق الأمني والسياسي والاقتصادي المتفاقم الذي فرضته عليهم المقاومة الباسلة بصمودها الأسطوري من فلسطين إلى لبنان إلى العراق بدعم ومساندة كل شرفاء الأمة، وفي مقدمتهم سوريا والجمهورية الإيرانية الإسلامية.
ولم تكن اللقاءات السرية والعلنية لبعض رموز السلطة الفلسطينية مع العدو الصهيوني إلا مقدمة لتحقيق هذا المشروع التصفوي تحت يافطة ما يسمى إعلان مبادئ أو تفاهمات حول ما يسمى قضايا الحل النهائي كما يزعمون، والوصول الى دويلة في معازل مغلقة وفي حدود مؤقتة كما يحلمون تستجيب للشروط والإملاءات الصهيوأميركية التي تتعمد تحقيق أي انتصار وهمي للمزيد من تضليل الرأي العام الشعبي الأميركي بشكل خاص والرأي العام العالمي بشكل عام.
وفي الحقيقة لم يكن هذا المشروع الا امتداداً طبيعياً لاستهداف قوى الصمود والممانعة العربية والإسلامية وفي مقدمتها سوريا والجمهورية الإيرانية الإسلامية ومكتسباتها وإنجازاتها الثورية المتعاظمة التي تحققت بفضل صلابة وصمود الشعب الإيراني وقيادته التاريخية التي حققت خلال فترة زمنية قياسية انجازات مهمة على الصعيد العلمي والتقني والعسكري والاقتصادي والثقافي والصناعي، الأمر الذي أفقد الإدارة الصهيوأميركية صوابها وتوازنها، وخاصة بعدما أن امتلك الشعب الإيراني برنامجاً نووياً للأغراض السلمية أصبح بعرفهم وقوانينهم الخطر المباشر على الأمن القومي الأميركي كما يزعمون، متجاهلين بشكل فاضح المفاعلات النووية العسكرية الصهيونية التي تمتلك مئات الرؤوس والصواريخ النووية للتدمير الشامل، التي تهدد الأمن والسلام العالمي بشكل عام والأمن القومي العربي والإسلامي بشكل خاص.
أما البرنامج النووي الإيراني فهو لا يتجاوز حدود الاستخدام للأغراض السلمية لخدمة أهداف الشعب الإيراني الذي قدم التطمينات لمعظم دول الجوار، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ووضع هذه التكنولوجيا السلمية تحت تصرف هذه البلدان وشعوبها للاستفادة منها في مختلف المجالات الحياتية، وهذا سبب كافٍ لإزعاج تحالف الشر الصهيوني العالمي بقيادة المجرم بوش الذي تعمد محاصرة هذه الإنجازات والمكتسبات الثورية الإيرانية في حدود معينة حتى لا يستفيد منها الشعب الإيراني والشعوب المجاورة الأخرى، من خلال الفرض على معظم الأنظمة العربية المهرولة والأنظمة الأوروبية التابعة الضغط على الأمم المتحدة لإصدار قرار لمعاقبة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمحاصرة كما يحلمون برغم الاتفاق بين الجمهورية الإسلامية وهيئة الطاقة الذرية الدولية على البرنامج السلمي الإيراني.
وبرغم سياسة التهديد والوعيد واستعراض القوة العسكرية الإجرامية المعادية ضد قوى الصمود والممانعة والمقاومة العربية والإسلامية لكل المشاريع والمخططات الصهيوأميركية لم تهتز هذه القوى للتهديد والوعيد، وفي مقدمتها الشعب الإيراني المقاوم بقيادته التاريخية التي امتلكت ارادة الصمود والمقاومة والإمكانيات والتحالفات المبدئية التي ستحطم كل الأطماع الاستعمارية القديمة الجديدة في المنطقة، وخاصة ان الإدارة الصهيوأميركية تعاني من مأزق أمني جدي في العراق وفي أفغانستان، ومن مأزق اقتصادي وسياسي على الصعيد الداخلي الأميركي والصهيوني بسبب الهزائم التي فرضتها عليهم قوى المقاومة التي مرغت أنف جنرالاتهم في الوحل العراقي والفلسطيني واللبناني والأفغاني، وخاصة بعد هزيمتهم المنكرة في جنوب لبنان وقطاع غزة الصامد.
لهذا فهي تشعر بقرب انهيار كل مشاريعها وأطماعها الاستعمارية القديمة الجديدة، وفي مقدمتها النظام الشرق الأوسطي الكبير، وهذا سبب كافٍ لانفلات الإدارة الصهيونية الأميركية للضغط على معظم الأنظمة العربية المهرولة وحلفائها في العالم لقلب معادلة الصراع في المنطقة من صراع عربي صهيوني الى صراع عربي ـ ايراني، وهذا مقدمة لإطلاق العنان لمشروعها العدواني والمغامرة في تصدير أزمتها الداخلية واستهداف إيران أو سوريا في حرب مباشرة أو من خلال الوكلاء. ولم يكن العدوان على سوريا في النصف الأول من الشهر الماضي إلا رسالة جدية للأمة العربية والإسلامية تشكل مقدمة لعدوان كبير تستهدف قوى الصمود والممانعة العربية والإسلامية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بعد اعتبار قطاع غزة كياناً معادياً للكيان الصهيوني، بدعم ومباركة وزيرة الخارجية الأميركية رايس، واتخاذ الكونغرس قراراً اجرامياً لا يقل همجية عن قرار إعلان الحرب على العراق لاستكمال هذه الجريمة بتقسيم العراق الى ثلاثة أجزاء كما يحلمون.
وفي هذا السياق لا بد من حشد كل الطاقات والإمكانيات العربية والإسلامية والتحررية العالمية لبناء جبهة عربية إسلامية مقاومة وممانعة لدعم ومساندة الجمهورية الإسلامية وسوريا ومواجهة أي عدوان صهيوني أميركي، سواء كان مباشراً أو بالوكالة.
وبهذه المناسبة لا بد من أن أحيي صمود وصلابة كل قوى الصمود والممانعة العربية والإسلامية وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني المقاوم في فلسطين وكل فلسطين، والمقاومة الأسطورية الباسلة في لبنان بقيادة حزب الله المجاهد، وسوريا الصمود قلب العروبة النابض والجمهورية الإسلامية بقيادتها التاريخية الممثلة في سماحة السيد علي الخامنئي المرشد العام للثورة الاسلامية، وسعادة الرئيس احمدي نجاد الذي أحرج تحالف الشر الصهيوأميركي في عقر داره عندما دافع عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الشعب الفلسطيني في أرض وطنه بشكل خاص.
الانتقاد/ العدد 1235 ـ 5 تشرين الاول/اكتوبر 2007
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018